قدم الأستاذ أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أمام مجلس الحكومة الأخير عرضا يتعلق ببعض التدابير التي من شأنها تأطير الشأن الديني ببلادنا، وذلك من أجل توافق سياسة الدولة مع تعاليم الإسلام الصحيح والالتزام المذهبي والاختيارات السياسية للمغرب، وفق ما أكده وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة في ندوة صحافية عقدها عقب الاجتماع الحكومي. وترمي هذه التدابير في مجملها إلى اعتماد سياسة القرب في تدبير الشأن الديني بالمغرب، وإعلاء دور العلماء ومجالسهم وتأطير المساجد وتهذيب الخطاب فيها. وتأتي هذه التدابير تفعيلا للتوجيهات الملكية لجلالة الملك الواردة في خطاب العرش لهذه السنة، حيث أكد بالقول سنتصدى لمن يروج لأي مذهب دخيل على شعبنا، بقوة ما تقتضيه أمانة الحفاظ على الوحدة المذهبية للمغاربة، مؤكدين بذلك، حرصنا على صيانة اختيارنا لوحدة المذهب المالكي، في احترام لمذاهب الغير، لأن لكل شعب خصوصياته واختياراته، قبل أن يضيف جلالته وبنفس القوة، فإننا نؤكد أن علاقة الدولة بالدين محسومة في بلادنا، في ظل تنصيص الدستور على أن المملكة المغربية دولة إسلامية. وأن الملك أمير المؤمنين مؤتمن على حماية الدين وضمان الحريات، بما فيها حرية ممارسة شعائر الأديان السماوية الأخرى. وتتمثل هذه التدابير في إعادة هيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بإضافة بعض المديريات لتحسين تأطير الوزارة للشأن الديني والاعتماد على سياسة القرب في هذا التأطير، وكذا إعادة إعلاء دور العلماء والمجالس العلمية وتفعيلها لتكون مؤسسة قادرة على القيام بالدور المنوط بها في انسجام مع الاختيار المذهبي للمغرب. وتشمل، من جهة أخرى، هذه التدابير إجراءات لتأطير المساجد من طرف وزارة الأوقاف، ومنها خلق مديرية خاصة بالمساجد، والرفع من عدد المساجد التي تنفق عليها من 46 بالمائة في العالم الحضري إلى 67 بالمائة في متم السنة الحالية. ويقدر، بهذا الخصوص، الغلاف المالي المخصص لتنظيم بيوت الله والتكفل بها 32 مليون درهم. مثلما تشمل هذه التدابير تغيير طريقة تناول الإعلام السمعي البصري للشأن الديني بالمغرب، إذ من المرتقب الإعلان قريبا عن الشروع في تقديم برامج دينية قصيرة، هدفها تنوير الرأي العام في المسائل الدينية. وكان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية تحدث سالفا عن وجود خطة لدى وزارته لتنظيم الشأن الديني ببلادنا، وهي الخطة التي خيمت عليها أحداث السادس عشر من ماي المنصرم الإرهابية، ويفسر ذلك التوقيت الذي خرجت فيه والهدف الذي رمت إلى تحقيقه، ذلك أن خطوطها العريضة كانت تكشفت عقب هذه الأحداث بوقت قريب، حين عرض وزير الأوقاف، منتصف شهر يونيو المنصرم، في جلسة كانت الثانية من نوعها التي تعقدها لجنة القطاعات الاجتماعية والشؤون الإسلامية بمجلس النواب، النقط الرئيسية في هذه الخطة. مثلما أن وزير الأوقاف رسم للخطة هدفا محددا يرتكز على ذرء كل تطرف ديني ببلادنا وإبعاد كل فتنة مذهبية عنه. وقال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حينها، ردا على تدخلات النواب في اجتماع اللجنة المذكور، إن خطة وزارته تستهدف مكافحة كل أشكال التطرف الديني، وهي ترتكز بذلك على منع استعمال المساجد لكل دعاية حزبية، مع الحرص على إبعاد الفتن المذهبية عنها وعن الأماكن العمومية، والرفع من مستوى الخطباء والتواصل معهم عبر كل وسائل النشر، وكذا العمل على تهذيب الخطاب الديني و تكييفه في المساجد دون المساس بحريته وشروطه الشرعية. كما يندرج ضمن خطة وزارة الأوقاف إصلاح التعليم الديني بتنسيق مع الوزارات المعنية، مع التأكيد على أن التعليم الديني يجب أن يأخذ موقعه اللائق بالمضمون اللائق، وكذا تعبئة العلم الشرعي وتأهيله لدعم اختيارات المغرب الكبرى، فضلا عن العمل على تقنين الفتوى في الشأن العام، مع التذكير بأن الفتوى تقرها إمارة المؤمنين. الميزانية الفرعية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية برسم عام 2003 في انتظار الإعلان عن مشروع قانون المالية لسنة ,2004 نحيل في ما يلي عن الميزانية الفرعية المتعلقة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية برسم عام ,2003 حيث بلغت ميزانية التسيير 123 مليون و900 وألف درهم، مقسمة إلى 38 مليون و287 ألف درهم خاصة بنفقات الموظفين، و85 مليون 614 ألف درهم متعلقة بنفقات المعدات والنفقات المختلفة الأخرى. أما ميزانية الاستثمار لسنة 2003 فبلغت 6 ملايين 32 ألف درهم، في حين قدرت ميزانية التسيير الخاصة بالأوقاف 321 مليون و281 درهم. وأشار تقرير لجنة القطاعات الاجتماعية والشؤون الإسلامية بمجلس النواب بخصوص الميزانية الفرعية المتعلقة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى أن الوزارة حرصت على وضع ميزانية خاصة بكل مجلس علمي، مرفوقة ببرنامج يتضمن تنظيم محاضرات وندوات علمية وحملات للتوعية الدينية بمدن المملكة، وذلك بهدف الحفاظ على السكينة الروحية للمواطنين وبعث الوعي الديني في نفوسهم، ونشر الثقافة الإسلامية الأصلية في صفوفهم، والسعي إلى تحصيل المزيد من التثقيف والتكوين السليم خدمة لتراثنا الفكري وثقافتنا الإسلامية. ونقل التقرير المذكور رد وزير الأوقاف على تدخلات أعضاء لجنة القطاعات الاجتماعية والشؤون الإسلامية بمجلس النواب خلال مناقشة الميزانية الفرعية للوزارة، حيث أورد بخصوص الميزانية كونها مرحلة انتقالية، مقرا بأنه ستكون هناك تجربة التحسين والترشيد للوصول إلى بعض الأهداف. وفيما يتعلق بتراجع الميزانية، أوضح الوزير أن هناك أملا في بعض التدابير الترشيدية التي سترفع المداخيل، وأن هناك بعض المبادرات اللصيقة في هذا الشأن تدخل في باب التحفيز. يونس البضيوي