كل يوم أتفادي التأخر في الوصول إلى الجنان،بعد أن يأتي المساء، وليس بيني وبين المساء غير البر و الإحسان ، هكذا ابتليت، ومن زمان دائما تراني أسابق المساء والمساء يسابقني،من يصل منا الأول دون أن يلحق الواحد من الأخر.. المساء دوما يصل في وقته..، سواء وصلت قبله، سواء وصلت بعده.. قبل أن يصل المساء،.. أصل مشارف الجنان،وقت الأصيل.. يتحفني المرور جنب الغدير، بمحاذاة سرب من قصب وكرم ودوالي لا تسير، أنا الذي أسير مع الغدير، والغدير عكسي يسير .. مشاهد هنا وهناك لنهاية يوم، يجمع نهاياته.. يطويها طيا بمثنى أولا.. وثلاثى،ثانيا.. ورباعا،ثالثا.. تصير كل النهايات في كف منديل بزرقة الليل، يحمل جنازة يوم –أخر- في الطريق إلى الدفن.. ملاك الموت ظلاله في كل ان و حين الموت تأتينا ساعتها،من حيث لا نعلم أين ستكون نهاية المصير.. كما لا ندري أي ساعة سيتوقف بنا المسير.. وكيف لنا أن ندري.. أبواب عرصاة موصدة، ممر بلون رمادي،على أوراق الزيتون، في موسم قطاف التين والرمان والليمون، دوالي عنب أعطت، إصفرت، وما ذبلت، ممر أيضا برائحة قطيع يعود، بالموه، وبالباع، وبالسلام مرة من راعية ومرة من راع.. يسميك وتسميك وتسميه وتسميها في سياق السلام، يسألون عن كيف حالك،وتسألهم عن كيف أحوالهم، وكيف وصل بك وبهم المسلك إلى هنا، ويدعونك هلا فطرت معهم، فالمائدة هذه الأيام،وكل مساء، نسخة طبق الأصل.. توزعها السماء على كل الكون وبالمجان، كالمائدة في بلاد المغاربة.. كالمشارقة.. في بلاد الشام، وحوض النيل، وحوضي دجلة والفراة، في البيت، في الأقصى والقدس، في باكستان، وماليزيا، وماليزيان، والأمريكان، واليابان، ولف كل الكون، بين المسلم والمسلم.. مائدتين بسيطتين، واحدة عند الفجر، بقوت قليل وثانية عند المغرب، ثمر وحليب، عظيمتين برمضان.. وبالقيام.. يغار مني المسار، يزداد غيرة لما أهيم بتصويره،يحكي لأشعة الشمس، ويشهد علي الطير العائد معي وقبل أن يصل المساء، وأنا أحاول أن أوهمه أني أقول فيه شعرا.. أرميه نثرا.. يستسلم المساء لوصولي، أستسلم للقائه بشجن وأشجان، فليس بيني وبين المساء غير البر والإحسان.. بيني وبينه أيضا كل الود، كل الحب.. وكل هذا الورد في الطريق إلى الجنان، وكل هؤلاء الجيران، والمساء دوما يصل في وقته.. سواء وصلت قبله، سواء وصلت بعده.. باب عرصة الرمان،وحده مفتوح،على نصف مصرعيه، هو دوما هكذا باب عرصة الجناني بوعزة،مفكرة الممر، ودولاب لكل المساءات التي عبرت من هنا السبيل.. يجمع من الجنان قشور الرمان، يجمع ويجمع.. وكأنه لا يجمع، هو هكذا،جناني الجنان، بوعزة،أو الأشهب،كنية إلى لون بشرته.. وعمره هو الأخر أشهب،يانع، لا يبيع ولا يشتري،قانع، يخدم الجنان،يحرس على دوراته من ماء العين، يسقيه لحد ما يشبع، ويسكن رمانه أحواضا بحوض جنب حوض وبالمسافة التي تلزم.. وكل حوض يا حوض، قده بقد الرمانه، والرمانة معجبة بكعبها فيه، تتدلى برمانها، وكل رمانة يا رمانة.. يعامله بمثل الصاحب، بالليل والنهار، وجهرا.. يعامله الجنان بمثل الصاحب خفية عن صاحب الجنان.. -\\\"السلام عليكم عمي بوعزة، هل أمطر رمان الجنان بقشور الرمان..؟ أراها في كل مكان،قشور بريال، وريال بقشرة.. أم ترى غزاها الحلوف في الليل، وفعل فعلته..، ألقي بوعزة \"البرويطة\"2 حمولة القشور من يده، يقول أنها البرويطة رقم 21 وسألني،كيفي مع رمضان،\"ومايدا كيا الخال..\" هل حالي بخير.. سألته أن يسألني ماسر هذه القشور التي ملأت الجنان بهذه الفوضى.. هلا تكون يا عمي بوعزة أكلت كل هذا الرمان في وجبة السحور..، فرفع نظراته إلى هامتي،يعرفني أنني أمازحه بغية جر لسانه، ويحتفظ بالمسافة بينه وبين الرد ويزيد من تقليص المسافة بيني وبينه،وكأنه يريد أن يقول لي شيئا دون أن يسمعنا أحد..ولا أحد هنا يا سي بوعزة أفرغ ما في جعبتك.. وهو يقترب مني يلتفت إلى يمينه وشماله،ينظر إلى خلفه وأمامه، غير لهحته بدلها بلهجته،هو لا يريد فقط أن لا يسمعنا أحد،هو دقيق أكثر،لا يريد أن يفهمنا أحد.. إقترب أكثر وقال إتشان أيت الرمان،حب الرمان، إتشا بوعزة القشور.. كل يوم أتفادي التأخر في الوصول إلى الجنان،بعد أن يأتي المساء، وليس بيني وبين المساء غير البر و الإحسان ، هكذا ابتليت، ومن زمان دائما تراني أسابق المساء والمساء يسابقني، من يصل منا الأول، دون أن يلحق الواحد منا الأخر.. المساء دوما يصل في وقته..، سواء وصلت قبله، سواء وصلت بعده.. تصبحون على صوم، 1 أكل أهل الرمان حب الرمان،أكل بوعزة القشور.. النص مستوحى من مأثور الأمازيغية المصطفى الكرمي، 12 رمضان 1431 23 غشت 2010