في إطار الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة والذي يصادف ثالث خميس من شهر نونبر كل سنة، نظم نادي ابن رشد للتربية على المواطنة وحقوق الانسان والنادي الثقافي بثانوية الحسن الأول التأهيلية بتاكلفت ندوة علمية تحت شعار " ثقافة الحوار من منظوري الفلسفة والدين " وذلك يوم السبت 23 نونبر 2013 بالمؤسسة. افتتح هذا الاحتفال من طرف رئيس المؤسسة الأستاذ حميد خويا علي مرحبا بالحضور الذي أتى به الشوق للمشاركة في الاحتفال بعيد محبة الحكمة، ومنوها بالدور الذي تقوم به الأندية التربوية بالمؤسسة في تأطير التلاميذ، ومتحدثا بالمناسبة عن تلك العلاقة الجدلية بين الفلسفة والدين ودورهما في تكريس مبدأي الحوار والاختلاف. كما تناول الكلمة كل من ممثل نادي ابن رشد وممثل النادي الثقافي مرحبان بالحضور ومنوهان بالدور الريادي الذي تقوم به الإدارة التربوية في تشجيع مثل هذه المبادرات والتي من شأنها الرفع من جودة العملة التعليمية التعلمية في حدود إمكاناتها. هذه التظاهرة الفلسفية التي تنظم احتفالا باليوم العالمي للفلسفة عرفت مائدة فكرية استهلها الأستاذ محمد الغرباوي مدرس الفلسفة بالمؤسسة بالحديث عن خصائص ومميزات الحوار السقراطي نسبة إلى الفيلسوف اليوناني سقراط ( 399 – 469 ق م )، حيث تحدث الأستاذ أولا عن قصة هذا الأثيني وعن ظروف وملابسات إعدامه بتهمة إفساد عقول الشباب الأثيني قبل أن يتطرق إلى منهجه الفلسفي القائم على التهكم والتوليد. فالتهكم السقراطي كما جاء في مداخلة الأستاذ نشأ من اكتشافه – سقراط – لجهل الآخرين وعدم معرفتهم بحقيقة الأشياء التي يتحدثون عنها، حيث كانت حكمته وفضيلته في أنه كان يدعي أنه يجهل الحقيقة بينما كان الآخرون يدعون المعرفة وهم جاهلون بها. أما التوليد فيعني توليد الأفكار من عقول الشباب بالاعتماد على الحوار القائم على طرح أسئلة منظمة على المتحاورين بغية التذكر و الوصول إلى حقيقة الأشياء على اعتبار أن المعرفة تذكر والجهل نسيان على حد تعبير أفلاطون. فأم سقراط كانت ولادة تولد النساء وسقراط كان يولد الأفكار من عقول الشباب. أما الأستاذ طارق فالح أستاذ التربية الإسلامية بالمؤسسة فقد تطرق إلى القواعد الحوارية المنطقية في الحجج القرآنية، مشيرا إلى أن الخطاب القرآني هو خطاب عقلي موجه إلى أصحاب العقول، مبينا أن الشرع هو عين العقل باعتباره هو من حرر العقل الإنساني من الأوهام والقيود وفتح له الأبواب من أجل التعقل والتدبر والتفكر في خلق الله، متطرقا كذلك بالعرض والتحليل إلى القواعد الحوارية ومطبقا إياها على بعض الآيات القرآنية وهي: قاعدة التقسيم العقلي القطعي، وقاعدة إثبات النقيض بواسطة المقدمات والنتيجة، وقاعدة القياس الشرطي المتصل وتسمى أيضا قاعدة الإبداع، ثن قاعدة القياس الافتراضي. هذه الأمسية الفكرية عرفت مشاركة الأستاذ مصطفى بويخامون مدرس اللغة العربية بنفس المؤسسة بمداخلة عنونها بالحوار والحجاج وتدبير الاختلاف في الخطاب القرآني، متحدثا عن العلاقة بين الحوار والحجاج والاختلاف، على اعتبار أنه لولا الاختلاف لما كان الحوار، ولولا الحوار لما كان الحجاج، مؤكدا على أن اللغة الحوارية هي اللغة المهيمنة في الخطاب القرآني. كما تطرق الأستاذ في مداخلته إلى أهمية الحوار في تدبير الاختلاف، مبينا أن الحوار هو أفضل وسيلة للتعلم واكتساب المعارف، وهو كذلك وسيلة لتربية الأبناء، إلا أن الحوار لن يكون إيجابيا إلا بالتحلي بأدبيات الحوار المتجلية في الإصغاء إلى المحاور واتباع المرونة أثناء الحوار مع الإيمان بوجود الاختلاف. الأستاذ محمد لكحل بدوره ساهم بمداخلة حول ثقافة الحوار في زمن الانترنيت، مبينا من خلالها الأهمية التي تحظى بها شبكة الأنترنيت في عملية الحوار والتواصل والتعارف بين القبائل والشعوب، حيث أصبح معها العالم عبارة عن قرية صغيرة جدا. كما أشار الأستاذ كذلك إلى بعض القنوات العنكبوتية الحوارية متحدثا عن " الفيسبوك " و " التويتر " و " الهوتمايل " و " السكايب "... معرجا على بعضا من الحوارات الالكترونية الأخرى: كالحوار الديني، الحوار السياسي، الحوار الرياضي، الحوار التجاري أو ما يسمى بمراكز النداء ثم الحوار الوجداني العاطفي. في حين تحدث الأستاذ احمد الغازي مدرس مادة الاجتماعيات ومدرب معتمد في التنمية البشرية في مداخلته على كيفية الحوار منطلقا من سؤال كيف نتحاور؟ حيث تناول بالعرض والتحليل قواعد الحوار الناجح والمتجلية في إخلاص النية – النية في الحوار – واختيار بيئة سليمة للحوار يؤخذ فيها بعين الاعتبار مكان وزمان الحوار مع وجود تكافؤ بين المتحاورين، مع التحلي بقيم الحوار المتمثلة في الصبر والأمانة والعفة والتسامح، مع إتقان فن الإصغاء مع مناقشة الأفكار دون الأشخاص، وهذا كله لن يتأتى إلا بامتلاك الجرأة. واختتمت أشغال الندوة بتوصيات اليوم العالمي للفلسفة وهي كاتالي : * على الجهات الرسمية الوطنية والجهوية والاقليمية إشاعة ثقافة الحوار ونشر قيم التسامح والحوار والمحبة والتفاهم. * نلتمس نحن المشاركين في ندوة الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة تادلة- أزيلال والنيابة الاقليمية لوزارة التربية الوطنية الاهتمام بمثل هذه المواضيع ودعمها ماديا أو على الأقل معنويا نظرا لأهميتها في التوعية والتثقيف، مع عدم التمييز بين المؤسسات التعليمة التابعة لنفوذهما. * يجب على الجهات المسؤولة عن قطاع التعليم رد الاعتبار للمدرسة العمومية باعتبارها فضاء خصبا للتنشئة السوية. * نداؤنا إلى كل الشركاء ( جمعية الآباء – المجلس الجماعي – السلطة المحلية...) التحفيز على القيام بمثل هذه الأنشطة لما فيها من خير لأبناء المنطقة.