قام وزير المالية بتقديم مشروع قانون المالية 2014 أمام البرلمان هذا الأسبوع، والحقيقة هو أن المشروع لا يستحق أصلاً أي تقديم لأنه لم يأتي بأي جديد يذكر، ويمكن لأي مواطن مغربي بسيط أن يعطيك العناوين الرئسية للمشروع. زيادة في الضرائب ورفع الأسعار، خفض عدد المناصب المالية العام المقبل، خفض ميزانية الإستثمار العمومي، خفض ميزانية الدعم … هذا كل ما جاء به المشروع. وصراحةً لا أفهم سبب انضمام الأحرار للحكومة، وخروج الاستقلال منها، وتوقيف البلد لمدة ستة أشهر، إذا كان الهدف في النهاية هو الإتيان بقانون مالية لا يختلف في شيء عن القوانين المالية السابقة والتي اوصلت البلد إلى ما هي عليه اليوم. لكن على ما يبدو فإن رئيس الحكومة استطاع أن يجد لنفسه هدفاً وسط الأزمة التي خلقها منذ قدومه، والهدف بسيط وواضح وهو « تعميق الأزمة وخنق المغاربة البسطاء ». أول خلاصة بعد قراءة مشروع ميزانية العام القادم : - رئيس الحكومة ووزراء الحكومة لا يقرأون تقارير مؤسسات الدولة، واليوم أنا جد متأكد بأن السيد رئيس الحكومة لم يقرأ التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي وصف الداء وأعطى الدواء بعيداً عن مزايدات الأغلبية والمعارضة. ثاني خلاصة : - لا يجب على المغاربة أن ينتظروا الجديد في السنة المقبلة، لأن الحكومة اليوم لا يعنيها سوى الوصول إلى الأهداف التي يحددها صندوق النقد الدولي، وبالتأكيد على ظهر الفقراء والطبقة المتوسطة. ثالث خلاصة وهي خلاصة قديمة جديدة : - المشكل ليس مشكل « حل »، بل مشكل « فهم ». وبعد قراءة مشروع القانون نفهم بسهولة بأن الحكومة تدور حول المشكل ولا تجرؤ على لمسه. والمشكل الذي يجب أن يفهمه المسؤولون اليوم هو مشكل « نموذج النمو » المعتمد والذي أثبت محدوديتة، ولم يعد يخلق الثروة. والحكومة عاجزة عن إبداع نموذج نمو جديد، يرتكز بالأساس، بالإضافة إلى السياحة والفلاحة والصناعة، على قطاعات جديدة منتجة للثروة لم يتم استغلالها بتاتاً إلى حدود الساعة (الرياضة والثقافة والسياحة الداخلية مثلاً). وبما أن وزراءنا غير قادرين على الإبداع، لأنهم أساساً في الغالب تم اختيارهم حسب معايير ترضية الخواطر وليس حسب برامج وخبرات، فيبقى البحث عن الحل الأسهل هو الملجأ الأخير لتغطية هذا العجز. والحل الأسهل اليوم هو فرض المزيد من الضرائب ورفع الأسعار، وخفض الدعم وتوقيف المشاريع السوسيو-اقتصادية بخفض ميزانية الإستثمار العمومي، مع أن البلد أحوج ما يكون إلى المدارس والمستشفيات والإدارات والطرق والموانئ والمطارات والجامعات والأحياء الجامعية والأحياء السكنية الجديدة وجميع أنواع البنيات الأساسية. خلاصة القول : « لي ماباعش حوايجو من قبل غادي يبيعهم هاد العام باش يعيش ». لكن الذنب ليس ذنب بنكيران، وانما ذنب من أعطى فرصة ثانية لبنكيران بعدما كان على شفى حفرة من الإنهيار. الآن، بنكيران يعرف بالوضوح التام من أنقذه وليس هناك أي حرج في الإنتقام من الشعب. ذلك الشعب الذي سبح فوق موجته، ليتقاضى اليوم هو ووزراؤه وبرلمانييه أجوراً سمينةً، يدفعها المواطن البسيط من قوت عياله.