، وهو رقم مهول يدل على أن حوادث السير أصبحت تشكل هاجسا لدى المسؤولين، باستنزافها للموارد الاقتصادية والبشرية للمغرب، وتبعاتها النفسية والاجتماعية والقانونية. وأمام الجهات المعنية تحديات كبيرة لتجاوز هذا الوضع المتردي في هذا المجال، خاصة العمل على تحديد الأسباب الحقيقية وراء تفاقمه، والتخلي عن العلاجات الموسمية التي تبين أنها لم تؤد إلى نتائج ملموسة لحد الساعة. وتجدر الإشارة في هذا الباب أن من الأسباب الرئيسية لحوادث السير بالمغرب ما له علاقة بتوزيع الخمور بالمغرب، إذ لا بد من إجراء إحصاءات دقيقة من قبل المعنيين بالأمر تبين هذه العلاقة وتحدد علاجا لها. وكان الوزير الأول السيد إدريس جطو قد دق ناقوس الخطر يوم الاثنين الماضي أثناء ترأسه أشغال اللجنة الوزارية المكلفة بالسلامة الطرقية، بإعلانه أن التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لحوادث السير بالمغرب تمثل حوالي 5ر2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للمملكة، أي ما يعادل 11 مليار درهم سنويا، وأن هذه الحوادث أضحت من بين الإشكاليات المعقدة المعاصرة التي يعاني منها المغرب باعتبارها تمثل معضلة اجتماعية ونزيفا اقتصاديا يؤديان إلى عرقلة عوامل التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وأمام تفاقم هذا الوضع تم إحداث اللجنة الوزارية المكلفة بالسلامة الطرقية بهدف اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمحاربة حوادث السير والتخفيض من عددها ومن حجم ما يترتب عنها من خسائر في الأرواح والإمكانات الاقتصادية والاجتماعية. وأعلن جطو عن إصدار نص تنظيمي يقضي بمأسسة هذه اللجنة وتحديد اختصاصاتها وتنظيم سير عملها، وإحداث لجنة للمتابعة منبثقة عنها، تسهر على ضمان المواكبة المستمرة لما يتم إنجازه في إطار الاستراتيجية الوطنية المندمجة للسلامة الطرقية وجميع المخططات المنبثقة عنها، وكذلك مأسسة وإنشاء لجن جهوية للسلامة الطرقية تحت رئاسة الولاة تضم في عضويتها كافة القطاعات المعنية على المستوى الجهوي للسهر على تنفيذ جميع المخططات التي يتم إقرارها. وقدم كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل، الخطوط العريضة للاستراتيجية الوطنية المندمجة للسلامة الطرقية، وأن إعدادها تم على ضوء مشاورات موسعة ومساهمة مختلف القطاعات المعنية في إطار هياكل تقنية ولجن للتنسيق والمتابعة، وقع إحداثها لهذا الغرض عملت على امتداد ثلاث سنوات. وهذه الاستراتيجية ستمر عبر ثلاثة مراحل أساسية: أولا: تحليل الوضعية العامة ورصد أهم المشاكل والعوائق، ثانيا: تسطير رؤية خاصة بالسلامة الطرقية تجعل منها أولوية وطنية للتخفيض الملموس والمستمر من ضحايا حوادث السير، وثالثا: وضع الاستراتيجية المندمجة وما انبثق عنها من برامج عمل حول السلامة الطرقية.