. وبدا وعي مسؤولي دوزيم بالدور الإعلامي الممكن لقناتهم في الإشعار بقضية الصحراء المغربية، وبخاصة موضوع المحتجزين المغاربة بمخيمات ما يسمى جبهة البوليساريو، من خلال العمل على تخصيص جزء هام من البرنامج الشهري غران انغل (الزاوية الكبرى)، الذي بث مساء الخميس (الماضي)، لاستيقاء شهادة مؤثرة لمعتقل سابق بمخيمات تندوف حول الفظاعات التي يتعرض لها المحتجزون المغاربة. وتابع البرنامج، في قالب روبورتاج مؤثر، بمنحه الكلمة بعدها لحسن مهراوي، وهو شاب مغربي مقيم بفرنسا ويرأس جمعية سينرجي إيل دوفرانس، المكلفة بتحسيس الرأي العام بقضية المغاربة المحتجزين بتندوف، قبل أن يعرج البرنامج على شهادات مهتمين آخرين. وسبق لقناة دوزيم أن تناولت موضوع المحتجزين المغاربة من خلال البرنامج المعروف مختفون، الذي يعده ويقدمه الزميل خالد أدنون، حيث استطاع البرنامج، في حلقته الأخيرة، أن ينقل المشاهد إلى قلب معاناة المحتجزين المغاربة، من خلال رصد شهادات عائلاتهم بالمغرب وشهادات عائدين إلى أرض الوطن في قالب زاخم بمؤثرات بصرية تجلب اهتمام المشاهدين. ويبقى من المأمول إذن أن تكثف قناتينا الوطنيتان مجهودهما الإعلامي للقيام بالدور المنوط بها في الدفاع عن الوحدة الترابية والتحسيس بمعاناة الأسرى المغاربة بمخيمات البوليساريو من خلال برامج تراعى فيها المهنية اللازمة والقدرة على التأثير لما يخدم الإجماع الوطني حول قضية صحرائه ويشعر الرأي العام الدولي بعدالة الموقف المغربي في القضية. يونس السلاوي برنامج حلو وكذاب على شاشة ال أم بي سي: برنامج يُعنى بالتحليل النفسي لضيوف البرنامج يعرض على شاشة مركز تلفزيون الشرق الأوسط أم بي سي كل يوم في هذا الشهر الفضيل، ربع ساعة قبل الرابعة بعد الزوال بتوقيت غرينتش برنامج اسمه حلو وكذاب، وإذا كانت التسمية هي بالدارجة المصرية فإن مقدمه ومنشطه وضيوفه هم أيضا مصريون. تتلخص فكرة البرنامج الحواري في أن مقدم البرنامج وهو الناقد الفني محمود سعد يستضيف في كل حلقة ضيفا من الممثلين أو الممثلات في الشاشة الصغيرة أو الكبيرة ويلقي عليه أسئلة مستفزة للتفكير يستهدف من ورائها كشف طباع الضيف وخصائصه النفسية والعاطفية ومبادئه في الحياة وطريقة تعامله مع مواقف ومشاكل متعددة، عائلية ومهنية واجتماعية مع الأصدقاء والزملاء، وبينما يجيب الضيف على الأسئلة يرصد جهاز متطور لكشف الكذب، بواسطة خيوط وضعت على ثلاثة أصابع من اليد اليسرى للضيف، السيولة العصبية الصادرة منها، وحجم توترات المستجوب التي تختلف بحسب نوعية السؤال المطروح، والذي يكون في الغالب محرجا يصب في عمق نفسية وشخصية الضيف، وعلى الشاشة تظهر طيلة مدة البرنامج مرة بعد مرة إحدى العبارات الآتية: هادئ متوتر مرتبك، وتعد هذه العبارات قراءة الجهاز للحالة النفسية للضيف عند رده على كل سؤال على حدة، فتتراوح هذه الحالة بين الارتباك والهدوء والتوتر، والحقيقة أن مبعث جودة هذا البرنامج في نظري هو: أولاً تركيزه على استجلاء باطن الضيف وخبرته في الحياة وتعامله مع الأشياء والأفكار والمواقف، ثم إن مقدم البرنامج يمتلك مهارات في الحوار وبرودة أعصاب وحميمية في الكلام تجعل البرنامج دردشة جدية وودية في الآن نفسه، تتخللها لحظات ضاحكة وشرب للعصير الذي وضع في كأسين أحدهما للضيف والآخر لمنشط البرنامج، ومن العناصر أيضا التي تساهم في نجاح البرنامج الديكور المؤثت للفضاء والمؤثرات الموسيقية والبصرية المرافقة له. ويستمر محمود سعد على امتداد ما يزيد عن ربع ساعة في إلقاء أسئلة، العديد منها لا يتطلب من الضيف سوى الإجابة بنعم أو لا، وهذا لعمري أحد مقومات السؤال الصحفي الجيد، لأنه يحصر الجواب في احتمالين لا ثالث لهما ولا يترك له المجال مفتوحا للاستفاضة في الإجابة، ولربما للخروج عن سياق الموضوع، ويحرص المقدم على ملاءمة الأسئلة مع شخصية الضيف وما عُرف عنه في الوسط الفني المصري، وهكذا فلا مجال لأسئلة نمطية موحدة تكرر في كل حلقة، ولإشراك المشاهد وتشويقه وضمان متابعته إلى غاية نهاية البرنامج يظهر بين الفينة والأخرى تقني يجلس وراء جهاز مراقبة توترات أعصاب الضيف، ويظهر على شاشة الجهاز منحنى يصعد وينزل تبعا للتغيرات النفسية للمستجوب. وفي نهاية البرنامج يقدم منشطه لضيفه حصيلة ما توصل إليه الجهاز من ملامح لشخصيته الفكرية والنفسية وطريقة تفكيره وتعامله مع أوضاع مختلفة تشكل امتحانا وتحديا له، كما يبلغه ما إذا كان يجيب بتوتر أم لا، وما إذا كان قد كذب في إجاباته ولم يقلُ الحقيقة، وفي كل مرة يسأل منشط البرنامج الضيف إذا ما كانت هذه الخلاصة أو تلك صحيحة وتمثل جزءا من شخصيته، وقد لاحظت أن إجابات الضيفين في الحلقتين اللتان تابعتهما في الأيام القليلة الماضية تصب أغلبها في الإيجاب والموافقة على التحليل النفسي المقدم. وبالجملة، فإن البرنامج يغري بالمشاهدة والمتابعة إلى آخر لحظاته، بل أعتقد أن كل من سيشاهده سيود لو كان هو الضيف حتى يتمكن من معرفة نفسه وملامح شخصيته التي تميزه عن غيره، والتي يحتاج الوصول إليها إلى رؤية الآخرين للذات كعنصر أساسي ومكمل لمعرفة الإنسان لنفسه، ولعل نجاح البرنامج راجع إلى إثارته من زاوية أخرى للسؤال الفلسفي الذي دعا إليه سقراط: اعرف نفسك بنفسك، ولهذا لم أملك نفسي بعد نهاية البرنامج أن أسأل: وماذا عني أنا؟ محمد بنكاسم