سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في محاضرة بالملتقى الوطني الثالث لشبيبة العدالة والتنمية... الأستاذ محمد يتيم يؤكد:ينبغي استيعاب مقاصد الحداثة في إطار مقاصد الشريعة والحركات الإسلامية أشد قربا إلى ممارستها
قال الأستاذ محمد يتيم: "إن الحركات الإسلامية هي أشد قربا إلى ممارسة الحداثة بمفهومها الإيجابي خاصة بما يتعلق بآليات اشتغالها داخل تنظيماتها وإعمالها لمبادئ الشورى والتداول ومحاولة إيجاد حلول متجددة للمشاكل العصرية". واستدل الأستاذ محمد يتيم في المحاضرة التي ألقاها في أشغال الملتقى الوطني الثالث لشبيبة العدالة والتنمية المنعقد بمراكش ما بين 11و13رمضان الجاري في موضوع: الحداثة والعلمانيةعلى قوله بما ذهب إليه الأستاذ محمد الطوزي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، الذي قال: إن هذه الحركات تنتج لنا ما يسمى بالمجتهدين الجدد، وذلك بعدما أغلق باب الاجتهاد لقرون طويلة. كما ألقى يتيم الضوء على نظرية: التقريب والتغليب للدكتور أحمد الريسوني الذي قال فيه إنه استطاع أن يؤصل لقاعدة الأغلبية العمود الفقري للديمقراطية الحديثة. من جهة أخرى، ركز الأستاذ يتيم على تاريخ الحداثة والعلمانية كمصطلحين غربيين تعاملت معهما الساحة العربية كما تعاملت مع مصطلحات جديدة تبرز إلى الوجود أثناء أية عملية تحول اجتماعي، ومنها مصطلحات اللبرالية والاشتراكية والديمقراطية، وقال يتيم :إن العرب أصيبوا بصدمة قوية بعدما اكتشفوا التقدم الكبير الذي عرفه الغرب خاصة بعد معركة إيسلي الشهيرة، لذا وجد المناضلون العرب أنفسهم أمام منظومة حضارية غربية تتحدث عن اللبيرالية التي لم تجد لها موقعا في المغرب، أو عن الإيديولوجية الماركسية التي وسعت رقعتها على الساحة العربية، لكن بعد سقوط سور برلين أصبح من كان يولي وجهه نحو المعسكر السوفياتي يبحث عن مصطلحات جديدة تعبر عن روح الحضارة الغربية المنبثقة عن فلسلفة عهد الأنوار، ولم يجد هؤلاء بدا من إعادة اكتشاف الحداثة كمفهوم تاريخي ومنظومة تاريخية حتى أصبح شعار المرحلة، لكن بظهورهذا الشعار بدأت تطرح معه عدة أسئلة محرجة خاصة إذا علمنا أنه مصطلح تبنته الدولة المعاصرة من الناحية العملية كشعار مرفوع على أسنة الاستعمار، وكمثال على هذه الأسئلة: هل يمكن أن نعيد تجربة الغرب فننهض كما نهضوا وذلك باستنساخ التجربة الغربية، وهل يمكن أن نأخذ بالحداثة كما مارسها الغربيون؟ وأجاب الأستاذ محمد يتيم عن ذلك بالقول إنه من غير الممكن أن نعيد هذه التجربة بحذافيرها وإلا أصبنا بعسر الهضم، لذل يجب أن نعمل على تفكيك هذا المفهوم لتسهيل عملية استيعاب مفهوم الحداثة، موظفا مفهوم التكيف كما استخدمه عالم النفس السويسريجان بياجيه، أي اعتباره علاقة جدلية بين الاستيعاب والتلاؤم، وهو ما يقتضي استدماج مقاصد الحداثة (العقل، العقلانية...) في إطار لا يتعارض مع مقاصد الشريعة وفي إطار التجدد الضروري للخطاب الإسلامي، وأعطى المحاضر مثالا بمفاهيم إيجابية جاءت بها الحداثة كمفاهيم العقلانية والعلمية والعدالة الاجتماعية، ومفهوم الحرية التي لا ينبغي أن نأخذه مرادفا للإباحية والفوضوية، بل هي بهذا المعنى تجسيد للانعتاق من الشهوات لدى جميع القوى المعادية للحق والعدل، ومن ثم لفظ ما لا يتلاءم معجسدناالثقافي والحضاري تماما كما يجري في عمليات التكيف البيولوجي، مؤكدا على تحرير حمولة هذا المصطلح حتى لا: يبقى رهينا للتسويق السياسي المحض، خاصة إنه إذا علمنا أن البعض ممن ينادي بهذا المصطلح هو أبعد عنه والدليل ما تعرفه الثقافة الحداثية من نكوص داخل الأحزاب السياسية المنادية بها نفسها. وللتدليل على ضرورة التعامل النقدي مع الحداثة من أجلتبيئتها اعتمد المحاضر على بعض معطيات العلوم اللسانية للتأكيد على أن المصطلحات حينما تنتقل من سياق إلى آخر لا بد أن يغتني مفهومها بمعطيات ودلالات يفرضها السياق الذي انتمت إليه، مذكرا بمفهوم أساسي في اللسانيات وهو حركية الدليل اللغوي حيث إن كل دال يأخذ عدة دلالات بحسب تغيير السياق اللغوي، وفي حالة الحداثة يجب الأخذ بعين الاعتبار السياق التاريخي والاجتماعي والثقافي والمجال التداولي للمصطلح. عبد الغني بلوط