فلترقدي في سلام أيتها النفس المطمئنة... فلترقدي في سلام بعد أن فارقت جسد إنسان ليس كغيره من بني جنسه، إنسان سخر طاقته، وقته، ماله، تفكيره وموهبته لقضية اسمها القضية الأمازيغية، إنسان ذو حس مرهف اتخذ الألوان والريشة لغة لمخاطبة غيره، انسان يوثر على نفسه ليزرع الأمل ويرضي طموح الغير، إنسان يؤمن بالعزيمة ولا يمل من طرد اليأس من النفوس. موحند...ذلك الرجل الذي يعني اسمه الكثير لكل الشرفاء، وخاصة لطلاب الجامعات عبر ربوع المغرب، صال وجال عارضا تحفه الفنية التي اختار لها قلوب المؤمنين بقضيته، تحف فنية تيمتها لا تكاد تزيغ عن "الحرية"...تلك الحرية التي ظل موحند يبحث ويدافع عنها حتى اختطفته يد المنون وأتاه اليقين، تحف فنية آثر الراحل أن يضعها رهن إشارة أنشطة الطلاب في جامعاتهم والمناضلين في جمعياتهم، وحرمانها،رغم قيمتها الفنية العالية، من أروقة معارض المال والأعمال والأضواء، ليس لغناه بل لعفافه وجعله الفن تلك الرسالة التي تعتبر غاية لا وسيلة. موحند...ذلك الاسم الذي استطاع أن يلج القلوب دون استئذان وأن ينقش اسمه في سجل النضال الشريف، نضال الجسد والروح، نضال العقل والعاطفة، نضال القول والفعل. شاء القدر أن يغادرنا المرحوم على حين غرة بعد أن نال منه المرض، بعد أن ارتوينا نحن من أمل شفائه الذي لم يكتب. الأمل، ذلك الشعور الذي اتخذه فقيدنا سلاحا لمواجهة سقمه بعد أن اتخذه رسالة يغرسها في نفوس الشباب على وجه الخصوص. أهناك أشرف من مناضل أوصى أهله بوضع علمه الأمازيغي على نعشه؟؟ لا أظن. إنها لغة التحدي الذي لا يموت، لغة الإيمان القوي بعدالة قضية، إيمان يتجاوز الوسيلة والمصلحة بل وحتى الحياة. سرنا وراءك في موكب حزين، تبعناك حتى مثواك الأخير، تأثرنا لهول المشهد، دمعت أعيننا لقتامة المنظر، حزنت قلوبنا أشد الحزن وقد أبت أفئدتنا أن تودعك كما فعلت أعيننا التي استسلمت أمام قساوة القدر. كان الجو مكفهرا وباردا مساء وداعك الأخير لنا، إلا أننا أحسسنا بحرارة حارقة تنبعث من أعماقنا لتغزو أجسادنا المنهكة. عدنا اذا من دونك، مشدوهين، مرعوبين ويائسين،استأثر بنا اليأس في رحيلك، ونال منا الضعف بفراقك، قصدنا بيتك الذي آواك دون أن يأوي طموحك وأملك، هناك التقينا بأعز مخلوق تملكه، إنها أمك التي أبكتنا بقوة تحملها، بجميل صبرها ورباطة جأشها، أحسسنا ونحن بين أيديها أننا مدعوون إلى الافتخار بك وبرصيدك، لا أن نبكيك بدموع لن تغير من الأمر شيئا. أرقدي في سلام أيتها النفس الزكية الطاهرة.