وقع تغيير منذ سنوات في العلاقات الدولية،تمثل في فقدان الاتحاد السوفياتي ( روسيا حاليا ) وضعية قوة عظمى. واستولت الولاياتالمتحدة وحدها على دور الزعامة .ومن تمت أصبح النظام الدولي أحادي القطب ، رغم أنه بقي ثنائي القطب استراتجيا وعسكريا ، ومتعدد الأقطاب على الصعيد الاقتصادي بتأكيد قوة كل من الاتحاد السوفياتي والمانيا واليابان . تسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية جاهدة، لتبقى القوة العظمى الوحيدة . بالسعي لتملك الوسائل القادرة عن منع إعادة بناء أية قوة عظمى في الشرق الأقصى ، ومنع حلفائها من معارضة هيمنتها، أو مقاومتها لتحتفظ بالسيادة حصرا ، وبشكل مطلق . وعلى أن تكون قادرة على التدخل في أي مكان في العالم. إن فحوى النظام الدولي وقلبه النابض هو السلام الامريكي ،حيث تتبلور العلاقات الدولية وفقا للرغبات الامريكية . وهكذا بدات الولاياتالمتحدة تتصرف كدركي العالم . وتزكي ذلك رغبتها في فرض قوانينها بالقوة في كل بقاع العالم. وإذا كان النظام أحادي القطب عن الصعيد العسكري والسياسي ، فإنه متعدد الأقطاب إقتصاديا ( اليابان – الإتحاد الأوربي – الصين ) .فاليابان تبقى القوة الاقتصادية العالمية الثانية خلف الولاياتالمتحدة ، كما أنها تعتبر المانح الاول للمساعدات في العالم . وأوربا تشكل أكبر سوق عالمية ، تستحود على أكبر نسبة من التجارة العالمية .أما الصين والتي عملت عن الدمج بين الاشتراكية والتعاليم اللبرالية ، فقد استطاعت تحقيق معدل تنمية سنوية بحوالي 9 % ، وتتوفر على ثالث أكبر معدل للدخل القومي بعد الولاياتالمتحدةالأمريكيةواليابان ، وتتوفر على قوة عسكرية وتقنية ضخمة ، بالإضافة إلى كونها عضو دائم بمجلس الأمن، بل إن البعض يعتبرها أكبر قوة رأسمالية في السنوات المقبلة . إن المؤشرات الاقتصادية تشير بشكل أو بأخر إلى تراجع دور أمريكا المستقبلي . وهذه الأمثلة للقوى التي بدأت تنافس الولايات على زعامتها الاقتصادية ، بدأت تظهر لنا مخاطر ومشاكل مستجدة ، لم تعد للقوة العسكرية فيها أي دور كالرهانات البيئية والمخدرات وتبيض الأموال والإرهاب والأوبئة الخطيرة ومشكل الأقليات والجريمة المنظمة ... فالعامل العسكري ليس هو العامل الوحيد أو الأساسي في تحقيق قوة الدولة، بل تنضاف إليه عوامل أخرى. فمفهوم القوة العظمى أصبح مفهوما ثلاثي الجوانب اقتصادي، سياسي، وعسكري. يبدو إستفزازيا التسائل عن دور لدول العالم الثالث ، ليس في صياغة وبلورة معالم هذا النظام، بل على الأقل في دورها داخله. فدول الجنوب تشكو من الاعتداءات الخارجية ضدها ، ومن صراعها مع الشمال. فالعديد من دول أمريكا اللاتينية وأسيا وافريقيا تعاني من التدخلات غير القانونية المدبرة ضدها مند الحرب الباردة . فدول العالم الثالث لن تستطيع تشكيل وزن إستراتيجي فاعل، الأمر الذي سيجعلها موضوعا في السياسة العالمية وليس فاعلة فيها . ورغم بعض الانجازات فإن أفرقيا جنوب الصحراء لازالت تضم دولا عدة ضمن الأكثر فقرا في العالم. فدخلها الفردي هو اقل مما كان عليه في الستينات ، وتشكل عدة مشاكل أخرى خصوصية إفريقية: ضعف معدل التعليم الأساسي ، إرتفاع الوفيات بالنسبة للمواليد الجدد ، الأمراض المستوطنة خاصة الملاريا والسيدا . كما عرفت هروبا مكثفا للرساميل، وضياع فرص الإستثمار. وان عدد النزاعات في دول الجنوب تضاعفت. وأن 10/9من الزيادة السكانية تهم دول الجنوب . مشكل الديون الخارجية، وذلك بمعدل زيادة يصل إلى حوالي 100 مليار دولار سنويا . مشاكل الأمن الغذائي: الفقر – المجاعة. نتيجة الحروب والجفاف والامن الصحي:90ٍ بالمائة من المصابين بالسيدا يوجدون بافريقا. وعلى الصعيد السياسي فإن مشاكل الديمقراطية وإنتهاكات حقوق الإنسان ستظل لصيقة بدول الجنوب، وستستمر لسنوات طويلة . إن حصيلة النمو الاقتصادي والاجتماعي خاصة بالنسبة لافريقيا، تبقى هزيلة،إن لم تكن فظيعة . وتفاقم تأخر القارة الافريقية، بالنسبة للقارات الأخرى على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعلمي والثقافي .وسوف لن تتمكن من قطع أواصر تبعيتها مع الدول المستعمرة ، أو أن تعتمد عن قواها وقدراتها الخاصة . إن تنمية الكون يطبعها إتجاهان كبيران: العولمة والجهوية .فالبلدان الافريقية يمكنها أن تشارك في العولمة بإعطائها الأولوية للجهوية . وقد إستوعبت عدد منها الفائدة من الانتظام في سوق موسعة، قادرة على ضمان الشروط الضرورية للمنافسة بين هذه الدول من جهة ، ومع المجموعة الدولية من جهة أخرى . الأستاذ: سعيد أيت ا رحو. متخصص في علم السياسة .