... ازداد المولود و عمت الأفراح من جديد , والححت أن أكون صاحب التعريف و العلامة المقبلة على التداول , وأن أحظى بشرف ادراج العلامة في دفاتر التقييد و التحمل. العلامة مضيئة شعاعا حتى قبل التداول , لها وقت معلوم تخرج الى الملأ تملأه دفئا و طمأنينة في زمن الظلام والحلوكة , وتضيء الطريق. اشتعلت حماسا , في انتظار يوم تسجيل العلامة وفق كل التحفظات القانونية والفعلية كما الشأن لباقي العلامات المتداولة . علامة مشروع مع امتلاك جميع الحقوق اللامحفوظة , علامة كائن – أيور - علامة كباقي العلامات تافوكت أو شمس ... بدأت المداولات في شأن العلامة , كيف يكون وقعها في التداول , وفي بورصة القيم المالية والاجتماعية و حتى السياسية المحلية والدولية , و كثرت العقد و التعقيدات في بورصة القيم المحلية و حتى الدولية فيما بعد النشور... و انتصبت في الزاوية وحيدا رافعا للعلامة المضيئة – أيور – و سجلت مرافعتي ضد أبناء جلدتي , وحتى ابن أمي . استقبلني الأهل بفتور ومرارة لدى عودتي من قسم المرافعة , لأني بدون وجهة و لا عنوان , و سيبقى المشروع بلا مسمى مدة الترافع . لم يعد يهمني زمن المرافعة , و لا تبعاتها , انصب كل الاهتمام على وضع العلامة التي اخترتها ما دامت قوانين البورصة تمنح ذلك , وما دامت العلامة لا تخالف مضامين دفاتر التقييد والتحملات , بل ما دامت العلامة ارث تاريخي.... و عليه أقسمت أن لا أخون الوصية , وأن لكل دي حق حقه في الموروث والارث , بالقسمة للقربى والمقربين ودوي القضية. و مع الالحاح و مرور الأيام , وتوالي الأزمات النفسية , والتوصيات الاجتماعية , أصبحت مو زعا أشلاء لا الى هنا و لا الى هناك . و هكذا عجزت أن أضع معالم المسار, ما بين الدخول و الخروج , أخترق لحظات الزمن الكثيف في محاولة لانشاء فتحة متنفس , أخرج منه الى النور المستتر , كالضمير المستتر , والضمير العائد . كينونتي في الضمير, هي كينونة استتارة الضمير العائد علي , كما هي رباطات النجوم و القمر في الأجواء . علق أحدهم : - ايور – من يكون , كائن , مخلوق , شئ ما , أو جسم مسبح ..... أيور , عندي و عندنا في البلدة , نور وضياء , لكن الظلام اكتنفه في محلات البيع و الشراء , والعقود .... تسألت لما يحرم التحديد بلفظة –أيور- ؟ أتذكر حينما اقتسمنا الارث رفقة روابط الدم , وكان من نصيبي هضبة أول ما يشرق عليها , و أول ما يغرب عنها –أيور- و في تحرير العقود لا شيء يحددها و يضعها ضمن الرؤية والوضوح غير هذا المخلوق , لأنها معزولة بلا احداثيات . جلست قبالة المحرر , وبدأت أسئلة ما تتقاطر علي من جانبه : - ماذا يحدها من الشمال ؟ - لا شيء ... ايور أول من يشمل عليها من ضيائه ... - ما هذا الهراء قلت لك ماذا يحدها من الشمال ؟ - من فضلك قلت لك .... و لما أحس المحرر أن لا شيء يحددها سوى هذا المخلوق المسمى – أيور - , علم أن الهضبة ليست محل نزاع أو تلاعب, حينها أدرك أنه يستطيع أن يضع احداثيات من لدن نفسه , هي غير ما كنت أفتيه عليه . - و ما يحدها من الجنوب ؟ كان ينتظر أن أدقق الجواب ... و قلت بسرعة بديهة وفطرة أزلية : - أول ما يجنب عليها نور – أيور- . لم يكد يسمع الجواب حتى رمقني بنظرة غيض , كادت أرجائي أن تهتز لها هزا , لكن قوة ما انبعتث من داخلي وتمكنت من الصمود , و النطق على أحسن حال . و لما تأكد أن لاشيء , سيفكه من قلة تحمله للفظة المنيرة المضيئة , دخل في عملية تحرير سريعة , كأنه يبغي أن ينتهي قبل الموعد المحدد . - و ماذا يحدها من الشرق ؟ - أول ما يشرق عليها – أيور – - و من الغرب ؟ - كذلك هو أول من يغرب عنها. - مند متى و أنت صاحب هذه الملكية ؟ - مند أن خلقت السماء و الأرض و الشمس والقمر ... لم أكد أنطق بالعباراة الأخير ة , حتى رفع سبابته في الهواء مشيرا الي , لم افقه شيئا , و بدا انشراح غريب يعلو وجهه , كأنه وجد مخرجا لمأزق ما , و أشار الي أن أنتظر .... أخد يقلب أوراق التحرير من بدايتها , وبدأ يملأ فراغات قصيرة كان قد تركها , خلت أنها ستعبأ في محل عقود أخر , لكنه عبأها في ذات الحين كأن نزل وحي ما عليه.... استفسرت عن الفراغات و تعبئتها . أجاب مقتضبا : - ستعرف كل شيء في حينه , الأن حددت الهضبة و لامكان لغموض .... تنفست الصعداء , لأنها ملكي الوحيد , و لاشيء يحددها سوى نور و ضياء في ليالي بدر – أيور - . انتهى من تعبئة كل الفراغات , فختم على الورقة الأخيرة , و مدها الي لامضائها , و كانت نظيرين. تأبطت نظيري , وأنا أكاد أطير من الفرح , لأني حددت هضبتي و ملكتها لنفسي وذريتي , و لأن أيور لن يموت حتى تفنى الدنيا , ولن يستولي أحد ما على الهضبة ما دام- أيور – حيا ... عدت الى البيت و كأني حققت انجازا عظيما ... و ضعت الملف النظير فوق الأريكة , وشرعت في اعداد كأس أتاي رفقة مؤنسي , و ما أن ارتشفت الشربة الأولى حتى انتابني فضول الاطلاع على نسخة الملف ... و قد كان لي المام بالقراءة مند زمن بعيد , عاودت الكرة , ربما أقف عند التحديد الصحيح ... دار البؤبؤ في فلكه , وتابع الخطوط من أولها الى أخرها , أخدتني رجفة , رعشة ... أو وعكة ... نوبة ... كادت أن تكون قلبية , والنهاية المنتظرة قبل التحديد . لأني وجدت لا شيء , كل شيء ضاع , وأصبحت في ليل حالك لاني وجدت – قمر- , ما هو القمر أو من هو القمر ؟ و اختلط علي العاقل بغر العاقل . لم أكن أعرف كيف حدد القمر هضبتي و ملكيتي و ذريتي , و لم أسمع به يوما في تحديد الكائنات وتعريفها , لكن اليوم وجدته في وثائق تحديد ملكيتي , و كان من المفروض أن أعود الى قاموس تحديد الملكيات , للبحث عن مدلولات – قمر- أن أبحر في اتجاه تيار , بحتث عن - أيور- ولم اجده , و الفراغات كلها مملوءة ... من أين ؟ وكيف؟ ... و أسئلة شتى كثيرة .... دون جدوى .... استرجعت لقطات التدوين ... كيف استولى - قمر – على هضبتي و كيف انتزع ملكيتي من- ايور- وريثي ودريتي ... فعلها المحرر , حين رفع سبابته . وحين ملأ الفراغات , اعدمت ووريثي بجرة قلم ... أطلقت العنان لنفسي لأدرك المحرر قبل ساعة الاغلاق , استفسرت , وطلبت اعادة التحديد و ملكيتي ... وما كان الحال الا أن قضي الأمر , و كنت كمن يسابق سكرات الموت عله يحظي ببطاقة تعريف قبل النهاية . انتهى التحديد و نفد اعتماد وثائقهم , المرجو اعادة المحاولة لاحقا .... الحسن أنفلوس (الدارالبيضاء)