المرأة نصف المجتمع بل هي الدعامة الأساس لنهوض المجتمع و استيقاظه من سباته العميق، لتحمل المسؤولية و تقديرها قصد الرفع من مستوى الوعي الإجتماعي و تخليق الحياة العامة و زرع بذور المحبة و المودة و التآزر بين مكونات المجتمع بكل أطيافها, ناهيك عن تحسين المعاملات الفردية و الجماعية, و ذلك لا يتأتى إلا بتظافر الجهود المبذولة مع قيام المرأة بواجبها الرئيس و ترسيخ مبدإ الأمومة في أذهان كل فتاة مقبلة على الزواج أو الإنجاب. المرأة اليوم قد انسلت إلى عالم الرجل فشاركته العمل خارج البيت, و أهملت واجبها الأساس الشيء الذي ينعكس سلبا على حياتهما معا باعتبار المرأة عاملا مهما في تكوين المجتمع, و إلا فما فائدتها إن كانت لا تؤدي واجبها الأم المتمثل في تربية الأبناء و رعاية الزوج, غير فائدة الإنجاب. إن معنى أن تكون المرأة نصف المجتمع لا يعني أن تأخذ معولا لتشارك الرجل شقاوة الأعمال لأن ذلك لا يتناسب البتة مع أنوثتها إضافة أن بنيتها الجسدية لا تتناسب مع الأعمال المنوطة بالرجال, و إنما المرأة نصف المجتمع نعني بها المرأة التي تكون نساء خيرات و رجالا عظماء عبر تربيتها لهم و تأديبهم و توعيتهم و إعدادهم لتحمل المسؤولية. إن خروج المرأة للعمل إلى جانب الرجل مفهوم عرف بعد الثورة الصناعية بأروبا, حيث بدأت إضرابات العمال تتوالى نتيجة لإرهاقهم بالساعات الإضافية الطويلة دون الرفع من الأجور, فلجأ أرباب المصانع إلى توظيف المرأة لسد الفراغ و تحقيق الأرباح, و من تمة إلى الآن و المرأة تعمل في ميادين الرجال, فلما تيقن الأعداء من إدمان المرأة على العمل خارج البيت استغلوها بأبشع صور الإستغلال, حيث أصبح جسدها واجهة لعرض المنتجات و إشهارها. إن ما يراه المشاهد على أغلبية القنوات من إشهارات لمختلف المواد التجميلية و الملابس الداخلية و العطور لهو خير دليل على بشاعة إستغلال المرأة جسديا و أخلاقيا, و خاصة المرأة المشاهدة حيث تحاول هي الأخرى تقليد التي تظهر في الإشهارات و المسلسلات بكل ما أوتيت من جرأة و الدفاع عن إظهار مفاتنها باستماتة كبيرة, غافلة عن المغزى العظيم و الهدف المرسوم من طرف الأعداء على مر الأزمنة و العصور, هدف يتجلى في ضرب الأمة في الصميم و هدم أخلاقها عبر خطط جهنمية تنم في البداية عن حسن نية لكن سرعان ما تتحول إلى وحش يأتي على كل ما تبصره عيناه فيدره قاعا كالهشيم, إنها خطط الصهاينة في إبعاد المرأة عن بيئتها الأصل, و إدخالها غابة أشواك كثيفة حتى إذا أخطأها ذاك الشوك أصابها الآخر. إن ثقافة المطالبة بخروج المرأة للعمل خارج مؤسسة البيت على حساب واجب تربية الأبناء و السهر على راحة الزوج لهو نتاج الإستعمار الفكري و الأيديولوجي للأعداء. هذا الإستعمار الذي لم تستطع دولة التحرر منه حتى الآن حيث تجد أكثر الجمعيات الحقوقية و السلطات المعنية بترسيخ حقوق الإنسان, تحاول بشتى الوسائل أن تجعل من المرأة ندا للرجل و لو على حساب ضياع الأمة و فقدان الأخلاق. هذه الثقافة الإستعمارية استطاعت أن تجد لها مكانا و صدى داخل المجتمعات الإسلامية عبر تمويل من ينادون بالمساواة و تشجيع هذه الفئة من الضعاف و الخونة, حتى صار استغلال المرأة أمرا عاديا بل استحال تغيير ذلك تخلفا, حيث تمت تهيئة مناخ انشار الفكر الإستعماري على نطاق واسع إستطاع أن يشمل حتى الطبقة المثقفة داخل المجتمع الإسلامي, الأمر الذي عجل بالنتيجة الكارثية من عنف مدرسي و إدمان المخدرات و اعتراض سبيل المارة و السرقة و غيرها من الحواجز التي تمنع دوران عجلة التنمية و تؤصل لمبدإ التكاسل و التطفل على الآخرين عبر امتهان التسول عوض الكد في تحصيل لقمة العيش خاصة في المدن . إن المرأة العاملة خارج البيت تعاني من نقص العاطفة تجاه أسرتها و ذلك بفقدان الأبناء لحنان و دفء الوالدين, كما أن دور الحضانة لا تعوض حنان الأم بحال من الأحوال, فشتان بين الطفل الذي يستيقظ بين أحضان أمه بابتسامتها العذبة الرقراقة و مداعباتها اللطيفة و بين الطفل الذي يجد نفسه محاطا بوجوه غريبة عنه كل صبيحة, فرغم ما قد يتلقاه من معاملة حسنة من طرف الحاضنات فذلك لا يمكن أن يعوض شوقه لدفء الأم و حنانها. إن دفع المرأة للخروج من بيتها بدعوى مساعدة الزوج في التدبير و المصاريف يشكل أولى خطوات الإنحلال و تدمير العقيدة التي تليها خطوة تدمير الأمة ككل, و ذلك لا يخفى على كل مطلع على خفايا الأعداء. يقول شيطان الأعداء كريستيان واركرز: إن الأثر الذي تحدثه الأم في أطفالها ذكورا و إناثا بالغ الأهمية, كما أن النساء هن العنصر المحافظ على العقيدة, لذلك يجب على الهيئات التبشيرية أن تؤكد جانب العمل بين النساء المسلمات على أساس أنه وسيلة مهمة للتعجيل بتنصير البلاد الإسلامية. إن المرأة المسلمة عفيفة, طاهرة, نقية, لا تسمح لنفسها أن تكون دمية في أيدي الأعداء الذين يدمرون الأخلاق و القيم لبلوغ أهدافهم الدنيئة, وأن كل ما نراه من انحلال ثقافي و فكري سببه عملاء التبعية ممن يعيشون بين ظهرانينا, و خونة الفكر الإسلامي المتأصل في ذواتنا. أفتونا في مصيبتنا أيها الخبراء إن كنتم فاعلين, نحن على علم بمخططاتهم فلماذا نستمر في اتباعهم في كل شيء؟ أليس ذلك مؤشرا على إدمان التبعية, و نكران هوية الذات؟ أترك لكم الإجابة, لعل الوقوف على الأمر بالتفكير أبلغ من تقديم النتائج. مصطفى أيتوعدي [email protected]