ما أصدق تلك الكلمات التي فاجأ بها الفنان عبد الوهاب الدكالي المشرفين والحاضرين والمتابعين لبرنامج استوديو دوزيم في الحلقة النهائية التي قدمتها القناة الثانية الأسبوع الماضي. فمع إعلان مقدم البرنامج عن اسم الفنان المغربي، صفق الجمهور كثيرا لحضور هذا الفنان الذي غاب عن هذا البرنامج منذ بدايته، والمفاجأة كانت على غير سابقاتها، لذلك استقبلها الحاضرون والمشاهدون بصدر رحب، نظرا لمكانة الأستاذ الدكالي في قلوب المغاربة. لكن مع انتهاء الفنان المغربي من أداء أغنيته الأولى، لوحظ وجوم كبير على وجه مقدم البرنامج، كما لوحظ ارتباك كبير في طريقة حديثه... وإذا أضفنا إلى هذا الوجوم وذاك الارتباك، كون الكاميرا ركزت فقط على الدكالي حين أدائه أغنيته، وعلى الجمهور (الذي اكتفى بالرقص غير مهتم بما يجري)، دون أن يعير اهتماما كبيرا للجنة التحكيم مثلا... فهذا يعني أن هناك شيئا غير عادي قد حدث... وفعلا، فهناك شيء غير عادي حدث، وتكفي إطلالة بسيطة على مضمون الأغنية التي أداها الأستاذ الدكالي لمعرفة ما وقع. الأغنية كانت هي سوق البشرية، التي تتحدث عن انهيار القيم في عالم المادة الحالي، والتي توضح كيف يباع الناس ويشترون، بالشكل الذي كانوا يباعون ويشترون فيه في عالم النخاسة القديم، بحيث إن عملية البيع والشراء واحدة، وإن اختلفت المظاهر والشكليات.. والنداء كان صريحا في الأغنية للمشتري يا شاري يا شاري.. خذ ما يحلا لك.. فالوضع مناسب، وقانون العرض والطلب مفتوح أمام رؤوس الأموال ما دام القيم... انهارت انهارت.. وحسب هذه المعادلة، فقد أصبح الناس عبيد عبيد أموالك أموالك... والمزاد مفتوح، والنداء المعروف الذي يحض المشترين على رفع المزاد ألا أونو ألا دوي ألا تري مسموع مع الأسف، ويصل بيوت المغاربة عبر قناة مغربية، وسيصلهم في المستقبل كما وعد المدير العام للقناة الثانية في حواره مع القدس العربي الأسبوع الماضي. إن ما غناه الأستاذ عبد الوهاب الدكالي ينسجم انسجاما تاما مع ما قاله الأستاذ عبد الوهاب المسيري (انظر ملحق إعلام واتصال الأسبوع الماضي)، من كون الأغنية الجديدة، مثل تلك الت يتروج لها دوزيم هي أغنية بلا هوية ولا وطن ولا قيم ولا أخلاق، والذين يستفيدون منها هم أولئك الباعة والمشترون الذين يتاجرون في القيم، حتى لا تقف في طريق طموحاتهم، داخل سوق نخاسة جديد، أو سوق البشرية على حد تعبير الأستاذ الدكالي. أحمد حموش