-1- مخطئ من يظن أن الهجومات الاعلامية على العدل والاحسان ستؤثر على مسارها وتدفعها لارتكاب أخطاء ينتظرها خصومها، أو تؤثر في "خدش" الصورة أمام الناس والكفر بها وتعرض صفها لانسحابات من الأعضاء والمتعاطفين، فأي مواكب محايد سيلحظ أن الجماعة تدير الحرب الاعلامية بشكل مدهش مع الخصوم، لأنها لا تنزل إلى ردود الأفعال التي ينتظرها خصومها، وهي قادرة على ذلك لو شاءت، ولها كفاءات تستطيع أن ترد الصاع صاعين، ولكنها لا تأبه بالردود عبر البلاغات والبيانات والمقالات، بل ترد على الأرض، وتخلق الحدث الذي يزيدها قوة وتغلغلا في أوساط الشعب المغربي، والقطاع الاعلامي القوي الذي تتوفر عليه يواكب هذا العمل على الأرض ما يجعل الحرب الاعلامية ترتد حسيرا وتتحول إلى هدايا تتقبلها الجماعة بصدر رحب من حيث لا يدري هؤلاء الخصوم. قبل يومين كنت مع صديق، وهو أستاذ يدرس في الثانوية والكلية وباحث في التواصل، غير أنه لا يهتم بالصراعات السياسية، لقد حسم خياره في الحياة ولم يعد يهتم بالأحزاب والنقابات إلا أن يكون جديدا يستدعي المتابعة، يأتي للمقهى صباحا ويشرب قهوته ويقرأ الجرائد ويمضي لعمله، سألني هذا الصديق عما إذا كان الشهيد كمال عماري ينتمي لجماعة العدل والاحسان، وانطلاقا من المعلومة التي أتوفر عليها أجبته بنعم، كمال عماري عضو في شبيبة العدل والاحسان حقيقة وليس ادعاء، سألني هذا الصديق عن الدليل، فتحت له موقع الجماعة ورأى صورته في الكلية مع رفاقه في التنظيم، وصورة أخرى في مجالس النصيحة، صديقي هذا يعرف الكثير عن العدل والاحسان لما كنا طلبة في الجامعة، وحينما رأى الصورة كذب الصحف التي يطلع عليها يوميا في المقهى، وقال لي بالحرف: لم أكن أعرف هذا الموقع وسأتابع أخبار الجماعة على موقعها الرسمي، أنا أثق في هؤلاء الناس، هم رجال صادقون ولا يكذبون ولا يموهون على الناس أو يضلونهم...هذا ما قاله لي صديقي خالد صبيحة الثلاثاء في إحدى مقاهي مدينة الدارالبيضاء، وهذا الصديق هو واحد من النماذج الذي عرفتها داخل جماعة العدل والاحسان في المغرب وخارجه، فكثير من الأعضاء داخل التنظيم انتموا إلى الجماعة انطلاقا مما كتب عنها خصومها، ولما أراد أن يتحقق وجد نفسه عضوا داخل الجماعة، صديقي محسن وهو عضو في الجماعة وأستاذ للغة الفرنسية بالثانوي، سألته يوما كيف انتمى للعدل والاحسان، قال وبصدق أنه كانت له صديقة تناقش معه بعض القضايا، ومرة قرأت عليه مقالا حول العدل والاحسان في جريدة(...) ، بعد أسبوع قرأ كتاب أسلمة الحداثة بالفرنسية، ولما أنهاه ذهب ليبحث عن المسؤول للعدل والاحسان في مدينة تطوان ليطلب منه شيئا واحدا: يريد أن يكون عضوا في العدل والاحسان، وهناك مثال آخر لصديقة فرنسية ومواطن من الشيلي التقيته قبل عشر سنوات... مقالات الخصوم تتحول إلى هدايا للعدل والاحسان تزيد في عدد رهطها وتعزز من تصلب مواقفها بدل الانبطاح والانكماش كما يحسب البعض، ولي حسب وحدو كيشيط ليه، كما يقول المثل المغربي. -2- خلال الأسبوعين الماضيين، أي ما بين 22 ماي وإلى غاية الأسبوع الأول من شهر يونيو، كانت بعض الصحف اليومية والأسبوعية وكذا الاعلام الرسمي يمطرنا بما يسميها تحقيقات وأسرار تكشف لأول مرة عن الجماعة المحظورة، وحين أطلع عليها لم أجد جديدا يذكر، بل هي الحرب والرأي والمكيدة وكأننا في حرب حقيقية تخاض بالرماح والسيوف، وفاقد الشيء لا يعطيه، والسبب في ذلك أننا لا نتوفر على صحفيين مختصين في الحركات الاسلامية بالمغرب، من أمثال أنس مزور مع أسبوعية "الأيام" ونورالدين بنمالك مع أسبوعية "الصحفية" الذين كانوا يبحثون عن المعطيات المستجدة وينورون الرأي العام بالأخبار الصحيحة بعيدا عن التحامل والكيد الذي يتحول في نهاية الأمر إلى هدايا لجماعة العدل والاحسان. مقالات وآراء بعض صحفيينا اليوم تنطلق من العداء المسبق للعدل والاحسان، ما يجعلها أشبه ما تكون بتصريحات ومقالات مجدي الدقاق المقرب من حزب حسني مبارك في مصر، والذي كان عدوا لأكبر تنظيم سياسي بمصر المتمثل في الاخوان المسلمين وحماس في فلسطين، وأشبه كذلك بما كان يلفظ به الصحفي التونسي برهان بسيس الذي كان يكيل العداء للمعارضة التونسية وحزب النهضة ويصفهم بالظاهرة الصوتية، فأين مجدي الدقاق اليوم وأين برهان بسيس؟ وأين الرئيسان المخلوعان مبارك وبنعلي؟ للأسف لم نأخذ العبرة من جيراننا. -3- شخصيا تعجبني مقالات توفيق بوعشرين، أنتظرها لأنه صاحب رأي يدعو للحوار ويثير النقاش، بالرغم من أن الزميل بوعشرين يتحدث أحيانا بنبرة استعلائية لا تدع مجالا للاختلاف، يوزع الحكم ويعطي النصائح، ويصحح بالقلم الأحمر أخطاء التلاميذ في المعارضة والمولاة للنظام السياسي بالمغرب، هي صفة يستكثرها على الخصوم ويحتكرها لوحده. فلما قرأت مقاله المعنون ب" امتحان العدل والاحسان" وجدت المقال كله مغالطات، يصل إلى نتائج مغلوطة ربما تكون مقصودة والله أعلم، لأنه بنى رأيه على معطيات مغلوطة ما كان عليه أن يقع فيها وهو الصحفي الذي ينطلق من خلفية أكاديمية وسليل الحركة الاسلامية كما أعرف عنه. شخصيا أتوفر على وثائق وهي متوفرة للجميع، وبعضها من جريدته للأسف الشديد تفند ما ذهب إليه، وكان عليه أن يعود لموقع الجماعة ليأخذ المعطيات اللازمة سواء كان في كندا أو في الكويت أو في جزر الواقواق...أما الرأي يبقى وجهة نظر قابلة للأخذ والرد...كنت سأرد عليه من باب الحوار مع صحفي أكن له الاحترام والتقدير، فهو ليس من أمثال مجدي الدقاق وبرهان بسيس في الطبعة المنقحة مخزنيا، لكن التعليقات حول مقاله السالف الذكر الذي نشر في "هسبريس" كانت كافية، فلا داعي للتكرار والاجترار. نورالدين لشهب [email protected]