ركزت غالب التصاريح الحكومية المغربية على المؤشرات الاقتصادية لقياس مدى تحقق تنمية في البلاد، ويبرز ذلك على مستوى قانون المالية ومخططات التنمية، غير منتبهة لأهمية كبيرة للمؤشرات الاجتماعية، من قبيل نسبة الفقر ونسبة التمدرس ومتوسط الحياة ومايرتبط به من تغطية صحية، وكذا ضعف التشغيل وتزايد نسبة العطالة وغيرها، مع العلم أن مفهوم التنمية يقوم بالأساس على أن البشر هم الثروة الحقيقية للدول، وهو الأمر الذي تبناه برنامج الأممالمتحدة الإنمائي منذ سنة 1990 عندما بدأ يصدر تقريرا سنويا للتنمية البشرية. وقد جاءت محصلة تقرير 2003 لتؤكد بوضوح العلل التي تعيق التنمية الانسانية العربية، والتي يمكن تلخيصها في علل كبرى أهمها: تضييق الحريات، وعدم الاهتمام والاستثمار في المعرفة وإنتاجها في أفق توظيفها كسبيل أساسي من سبل التقدم. وبالرجوع إلى حالة المغرب نجد أن التصريح الحكومي الأخير وإن كان يعترف بتفاقم الأوضاع الاجتماعية وخاصة على مستوى البطالة والسكن والأمية والتمدرس، ومحاولة حكومة إدريس جطو التغلب عليها وبالتحديد في مجال السكن الاجتماعي والرفع من مستوى التمدرس ومحاربة الأمية، حيث اتخدت خطوات جبارة، فإن الحكومة المغربية رغم ذلك تبقى عاجزة عن تحقيق تنمية بشرية وإنسانية متطورة ومطردة، لعدم تغيير رؤيتها لمفهوم التنمية واقتصارها على المؤشرات المادية والاقتصادية (إنعاش القطاع الخاص، جذب الاستثمارات الأجنبية الخاصة ...) لقياسها بدل التركيز على المؤشرات الاجتماعية. وهوما يفسر رفض عدد من المسؤولين للمرتبة 126 التي احتلها المغرب بخصوص مستوى التنمية البشرية، في حين حصلت تونسوالجزائر على مراتب أحسن 91 و107, رغم أن المغرب يتوفر على استقرار سياسي واانتعاش اقتصادي أحسن من الجزائر على سبيل المثال. ما من شك أن حكومة إدرس جطو تبذل جهودها لتحسين الوضع في المجالات الاجتماعية المشار إليها لكن السؤال يطرح على رؤيتها لمفهوم التنمية ونوعية المؤشرات التي تقيس بها مدى تحقق التقدم والتحسن في الأوضاع . ويبدو أنه مهما كانت تقييمات تقرير برنامج الأممالمتحدة الإنمائي الأخير لحال التنمية في المغرب، فإنه من المستحسن التعامل معه من منطلق الاستفادة، ومن ثم العمل بشجاعة على معالجة السلبي منها والبناء على ما هو إيجابي، وليس من منطلق إنكار الواقع أو تبريره. مروان العربي للمزيد من المعلومات يرجى الإطلاع على المقالات التالية: تقرير التنمية البشرية في العالم العربي خلص إلى أن تغيير الأوضاع العربية لا يمكن أن يتأتى إلا من الداخل لا بضغوطات خارجية وضعية مخجلة لمستوى التنمية البشرية بالمغرب رغم الإصلاحات المنجزة محمد الناجي المحلل الاقتصادي والخبير في مجال التنمية البشرية ل "التجديد": ضعف المؤشرات الاجتماعية وسوء توزيع الثروة بين الفئات الاجتماعية وراء تقهقر رتبة المغرب في مجال التنمية البشرية