المتتبع لسياسة الحكومة الحالية يلاحظ كيف أن الأمور لا تزال تسير على سكتها القديمة وأن تلك البركة التي كان ينتظرها المواطن تبخرت منذ الشهر الأول . أهل السياسة يمهلون دائماً الحكومات مائة يوم للحكم على أدائها ، ولكن أهل الحكمة والتجربة أيضاً يحكمون على مذاق الطعام من خلال رائحته قبل حينونة وقت الأكل . فالوضع الاقتصادي الراهن تحكمه ضوابط داخلية مثل تراجع الاستثمارات الخارجية والسياحة الخارجية والداخلية والموسم الفلاحي لهذه السنة الذي يعتبر سوء فال وطالع لهذه الحكومة ، كما تحكمه عوامل أخرى مرتبطة بالأحداث التي توالت مؤخراً في الساحة العربية وأثرت سلباً على الاقتصاديات العالمية. في ظل هذا الوضع ، يمكن التكهن بكل شيء ولا ينبغي التعامل معه بحياد ، وما الأحداث التي تحصل هنا وهناك على المستوى الوطني ، من اضطرابات وعمليات إحراق الذات وحالة القلق التي تسود الساحة المغربية والتي لا يمكن إنكارها إلا علامات لبداية شيء يشبه الإشارات والتنبيهات التي يعطيها الحكم للمتسابقين A vos marques, prêts, partez إن أخوف ما يخافه المرء هو أن يتحول الربيع العربي في الشرق غداً إلى خريف عربي بالغرب العربي ، وأن يتغير قلق اليوم إلى تقلقل الغد . ففي الآونة الأخيرة ، ونتيجة وضع اقتصادي واجتماعي سلبي ومتأزم ، تزايدت حدة الإضرابات والاحتجاجات حيث وصلت ذروتها في شهري فبراير ومارس 2012 ، وتزايد معها الرفع من وثيرة استعمال آلة القمع . وفي بعض الحالات ، تتعامل الحكومة مع هذه الحركات الاحتجاجية السلمية منها باللامبلاة وعدم الاهتمام ، وهذا ما كان ينهجه الرئيس الليبي الأسبق معمر القدافي حيث ورد في إحدى أقواله : " تظاهروا كما تشاؤون ، ولكن لا تخرجوا إلى الشوارع والميادين ". إن المغاربة فقط يمهلون ولا يهملون ، وعندما سينقضي الإمهال لا أحد يستطيع ضمان منع الأسوإ ، وكل الأمل ألا يأتي يوم يقال فيه : " لو فعلنا كذا ما حصل ما نحن فيه " ، وآنذاك ربما تصعب إعادة القطار إلى السكة إن لم تكن مستحيلة . أحمد أوحني – مراسل وكاتب صحافي [email protected]