[email protected] أشرق القمر بدراً، يهل على صعاليك المدينة ومتسكعوها... هو بجلبابه الليلي الذي يقيه من نسيم طالع من بحيرة مارتشيكا، ليس قوامه وحده الذي يميزه، وصاحبه أو كما يقول هو في المناسبات الرسمية “أخي في الرضاعة من ثدي الهموم الثقافية”.. الليل هادئ تخترق حلكته أضواء أعمدة بعضها منير وبعضها لا... نتضارب بمحبة للاستباق حول أنصاف سيجارة رخيصة لأن الأخرى كما يقول هو “تكسر المصروف” وهل المصروف يتكسر؟... تتصاعد وتيرة الأحاديث حتى نتيه في أزقة المدينة المتعفنة : - هذا بيت فلانة، هلا توقفنا قليلاً- أقولها وكأني أستشعر بداخلي خروجها. يرد بلباقة معهودة : كما تشاء، لا مانع لدي. لم يكن يهمني كثيراً أن تخرج، لكنها خرجت لتلوح بسطل به ماء. يتحدث إلي بكل جوارحه عن جديد كتاباته وقصته الأخيرة التي كتبها حول المومساء، وعن فتاة تدرس معه تركب سيارة مرسيدس.. نناقس أموراً شتى، نتذكر بداية صداقتنا وعن شرح كلمة الدهاليز التي وردت لي في إحدى المقالات. نضحك عن المغفلين والمغفلات، نصدر أحكاماً.. ثم نسير. رجلانا متعبتان، أفكارنا لا تنقصها سوى عقد نكاح لتلد مولوداً يحدث انفجاراً في هذه المدينة. أفهمه دون أن يتكلم، ويلبي رغبتي دون أن أعبر، في صالة الألعاب نتلهى عن هذه الهموم التي شغلتنا (اليوم كسبنا سبع جولات من لعبة البيار). وهل غذا سرنا هكذا سنكسب جولة من جولات ما ينتظرنا من تحديات وما نريد تحقيقه من طموحات. نسارع الزمن قبل أن يغرب عنا ممدنا بوحيه الإلهامي، فإذا كان العلميون يقولون إن لديه علاقة بالحركة البحرية (المد والجزر)، فإن علاقته بالمد الفكري والإلهامي وجزرهما أوطد بكثير. الآن وقد لفت قدمانا لفاً طويلاً، قد رسى بنا الحال ثانية في مرسى مارتشيكا، وقد بلغ منا التأمل مبلغه.. ترى في ماذا أبحر فكره في هذه اللحظة؟ لا يهم، المهم أنني رسمت البدر فتصورته عزيزتي وجهها يشرق على مخيلتي.. قلت أنا بصوت تغيرت نبراته... انسجام روحي يضفي على المشهد جمالية خاصة، صوت مرتفع يلمس مخيلتي، محبس سيارة كانت ستداهمني هو الذي أحدث هذا الصوت الآن ونحن في شارع يوسف بن تاشفين، ماذا كان يقول بدراً طوال هذه المدة أثناء رحلة قامت بها مخيلتي. فين وصلت؟؟ لا لا كنسمع