يواصل المخرج الفلسطيني عزمي مصطفى تصوير حلقات المسلسل التلفزيوني الشتات في عدد من المدن السورية (دمشق وحلب وطرطوس) وهو أول عمل درامي يحاول أن يكشف حجم الزيف والخداع الذي رافق نشوء العقيدة الصهيونية وتطورها منذ بدايات القرن الماضي وحتى قيام الكيان الإسرائيلي عام 1948 على أرض فلسطين. ويسلط المسلسل الضوء على الشخصيات الصهيونية التي لعبت دوراً فاعلاً في تلك الحقبة، من أمثال هرتزل صاحب فكرة إقامة وطن قومي لليهود في أرض الميعاد. ويقول مخرج المسلسل عزمي مصطفى أن العمل يتناول الفترة التي أدت الى قيام دولة إسرائيل، والوسائل التي اتبعتها الحركة الصهيونية لاحتلال فلسطين، استناداً إلى عدد كبير من الوثائق والمراجع التاريخية، بما فيها وثائق الحركة الصهيونية نفسها التي تفضح قراءتها التحليلية زيف ادعاءاتهم الباطلة. ويتناول المسلسل الفترة الممتدة بين 1912 و1948 وهي الفترة التي شهدت تحول الفكرة الصهيونية الى حركة عالمية من خلال تحركات هرتزل الأب الروحي للصهيونية الذي قاد الحركة في أوروبا ورسم الكثير من المؤامرات من خلال علاقته بامرأة تدعى جين كان يستخدمها للتجسس والإيقاع بعدد من الزعماء والضباط الانكليز والفرنسيين. وتبدأ المرحلة الثانية من المسلسل بعد وفاة هرتزل مصابا بمرض الزهري، حيث يواصل بعض تلاميذة قيادة الحركة الصهيونية، وفي طليعتهم حاييم وايزمن، الذين مارسوا كل الوسائل والأعمال التي أدت في النهاية الى قيام اسرائيل. ويشير المخرج عزمي مصطفى الى ان المسلسل يهدف في الواقع الى كشف مدى تكاسل العرب أصحاب الحق، وضرورة الاستفادة من دروس التاريخ التي تكشف كيف حارب الصهاينة بكل الوسائل لتنفيذ حلمهم باقامة وطن قومي في فلسطين على حساب أصحاب الأرض الذين تشردوا في الشتات وتحولوا إلى لاجئين وما زالوا يعيشون حتى اليوم في المخيمات! وعلى الصعيد الاخراجي، قال المخرج عزمي مصطفى أنه استفاد من تجربته السينمائية فاستخدم تقنيات العمل السينمائي في تصوير المسلسل بطريقة تتناسب مع المضمون التاريخي والوثائقي ولكن في إطار درامي يعبر من خلال الحوار عن طبيعة الاحداث. وتلعب الفنانة أمانة والي دور نانسي اليهودية وهي عضو مؤثر في الوكالة اليهودية لشؤون الهجرة الى فلسطين، وكانت تعمل بكل جهد لتهجير أكبر عدد من اليهود الى ارض الميعاد، كما أنها شخصية درامية متعددة الجوانب. اما الفنان عباس النوري فيقوم بدور الرجل اليهودي المخدوع ألبير الذي يرفض فكرة الهجرة إلى فلسطين، ولكنه يتعرض لضغوط عنيفة تصل الى حد اغتصاب ابنته سارة وقتل زوجته بالسم على يد ابنها الشاب الصهيوني المتحمس لفكرة الصهيونية! ويجسد الفنان تيسير إدريس دور هرتزل صاحب فكرة إنشاء الوطن القومي لليهود ومؤسس الحركة الصهيونية العالمية. ويبرز المسلسل علاقات هرتزل بعدد كبير من السياسيين الاوروبيين ومحاولاته الدائمة للتدخل في شؤونهم بهدف إضعافهم وابتزازهم، وقدرته على خداع جيل كامل من الشباب اليهودي في اوروبا الذين اعتنقوا الصهيونية فكراً وعقيدة.. ولكنه يفشل في تحقيق حلمه ويموت قبل أن يشهد قيام ?الدولةف على أيدي تلامذته المتعصبين. وقال الفنان تيسير إدريس انه كان يعاني أزمة نفسية داخلية وهو يؤدي دور شخصية تاريخية يشعر تجاهها بكراهية شديدة كإنسان عربي، ولكنه كممثل كان يجب أن يقدم شخصية هرتزل بصدق لكي يكون مقنعا في أدائه من الناحية الفنية! ويشارك في المسلسل عدد من كبار الفنانين السوريين من أمثال زيناتي قدسية الذي يلعب دور حاييم وايزمن أول رئيس لدولة اسرائيل بعد قيامها عام ,1948 والفنان سليم صبري الذي يجسد شخصية رئيس وزراء بريطانيا آنذاك لويد جورج كما يجسد الفنان هاني الروماني شخصية اللورد بلفور صاحب الوعد البريطاني بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وتلعب الفنانة مي سكاف شخصية جينفالمرأة اللعوب التي تلعب دورا مهما في حياة هرتزل والحركة الصهيونية. ويبقى ان.. يخرج المسلسل الى عيون الناس بالشكل الذي يعطي الصورة الحقيقية لقضية لا تزال تشغل الناس وتملأ الدنيا منذ ما يزيد عن قرن من الزمان وتمر الان في المفرق الصعب بين التسوية النهائية والصدام الدموي الى ما لا نهاية. المصدر: واعرباه