تحت شعار "ألف فرس وفرس" تنظم مدينة الفقيه بن صالح موسمها السنوي الحادي عشر، على إيقاع أصوات البارود، وصهيل الخيول، وتكبيرات الفرسان، والإيقاعات الصاخبة، والسهرات المتنوعة في الهواء الطلق، التي تحضرها مجموعات غنائية شعبية من مختلف ربوع المملكة.. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بإلحاح: هل هذا هو الفتح المبين الذي ينتظره شباب المدينة خاصة والناس عامة؟ وهل جاءت هذه الاحتفالات نتيجة كثرة التساقطات على البلاد أم إثر انخفاض في غلاء المعيشة أم ماذا؟ أم أن "العريان" اختار "الخاتم" كما في المثل المغربي، لا أتحدث عن العري الذي تعاني منه المدينة على جميع المستويات كالعري في البنيات التحتية (من شوارع وأزقة..)، والعري الثقافي الذي تعاني منه الخزانة البلدية، التي لا تتوفر على أبسط المراجع والمصادر التي يجب أن تتوفر في كل بيت، بالأحرى في خزانة عمومية، بالإضافة إلى غياب دار للثقافة ولمسرح بلدي... وتحت شعار "الحكرة الأبدية" يعض شباب المدينة وعقلاءها الأنامل من الغيض وهم ينظرون إلى المال العام وهو يبذر ويصرف في غير محله، ويتساءل البعض أليس من الصواب أن يصرف هذا المال في خدمة الصالح العام للمدينة وذلك بخلق مشاريع تنموية -في انتظار قطار التنمية البشرية الذي لم تعبد له الطريق إلى مدينة الفقيه بن صالح وكأن هذه المدينة تقع في أرض أروبية "ماخاصها حتى خير"، وجلب الاستثمار بخلق بيئة مناسبة له، و إيلاء البعد الاجتماعي والتوعية أهمية كبرى. ولابد من الإشارة إلى أن مثل هذا التبذير لن يؤدي إلا إلى تصاعد حدة البطالة، والفقر واستفحال مظاهر الإقصاء، والانحراف. فلما ضاق بنا المقام، واتسع الرقع على الراقع، ركبت وأصدقائي سفينة الهزل.. تكلم أحدنا في ثقة زائدة بعلم الأسرار وخبايا الأمور وسبر الأغوار، وقال بأن فحوى كلامه سري، يتعلق بتدبير المال العام في مدينة "الطاليان"، قال بأنه عند مناقشة الميزانية المتعلقة بالموسم "شاطت ليهم ربعة المليون، فتساءلوا: آش غادي نديرو بيها؟ فأجاب أحد أعضاء المجلس في ذكاء ينم عن حسن تدبير وكأنه عثر على الجزيرة المفقودة "نشريوها نعناع للموسم"، لينفجر الأصدقاء ضاحكين ..لكنني سرعان ما أقبرت ابتسامتي عندما تذكرت أن الأسعار ألهبت الجيوب بعد القلوب. فها هم مسؤولو المدينة يستعرضون انجازاتهم الخيالية التي بنيت فوق كاهل السراب، وها هو الموسم يفتح وسرعان ما يغلق الأبواب لتبقى الأسئلة معلقة من دون جواب.