محمد السعيد مازغ "عفا الله عما سلف، ومن عاد سينتقم منه الله" تلك العبارة التي صرح بها عبد الاله بنكيران خلال مقابلة تلفزيونية خص بها قناة الجزيرة ، لم تكن لتمر دون ان تثير علامات استفهام كبيرة عن حقيقة ما يضمره الرجل الذي كان يظهر عزمه على محاربة الفساد والمفسدين وحماية المال العام، فإذا به يطمئن المفسدين ويقول لهم من خلال "عفا الله عما سلف" لا خوف عليكم اليوم من اية مساءلة، ولن تطال يد القانون الثروات التي جمعتموها بطرق غير قانونية، وما نهبتموه من مال وعقار ووقت ثمين للإدارة والموطنين، خلال فترة تاريخية معينة، فهو لكم ، ولا حق لهذا البلد الامين في استرجاع امواله المنهوبة ، ولا كرامته المغتصبة . هل الخرجة الاعلامية ل بنكيران مجرد فلتة لسان، أو مصيدة من مصائد الاعلام للفخاخ برجال السياسة والمسؤولين الحكوميين، وهل بنكيران صادق مع نفسه حين أكد رغبته في العفو عن الجرائم المالية للعهد الماضي و طمأنة لصوص المال العام بعدم مساءلتهم، أم ما جاء على لسانه هو تعبير صادق عن الحدود المرسومة لحكومته، وعدم قدرته على الدخول إلى منطقة محظورة وكثيرة الالغام والاعداء، مسيجة بالساحرات و عفاريت الانس والجن، أم تلك تدخل في إطار " النكتة الحامضة " من النكت التي تسمح لنا بذلك الضحك الذي تظهر فيه ضرسة العقل وتنهمر فيه الدموع على الخدود، كما يتيح للمتتبعين والمهتمين بالشأن المحلي لتسجيل أهداف في مرمى الحكومة التي تزكي في نظرهم " التطبيع مع الفساد وتعاكس كل التوجهات في مغرب اليوم، وتتستر عن الجرائم المالية، وتمارس الشعبوية. إن مجموعة من المؤشرات لا تدع مجالا للشك في ان حكومة بنكيران تراجعت ب 190 درجة عن مجموعة من المواقف التي كان لها الشرف في نزع طابع السرية عنها للعموم، ملف المأذونيات الذي فتح ليغلق ويطوى دون اتخاذ اية اجراءات، الزيادة في الاسعار وغلاء المعيشة، ضرب مجانية التعليم، تعقيد مساطر المطالبين بالحق في الشغل، التراجع عن ربط المسؤولية بالمحاسبة... فهل ستستمر الاوضاع على هذه الشاكلة أم للحكومة برامج مستقبلية وقدرات خارقة لطمأنة الشعب عن مستقبل بلده ونجاعة السياسات التي تنهجها هيئاته السياسية والاقتصادية ونجاعة الاملاءات الداخلية والخارجية.