أبدى المغرب رسمياً استياءه من عمل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء كريستوفر روس، بسبب "تجاوز صلاحياته، وضمَّن تقريره الأممي الأخير عبارات مسيئة للمغرب"، وفق ما صرّح به أخيراً وزير الخارجية المغربي الدكتور سعد الدين العثماني. واعتبر خبير في قضايا الصحراء أن المغرب يبدو جاداً في التخلي عن وساطة المبعوث الأممي لما تسبّب فيه من ضياع الكثير من الوقت لحل النزاع في الصحراء، فضلاً عن وصول كريستوفر روس بالمفاوضات إلى النفق المسدود وإعادة الملف إلى نقطة الصفر. المغرب غير راضٍ وعبّر وزير الخارجية المغربي عن عدم رضا المغرب هذا خلال زيارته الأخيرة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ولقائه بمسؤولين أمريكيين وأمميين، وعلى رأسهم بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة. واعتبر العثماني أن سبب الاستياء هو "احتواء تقرير روس على عدة نقط مسيئة للمغرب"، مضيفاً أن المبعوث الأممي "لم يكن مُنصفاً في كثير من المحطات وتجاوز صلاحياته، وتدخل في التقرير الذي يصدره مجلس الأمن الدولي، وضمّنه أشياء لا تهمه بل ترتبط بالمسار السياسي للملف". وشرح الدكتور عبدالفتاح الفاتحي، الخبير في قضايا الصحراء، سبب انقلاب الرباط على المبعوث الأممي قائلاً ل"العربية.نت" إن الموقف التفاوضي المغربي بشأن الصحراء تأثر سلباً بالمواقف غير الحيادية لكريستوفر روس. وتوقع الفاتحي تحركاً قوياً للدبلوماسية المغربية لسحب الملف من المبعوث الأممي، بسبب ما سمّاه "تحامل روس" على الموقف المغربي في التقرير الأخير حول الصحراء، حيث تضمن إساءات معيبة للموقف المغربي لم تبرز في التقرير السابق. "تجاوزات" روس واستدل الخبير بما جاء على سبيل المثال في الفقرة 18 "التي تحمل بصمة روس"، حيث اتسمت بالكثير من عناصر التحريض على استقرار الأقاليم الجنوبية، حسب قوله، حيث تشجع هذه الفقرة دول مجموعة أصدقاء الصحراء على إرسال صحافيين وحقوقيين لزيارة المنطقة المذكورة، باعتبار أن ذلك يفيد في تنوع المعلومات المستقلة. وأضاف الفاتحي أن الفقرتين 91 و92 من التقرير تضمنتا "إمكانية توسيع صلاحيات بعثة المينورسو إلى الصحراء"، معتبراً أن "سلطتها تآكلت وضعفت وظائفها ما ساهم في الخروج عن الممارسة المتبعة في مجال حفظ السلام". وأكد أن روس اجتهد أيضاً من دون تنسيق في العديد من القضايا الحساسة بالنسبة لموقف المغرب، ومن ذلك سعيه بالتنسيق مع مجموعة أصدقاء الصحراء، في إجراء مشاورات مع شريحة من ممثلي الصحراويين في المغرب العربي. فشل "النهج المبتكر" وفي شأن المآلات المستقبلية لردة الفعل المغربية إزاء روس، شدد الفاتحي على أن المغرب جادّ في سعيه للتخلي عن وساطة المبعوث باعتبار أن أداءه كلّف الموقف المغربي الكثير من الوقت لحل النزاع في الصحراء، فضلاً عن وصوله بالمفاوضات إلى النفق المسدود. وأضاف أنه بعد مرور مدة طويلة من إشرافه على ملف حل النزاع في الصحراء، وعلى الرغم من ابتداعه لما بات يعرف أممياً "بالنهج المبتكر"، إلا أنه فشل في إحراز أي تقدم في اتجاه الحل بعد اكثر من 10 جولات تفاوضية. وأكد الفاتحي أن روس أفسد رؤية المفاوضات التي أسس لها سلفه فان فالسوم الذي دشن المفاوضات المباشرة بين الطرفين وخلص إلى أن استقلال الصحراء أمر غير واقعي. وشرح الفاتحي أن المغرب كان يأمل في أن يمارس التقرير الأخير لبان كي مون مزيداً من الضغط على البوليساريو، بعد اتهامها بعلاقتها مع الجماعات الإسلامية المسلحة في الساحل الإفريقي، وتعاطي أعضائها للإرهاب والمتاجرة في البشر والسلاح، وتورّط عناصرها في اختطاف ثلاثة من عُمال الإغاثة الإنسانية، لكن التقرير جاء مخيباً لآمال المغرب.