احتفل السيد عبد الإله بنكيران بأول عيد ميلاد للدستور الجديد المصوت عليه في فاتح يوليوز2011 بطريقته الخاصة. حيث أنه صرح في حوار مع قناة الجزيرة أنه لا يمكن محاربة الفساد والمفسدين في المغرب، مضيفا أن الله "عفا عما سلف، ومن عاد ينتقم الله منه". إن صدى هذا التصريح كان له وقع صدمة لدى الرأي العام الوطني، وشكل قطيعة نهائية بين ما كان يدعو إليه بنكيران، وبين انتظارات الشعب المغربي. هذا التصريح لا يعبر فقط عن اعتراف بنكيران بفشله الذريع في الوقوف أمام الفساد والمفسدين، ولكن عفا عنهم وأعلن رسميا تبييض كل الثروات الوطنية المنهوبة من طرف مصاصي دماء الشعب. إذا كان هذا هو الموقف الصريح والواضح لبنكيران، فإننا نتساءل عن دور المصطفى الرميد وزير العدل، إذا تطرقنا إلى هذه الحماقة من الزاوية القانونية والحقوقية المحضة. هل من حق بنكيران أن يعلن عن العفو عن ناهبي المال العام؟، وقبل هذا وذاك هل هذا التصريح مبادرة فردية؟ أم قرار أشرك فيه الحكومة وحلفاءه فيها؟ وهل تم التداول فيه داخل دوالب الحزب، خصوصا وأن الحزب زكاه مؤخرا بنسبة عالية في إعادة انتخابه كأمين عام لحزب العدالة والتنمية لولاية ثانية. ما معنى أن يخوض النائب أفتاتي المنتمي لنفس الحزب حربا ضارية ضد أحد مظاهر الفساد الممثل في حصول بعض الوزراء على منح خيالية بدون حق (نخص بالذكر صلاح الدين مزوار) وفي الوقت الذي احتدمت فيه هذه الحرب، وصرح فيه مصطفى الرميد بإمكانية إحالة الملف على القضاء بعد فتح تحقيق قضائي في الموضوع، في هذه الأثناء بالذات، يضرب بنكيران عرض الحائط كل هذه التحركات، ويعلن العفو عن مجرمي المال العام. حيث إن المنطق يستدعي من بنكيران والحالة هذه، أن يطلق سراح المعتقلين على ذمة التحقيق (خالد اعليوة وأمثاله) وأن يعتذر لهم، لكن باسم من؟ في جميع الأحوال إن الشعب المغربي بريئ من موقف بنكيران. فعلا هل من حق بنكيران أن يتنازل بهذه الطريقة المذلة عن مال الشعب المنهوب، في نفس الوقت الذي لا يتواتى فيه عن الزيادة في المواد الأساسية بصفة متطردة. ثم ألا يشكل هذا الموقف طعنا خطيرا في الدستور الذي يربط منذ فصله الأول المسؤولية بالمحاسبة كما أنه يؤكد على الحكامة الجيدة، يظهر أن إشكالية تنزيل الدستور قد أخذت منعطفا خطيرا لدى بنكيران وأصبحت شعارا أجوف يتم التسوق به في الملتقيات والمنتديات رغم أن الفصل 37 من الدستور ينص صراحة "على جميع المواطنين والمواطنات احترام الدستور". لكن السؤال المحير الذي لازال مطروحا هو كيف نصنف مسؤولية هذا التصريح الخطير والذي لا نتردد في وصفه بالغادر؟ هل هي مسؤولية شخصية بنكيران؟ أم مسؤولية الحكومة بكل مكوناتها طالما أنه يستغل منصبه كرئيس الحكومة؟ ما دور الحزب الذي ينتمي إليه في هذا التصريح، وكيف سيتعامل معه؟: هل من منطق المساندة والتضامن أم أنه سيتبرأ منه. ربما الآن فهمنا السر الحقيقي في إبعاد بنكيران للرؤوس المحرجة داخل حزبه من موقع المسؤولية؟ ثم نتساءل عن موقف الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي، وعن موقف المعارضة، هل سيعفو الجميع عن الجميع. "واللي دا شي داه". ففي هذه الحالة يكون عزاء الشعب المغربي في الأمل الذي لازال يعطي بصيصا من الأمل في شباب 20 فبراير، الذي لا محالة لن يقول آمين لبنكيران. "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (صدق الله العظيم). ذ.محمد الحجام مدير نشر جريدة ملفات تادلة