ثارت حالة من الجدل الكبير داخل الطرق الصوفية بين مؤيد ومعارض لمبدأ المشاركة في انتخابات مجلس الشعب المقبلة، إحدى الجبهات تفضل الابتعاد عن الحياة السياسية "لأنها ستقتطع من الوقت المخصص لذكر الله"، وجبهة أخرى ترى أن عدم المشاركة والانعزال عن المجتمع سلبية ترفضها تعاليم الصوفية والفكر الصوفي وكان السيد علاء أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية وعضو القيادة الشعبية من كبار الرافضين للمشاركة في الانتخابات بحجة أن من ينجح في الانتخابات يتخذ كل الطرق المشروعة وغير المشروعة لتحقيق أهدافه ووصف الانتخابات في مجملها بأنها سلبية، وغير ديمقراطية؛ إلا أن أبو العزائم فجر مفاجأة كبيرة بإعلانه خوض الانتخابات وكلف المحامى الخاص به لتجهيز وتقديم الأوراق الخاصة به من أجل أن يترشح مستقلا، ويفسر أبو العزائم ل"الشروق" السبب الرئيسي في تغييره لموقفه وإقدامه على الترشح لانتخابات مجلس الشعب بما اسماه ب"اقتناعه بآراء المشايخ الذين سيساندونه فى الانتخابات، أمام الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب". ولم يستبعد أبو العزئم أن يفوز على الدكتور فتحي سرور على الرغم من صعوبة الموقف قائلا: "نأمل أن تكون هناك انتخابات نزيهة ووقتها ستكون هناك فرصة كبيرة لنجاحي خصوصا أن لي أتباعا كثيرين بدائرة السيدة". ويأمل مشايخ الطرق الصوفية وعلى رأسهم شيخ المشايخ السيد عبد الهادي القصبي أن يكون لهم وجود في مجلس الشعب خصوصا بعد أن أعلن الشيخ محمد عصام زكى إبراهيم شيخ الطريقة المحمدية الشاذلية عن عزمه خوض الانتخابات والترشح في دائرة حي الجمالية. أنه سيدخل الانتخابات ضمن قائمة مرشحي الحزب الوطني. وعن الدعم الذي سيقدمه أبناء طريقته في الانتخابات قال: "لن أفرض رأيا على أحد من أتباع الطريقة لتأييدي في الانتخابات بدليل أنني لم أتحدث مع أبناء الطريقة لا في الدروس أو المحاضرات عن مسألة ترشحي في الانتخابات ولم يخرج الكلام والحديث عن الله ورسوله وعن التصوف والشئون الإسلامية وما يجب أن يراعيه الإنسان في حياته اليومية". وعن أدواته في الانتخابات قال: "إنجازاتي في منطقة الجمالية ومنشية ناصر منذ 13 عاما وحب أحبابنا وإخواننا. بالإضافة إلى ما أسسه أبى محمد زكى إبراهيم في منشية ناصر وقاية باى والجمالية". ويوضح شيخ "المحمدية الشاذلية" أن الدعم والتأييد اللذين سيلقيانه من مشايخ الطرق الصوفية سيكون معنويا، وأنه لن يقبل أي دعم مادي. ويؤكد شيخ المحمدية الشاذلية أن الترشح لمجلس الشعب نقطة انطلاق إيجابية لمشايخ الطرق للانخراط في المجتمع ولتقديم دور حقيقي في بناء وتطوير الفكر الثقافي والاجتماعي والصحي في جميع المجالات لتحقيق خطة الدولة في التنمية المتكاملة، والتركيز على التيار الديني المعتدل الذي يتسم بالسماحة والتيسير والحكمة والبعد عن الانفعالات والتصريحات غير المدروسة التي ليس لها أي أساس في نهضة المجتمع. ويضيف "دخول شيخ من مشايخ الطرق الصوفية مجلس الشعب يساعد مساعدة كبيرة على توضيح أهمية الفكر الديني المعتدل وسماحة الإسلام والترابط بين جميع الطوائف وتحقيق الوحدة الوطنية كما ينبغي وكل هذا له أثر كبير في نشر الفكر الإسلامي الصحيح، داخليا وخارجيا". ومن جانبه أكد الشيخ عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية أن "المشيخة لن تتوانى عن تقديم الدعم لشيخ الطريقة المحمدية الشاذلية"، مؤكدا حق كل شيخ طريقة في خوض المعركة الانتخابية كونه مواطنا مصريا يتمتع بكل حقوقه الدستورية. وأشار القصبي إلى عدم وجود موانع عقائدية أو فكرية للمتصوفة في الترشح للانتخابات، "فمن يترشح من أهل التصوف سيكون في خدمة الوطن". وأضاف القصبي: "شيخ الطريقة الذي سيترشح في الانتخابات سيحصل على ميزة نسبية فأتباع الطريقة في الدائرة التي سيخوض فيها الانتخابات سيقدمون له الدعم". إلا أن الأمين العام للمجلس الأعلى للطرق الصوفية أحمد خليل عفيفي ينفى قيام المشيخة العامة للطرق الصوفية بتقديم الدعم لمن يخوضوا الانتخابات، وقال: "شيخ الطريقة يخطر المشيخة بشكل ودي وليس بصفة رسمية". من جانبه قال الشيخ محمود أبو الفيض شيخ الطريقة الفيضية وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية أنه لا يوجد ما يمنع شيخ الطريقة من الترشيح لانتخابات مجلس الشعب، وأضاف: "ونحن نحث أبناء الطريقة على المشاركة في الانتخابات من خلال الإدلاء بأصواتهم لاختيار الأصلح ولا نفرض عليهم مرشحا ولكن ننصح بالأفضل من وجهة نظرنا"، وقال أبو الفيض ردا على بعض مشايخ الصوفية الذين يرفضون المشاركة في الانتخابات "نحترم رغبتهم لأنهم يقتنعون بأسباب تجعلهم يرفضون المشاركة". ومن جهته، قال الشيخ طارق ياسين الرفاعي شيخ الطريقة الرفاعية من أكبر الطرق الصوفية في مصر" من حقنا كشيوخ طرق الترشح في الانتخابات لأننا مواطنون مصريون طبقا للدستور"، مؤكدا رفضه للجبهة الصوفية التي تفضل البعد عن الحياة السياسية خصوصا الانتخابات، وأضاف: سنقف بجوار الشيخ عصام زكى إبراهيم وهو أخ فاضل. وكشف الرفاعي عن أنه كان ينوى خوض الانتخابات عن دائرة إمبابة لكن حالته الصحية حالت دون ذلك، مؤكدا أن شعبيته هناك في المنطقة كبيرة نظرا لوجود أتباعه بشكل كبير إلى جانب منزله وتجارته. واتفق الشيخ أحمد حافظ التجانى شيخ الطريقة التجانية مع الجبهة المؤيدة لخوض الانتخابات وقال: "المسائل السياسية لا تتعارض مع الفكر الصوفي"، وأشار الشيخ التجاني إلى أنه ينصح أتباع الطريقة بالأصلح من وجهة نظرهم، دون أن يجبر أحدا، وأكد التجاني أنه من أهم الصفات التي يجب أن تتوافر في المرشح لكي يزكيه لأتباعه أن يطبق شرع الله، وتمنى للشيخ عصام زكى إبراهيم شيخ الطريقة المحمدية الشاذلية الفوز في الانتخابات. وعلى نفس الدرب يتحدث الشيخ محمد الشهاوي رئيس المجلس الصوفي العالمي وشيخ الطريقة الشهاوية، قائلا: "لا توجد مشكلة في أن يترشح أي شيخ طريقة في انتخابات مجلس الشعب"، مؤكدا أن ذلك لن يؤثر على علاقة شيخ الطريقة بأتباعه، وأن المشكلة تكون في الشخصيات العامة وأصحاب المناصب الرفيعة مؤكدا أن منصب عضو مجلس الشعب سيؤثر بالسلب، على أداء مهامه الأخرى. وعلى الرغم من تأييد كثير من مشايخ الطرق الصوفية، لمبدأ الترشح للانتخابات؛ فإن هناك قطاعا عريضا من مشايخ الطرق الآخرين يرفضون حتى الخوض في أي كلام عن الانتخابات ومنهم الشيخ محمد أبو خليل شيخ الطريقة الخليلية الذي قال: "لا توجد لدينا انتماءات سياسية ونؤيد سياسة الحزب الوطني الحاكم وسياسة الرئيس تأييدا مباشرا". الحسيني أبو الحسين شيخ الطريقة الجوهرية الأحمدية يتفق مع شيخ المشايخ في أن شيخ الطريقة مواطن مصري عادى له كل الحقوق وعليه كل الواجبات غير أنه استدرك قائلا: "ولكن يفضل أن يكون الصوفي سواء كان شيخ طريقة أو نائبا أو حتى مريدا بعيدا كل البعد عن الجوانب السياسية لأن الصوفي ينتهز فرصة الوقت ليعمل على تسبيح الله وشكره وعبادته وهو في عبادته دائما، أما السياسة فستبعده عن هذه العبادة وستقتطع من وقته".. ويتابع: "وقد ورثنا من أجدادنا الصوفيين أن الوقت كالسيف إن لم تقتطعه قطعك، وتعلمنا منهم أن قطع الوقت يكون في ذكر الله فقط".