وأنا في عزلتي، تذكرت قبيلتي الأمازيغية التي تسكن وجداني، وحتى لا أنسى كنت بين الحين والآخر أستحضرها من الذاكرة. افتقدتها، وكتبت ما كتبت. وإليكم النص العاشر من كتاب "سفر ابزو". 11 نخلة الأسلاف لا تزال نخلة أسلافي قادرة على الحمل والإثمار. إنها تسكن الوديان وضفاف النهر، تشرع ضفائرها للشمس، وتشمخ بجسدها العاري في السماء، وتعلن للوافدين القدامى والجدد بأنها خرجت من بين ترائب أسلافي، من حملوا بذراتها في أجسادهم، وعبروا بها صفرة المفازات، إلى بيوضة الجبال، وخضرة البساتين، ورسموا بها خريطة تمتد من بحيرة العوانس إلى وادي العبيد، صففوها على شكل رقصة أمازيغية إذ يلتف الجسد على نفسه، ثم ينساب في ضياء الفجر، ليعاود الالتفاف والانسياب، ولا يوقفه سوى الإحساس بالامتلاء. وإذ أتحسس طعم ثمارها بكل جوارحي، أتنسم فيه رائحة أنامل أسلافي، وكلما أسندت تعبي إلى جدعها، وأعبر منها وفيها، أستعيد زرقة أجدادي، وأجهل سر عشقي لظلها الرشيق، والذي يمتد ويطول عنق زرافة برية، إنه يحضنني من الصهد كما يحضن العش صغار الطير، ويتشبث بي كما الرضيع، فأخفي ظلي في ظلها، فنكون واحدا. وحين أتأمل سعفها، أرى ضفائر شعر أمازيغي يغازل الفضاء، فيرسم على الأرض لوحة بديعة من الظل والضوء، يقتربان حينا، وحينا يتباعدان، ولكنهم أبدا متعانقان. وما أرى لنخلة أسلافي بداية، ولا نهاية، فهي البداية والنهاية، هي سر بقائي وامتدادي، هي من يمنح لأفقي لونه الزمردي، هي من علمني أن ألهج بالفيض، وأن أغزل صوف مشاعري على نول الحبر. لا أحد غيرها يملك الجرأة على البوح، فمنها أدركت أني طفلها، وهي من أعطتني اسماً..