في حوار عابر مع أحد القيادات الإسلامية في المغرب الأقصى حول الديمقراطية ،وأثناء منا قشتنا لموقف الإسلام منها وتعاطى الإسلاميين معها طرح الأخ العزيز على سؤالا محددا: أيهما أفضل :دولة مستبدة تطبق الإسلام أو دولة ديمقراطية لا تطبق الإسلام؟ فأجبته دون تردد أنني أفضل الأولى مع اننى أشرت إلى أن الاستبداد والإسلام غير منسجمين. بعدها فكرت في المسألة ورأيت أن جوابي لم يكن صحيحا أوبالا حرى لم يكن دقيقا ورأيت أن أتناول المسألة من زاوية أشمل في هذا المقال. في تحديد المفاهيم لعل المفهومين المتفاضل بينهما في سؤال الأخ المغربي الفاضل يحتاجان لبعض التحديد والتدقيق، فالشريعة ليست قوانين يطبقها من شاء من الأنظمة بغض النظر عن طبيعته ومشروعيته، صحيح أن القوانين والمساطر جزء هام منها ولكنها اشمل من ذلك. الشريعة هي نظام الإسلام في الحياة، والسياسة جزء منه وجانبه السياسي المتمحور حول فكرة العدل قسمان: أحدهما قبل الحكم والآخر بعده، بمعنى أن الشريعة قبل أن تحدد للحاكم ماذا عليه أن يفعل تحدد له كيف يصل للحكم ومتى يكون شرعيا.. فلابد من اختيار الأمة وقبولها للحاكم فذلك مصدر الشرعية له في الإسلام بذلك تمت بيعة أول خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبه كانت السلطة للفاروق رضي الله عنه عندما بايعه الناس في المسجد موافقين ومقرين رأي سلفه الصديق خرضي الله عنه خ وبالاختيار تمت بيعة عثمان بن عفان التي ساهم فيها حتى النساء المخدرات في حجابهن.. وعلنا وفى المسجد كان اختيار الإمام على بن أبى طالب رضي الله عنه. وهكذا فلابد من اختيار الأمة وقبولها ليصبح الحاكم شرعيا فذلك المعنى الأولى والاساسى للشورى في الأمر، فهذا جزء من الشرعية هام عاصم لما بعده غالبا. أما الجزء الثاني فهو ممارسة الحاكم نفسه وسياساته التي ينبغي أن تتأسس على الكتاب والسنة وتنفيذ أحكام الإسلام العامة والخاصة. أما حصر الشريعة في جانب التنفيذ والتطبيق دون جانب الانتخاب والاختيار فهو الذي أودى بالأمة تاريخيا.. صبرت الأمة لأن الحكام غير المختارين في مسلسل الملكية الأموية والعباسية، ظلوا محافظين على جوانب من التطبيق الاسلامى. ولكن الانحدار ظل متواصلا حتى انتهى إلى الانحطاط فالانهيار.. لأن جانب التطبيق من الشريعة بعد أن تم تجاوز جانب الاختيار ظل في تنازل لأن حكم الأهواء البعيد عن الناس ورقابة الأمة كان صاحب القرار الأول والأخير. أما الديمقراطية -وبعيدا عن التعريفات الأكاديمية والتفصيلات التاريخية-فهي وسيلة محايدة لتنظيم الاختلاف والتداول سلميا.. تعني أن يحكم الناس أنفسهم، يختارون من يحكمهم، يراقبونه، يملكون سلطة تغييره حين يريدون ويحتاجون.. صحيح أنها عرفت تطبيقات مختلفة وتداخلت مع مفاهيم كثيرة مما شوش على البعض وسبب له التباسا كبيرا في النظرإلى الديمقراطية لكن جوهرها هو ما أشرنا إليه وهي بهذا المعنى لا توافق الشريعة في جانبها التطبيقي، ولا تخالفها وهو نفس علاقتها مع غير الشريعة، قد تأتي بالشريعة للحكم وقد تأتي بعكسها حسب ما يختاره الناس ويقررونه، فهي تنظم لهم صراعهم وتنافسهم دون اللجوء للقوة والعنف والإكراه. توافق لا تعارض من هنا لا نبالغ إن قلنا إن الشريعة لا تتناقض مع الديمقراطية بل إنهما يتفقان في مجال الثانية وجزء من الأولى.. من هنا تكون دعوة استيعاب الديمقراطية خصوصا إذا استحضرنا تطورها الدستوري والمؤسسي في الفكر السياسي الإسلامي ذات معنى خصوصا إذا علمنا أن هذا الجانب من الإسلام لا تفصل فيه النصوص الملزمة كثيرا بل إنها تضع ضوابط وترسم اتجاهات أكثر مما تحدد إجراءات وتفصل لوائح. من هنا ليس غريبا على الإسلام وهي عادته التاريخية مع النبتات الطيبة أن يستوعب الديمقراطية في عملية تجديد فكري في المحور السياسي وذلك موضوع أوسع وأهم من أن نختزله هنا وبالتالي نتجاوزه حتى حين. من التاريخ إلى الواقع سبق وأن اشرنا إلى أن الأمة تاريخيا عانت من الانحراف في المجال السياسي وفي جانبه المتعلق بالاختيار حينما تحولت من الخلافة الراشدة إلى الملك العضوض وعليه فإن مشكلة المسلمين تاريخيا والتي ظلت تنخر في جسمهم كانت مشكلة حرية سياسية، وما ضعفوا وما استكانوا ليهيمن عليهم عدوهم بعد ذلك إلا عندما غيبوا إرادة الأمة، من هنا تكون كل محاولة للنهوض بالأمة مطالبة بأخذ ذلك بعين الاعتبار فيكون مفتاح الشريعة ومدخلها هو جانبها الذى فرط فيها ابتداء دون التفريط والتساهل فى جانبها الآخر فهى متكاملة شاملة . فالعمل لنيل الأمة حقها المسلوب في اختيار حكامها ونمط حياتها هو البداية المنطقية لأمة لم تعانى من مرض مثل ما عانت من مرض الاستبداد، صحيح أن المسلمين عانوا من الردة العلمانية وأن هذه العلمانية تحارب الشريعة خصوصا فى جانبها التطبيقى ولكن صحيح كذلك أن أهم سلاح لمقاومة هذه العلمانية هو جرها لميدان الاختبار الشعبي، وهو أمر تؤكده الاستحقاقات الانتخابية المحتشمة في العالم العربي والاسلامى ،من هنا يكون مدخل الشريعة المناسب الذى يطرحها بعقلانية وتدرج هو المدخل الد يمقراطى أو قل إن الديمقراطية وحرية الانتخاب والاختيار في الأمة هي المقدمة الصحيحة نحو دولة الشريعة التي يختارها الناس وتسوسهم بأحكام الله. وأي باب آخر نسلكه مختارين لا مضطرين لن يؤدى إلى الأهداف الإسلامية السامية.. قد ننجح في تحقيق مكتسبات للإسلام من خلاله ولكن مالم نغلقه بسرعة ونسده تماما ونفتح الباب الحقيقي فإننانحكم على تجربتنا مهما بدت ناجحة في البداية أوفى الأمد المتوسط بالموت البطيء لأن حرية الإنسان وحقه في الاختيار هبة ربانية لا يحق لأحد مصادرتها فما دام الله وهو العدل الحق لم يكره عباده على الإيمان والإسلام والاستقامة فلاينبغى للبشر مهما صدقت النيات أن يفعلوا ذلك. عودة للتفاضل من هنا يكون سؤال الأخ المغربي في غير محله فهناك حالتان أمام المشروع الاسلامى:أما أن يجد وضعا تطبق فيه الديمقراطية وتحترم فيه إرادة الناس، وإما ان يجد عكس ذلك حيث الديكتاتورية والقمع. أما في الحالة الأولى فلاينبغى بحجة الحق وتطبيق الشريعة أ ن يتجاوز الإسلاميون قواعد التداول بل عليهم اللجوء للأمة لطرح خيارهم والدفاع عنه نجحوا في ذلك أو تأخر نجاحهم إلى حين، أما فى الحالة الثانية فإزالة الظلم واجب شرعى لايجزئ في حقه الاا لقيام بكل مستطاع مباح.. أما الحالات الأخرى بين النموذجين فيتعامل معها على ضوء ميزان القوى ومنطق الممكن. وهكذا فالمجالان متمايزان لا يمكن التفاضل الحدي بينهما بناء على سؤال الأخ السابق الذكر.. ثم إن طرح التقابل بهذا لشكل دولة ديكتاتورية تطبق الإسلام فى مقابل ديمقراطية لا تطبق قد يشجع حكومات هي عن شعوبها غريبة لبعض الخطوات غير الكافية وغير الجادة حتى تدخل دائرة حكومات الشريعة أو الحكومات التي دشنت طريق الشريعة، فلنغلق الباب ولندع إلى جانب الشريعة المتعلق بالاختيار مقدمة لجانبها المتعلق بالتنفيذ والقرار.. من هنا نعاود طرح السؤال بصيغة أخرى نعتقد أنها الأهم والأكثر صلة بالحراك الاسلامى المعاصر:من أين نبدأ؟ وماهى اولوية المرحلة سياسيا. اعتقد غير متجاهل لما يمكن إنجازه بواسطة دعوة الحكام لتطبيق الشريعة فى جانبها التنفيذي والإ جرائى أن التركيز ينبغى أن يكون على تطوير وعى الأمة بحقها في الاختيار وترسيخ التقاليد الشورية والديمقراطية ليحيا من حيى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، وحتى لا تكون الشريعة قرار حاكم يغير ه إذا تضررت مصالحه أو اشتد عليه ضغط دولي أواقليمى ما، بل لتكون خيار شعب وإقرار أمة ضمن قاعدة مدنية متعارف عليها لا سلطة فيها للإكراه فالسؤال إلى ما يدع الإسلاميون أولا ؟ والجواب يدعون لإعطاء الأمة حقها في اختيار مصيرها ثم يدعون هذه الأمة أن تختار الإسلام وحكمه وقانونه وهى مختارة له بإذن الله ولنقطع مع الاستبداد والديكتاتورية فلا خير فيهما مطلقا. وأخيرا أجيب الأخ المغربي العزيز.. أفضل دولة ديمقراطية تحكم بالإسلام محمد جميل ولد منصور البيان التأسيسي للمنبر الموريتاني للديموقراطية والإصلاح إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب تمر موريتانيا بظرف في غاية الحساسية والخطورة، أهم مظاهره: إفراغ مؤسسات الدولة من معناها والتحايل على إرادة الشعب عند كل استحقاق أو بعده. التنكر لهوية البلاد الحضارية وأصالتها الإسلامية في مجال القيم والثقافة والتعليم. الممارسات القمعية والسياسات التفريقية التي استهدفت الوحدة الوطنية للبلاد ونسيجها الاجتماعي. . إرساء تقاليد مناقضة للمبادئ والأعراف الديمقراطية مثل تزوير الانتخابات ومنع وحل الأحزاب السياسة ومصادرة وحظر الصحف المستقلة ورفض التجمعات والتحركات الشعبية. إفراغ القضاء من محتوى العدل والإنصاف وجعله تابعا للسلطة التنفيذية مأمورا منها في الإجراءات والأحكام. اعتقال السياسيين وزعماء الأحزاب. الحرب على الفقراء تحت شعار الحرب على الفقر وفشو نهب المال العام واستقالة الدولة من مسؤولياتها العامة، وانتشار الفساد في القطاعات الصحية والاجتماعية والاقتصادية. إفساد علاقات البلاد مع أشقائها وأصدقائها من العرب والأفارقة والمسلمين والأوروبيين واستبدال كل ذلك بعلاقة مدانة مع الكيان الصهيوني وارتهان سافر لسياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية حتى في احتلالها للعراق الشقيق.. الاقدام على شن حملة اعتقالات ظالمة، تخرج على القانون ولا تسوغها المصلحة، استهدفت التيار الإسلامي الوسطي والمسالم بعلمائه ودعاته وسياسييه، مدعية وجود إرهاب موهوم ومحدثة بذلك لأجواء التوتر والاضطراب علها تفعل ما تريد الآن ويوم السابع من نوفمبرٍ(موعد الانتخابات الرئاسية)؛ ولعل وضعية الانسداد هذه كانت أهم الأسباب التي تفسر التمرد العسكري الذي حدث يومي 8 و 9 يونيو 2003 والذي سعى بالأسلوب العنيف إلى الهدف الصحيح. في هذه الظرفية وجدنا لزاما علينا التحرك والانطلاق سعيا للإسهام في إنقاذ البلاد من الانهيار وحماية نسيجها الاجتماعي ووحدتها الوطنية من التمزق: نلتزم بالإسلام مرجعية هادية ومنطلقا حاكما، نبنى على أصوله ومنهجه وننفتح على عصرنا وحضارته بعقلية مرنة تفيد ولا تتبع، تستوعب ولا تستلب، عقلية تجمع بين أصالة عاصمة ومعاصرة لازمة، عقلية ترفض العنف وتدعو للرفق والتسامح. نؤمن بموريتانيا موحدة جامعة لأهلها بمختلف أعراقهم وفئاتهم وجهاتهم وقبائلهم: يجمعهم الدين والمصالح وتسود بينهم الأخوة والمساواة والتضامن. نلتزم بمنهج الشورى والديمقراطية أسلوبا في الدولة والسلطة، مؤكدين أن الانتخابات التعددية الشفافة هي وسيلة السلطة وصولا لها أو احتفاظا بها. نؤمن بإشاعة الحريات وندافع عن حقوق الإنسان ونعتبر انتهاكها مخالفة للدين وتنكرا للقيم الإنسانية المشتركة. ندعو لترميم وتجذير مفهوم الدولة ترسيخا لمقوماتها وإعطاء للدور الشعبي مكانته فيها. ندعو للمساواة والعدالة الاجتماعية، تجاوزا لكل مظاهر الاسترقاق والاستغلال وإنصافا للفقراء والمستضعفين. ندعو لدور فعال للمرأة في الحياة العامة والخاصة تصونه الأخلاق القيم ويضمن لها مشاركة واسعة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. ندعو لسياسة اقتصادية رشيدة قائمة على التسيير بالأهداف وتتبنى حرية المبادرة وتكافؤ الفرص ولا تلغى مسؤولية الدولة في التوجيه والضبط والعدالة، وتفيد من علاقات الشراكة مع العالم. ندعو لعلاقات خارجية متوازنة: الأولوية فيها لمحيطنا وعمقنا الحضاري عربيا وإفريقيا وإسلاميا ولأصدقاء موريتانيا الأوربيين، دون التفريط بالعلاقات الدولية الأخرى بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية على أساس من الحوار والاحترام المتبادل. نصدر عن عقلية تؤمن بالمشاركة والحوار بعيدا عن روح الإقصاء والأحادية والاحتكار. وإننا نحن المؤسسين، بناء على هذه المنطلقات، نعلن عن المنبر الموريتاني للإصلاح والديمقراطية صوتا جديدا في شكله واسمه، معروفا في فكرته وامتداده وأفراده، منبرا للعمل الجاد والدؤوب في سبيل المصلحة العليا للوطن وضد سياسة القهر والاستبداد والظلم الممارسة في موريتانيا والتي طالت عامة الشعب ويرزح ضحيتها الآن في سجون النظام علماء وسياسيون كثر يتقدمهم: رئيس الجبهة الشعبية محمد الأمين الشبيه ولد الشيخ ماء العينين والعلامة العدل الشيخ محمد الحسن بن الددو. ونحن إذ نعلن عن هذا الإطار خارج البلاد مضطرين فإننا ندرك أنه يعبر عن تطلعات الكثيرين داخل البلاد وسنعمل للتواصل معهم بالأنماط والصيغ المناسبة إن شاء الله. وهي فرصة لنؤكد على: التنديد بالاعتقالات التعسفية ومصادرة الحريات السياسية والصحفية، مؤكدين أنه لا إصلاح ولا انفراج دون إطلاق سراح جميع المعتقلين وإنهاء حملات القمع والمضايقة والمصادرة، وتبنى سياسة ديمقراطية حقيقية تضمن التداول السلمي على السلطة. دعوتنا لحوار سياسي مسؤول بين مختلف القوى السياسية الجادة في الإصلاح والتغيير في الداخل والخارج من أجل الخروج برؤية وخطة لإنقاذ موريتانيا ووحدتها واستقرارها من الانهيار. دعوتنا قوى المعارضة الوطنية لنبذ الفرقة والعمل على توحيد البرنامج والمرشح في الانتخابات الرئاسية القادمة بعيدا عن الحسابات الضيقة وحظوظ الأشخاص والأحزاب. وليطمئن الشعب الموريتاني أن التغيير قادم إن شاء الله، شرطه الأساسي هو أن يغير دعاته والساعون إليه ما بأنفسهم من اختلاف وقصر نظر وانشغال بغير المعالي. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم بروكسيل 08/08/2003 عن المؤسسين، المكتب التنفيذي المؤفت: الرئيس: الأستاذ محمد جميل بن منصور الأمين العام: المهندس: أبو بكر بن المرواني المسؤول الإداري والمالي: د. محمد محمود بن سييدى مسؤول العلاقات: د. محمد عالى بن لولى مسؤول الإعلام: الأستاذ أحمدو بن الوديعة