أكد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن العمل بالورش الكبير، الذي فتحه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل تحصين الحياة الدينية لرعايا جلالته وتدبير الشأن الديني شكلا ومضمونا، تدبيرا يتلاءم وثوابت المملكة واختيارات جلالته، يسير على أحسن وجه. وقال التوفيق، في ملخص للتقرير السنوي، حول حصيلة أنشطة المجالس العلمية ووضعية تسييرها، الذي قدمه، مساء يوم الجمعة المنصرم، بين يدي جلالة الملك، خلال ترؤس جلالته حفل إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بمسجد حسان بالرباط، إن العمل بهذا الورش يسير كذلك، وفق متابعة جلالة الملك له وتصويباته النيرة لمساره. وأشار إلى أن هذا الورش أضيفت إلى خططه سنة 2009 منجزات في غاية الأهمية، طالت في المقام الأول العناية بالقرآن الكريم، وهمت أربعة ميادين أساسية أخرى هي تنزيل ميثاق العلماء في الميدان، وتطوير التعليم الديني والعناية بأئمة المساجد، وإدخال تغيير عميق على ضوابط الأوقاف، باعتبارها من الشؤون المرتبطة بالدين. وبخصوص عناية جلالة الملك بكتاب الله، حفظا وتلاوة وطبعا ونشرا وتوزيعا، أشار الوزير إلى تزايد وتيرة الترخيص بفتح الكتاتيب القرآنية في مختلف ربوع المملكة، والتشجيع على الحفظ والترتيل والتجويد والتفسير، من خلال الجوائز الوطنية والدولية، التي تحمل اسم جلالة الملك. وأكد، في هذا الصدد، أنه بالإضافة إلى تكريم كبار القراء، من خلال جائزة محمد السادس لأهل القرآن، جاء إحداث مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، التي ستصدر سنويا مئات الآلاف من المصاحف التي تحتاج إليها مساجد المغرب، أو التي تطلبها مساجد البلدان التي تجمعها بالمغرب قراءة نافع برواية ورش، على أن تدشن المؤسسة عملها بإخراج المصحف المحمدي، الذي تكلف بضبط رسمه كبار القراء المتخصصين في المغرب. وأشار أحمد التوفيق، من جهة أخرى، إلى أن علماء الأمة يعملون بجد على تنزيل ميثاق العلماء، الذي رسم جلالة الملك توجيهه في الخطاب السامي بمسجد تطوان، مبرزا أن الظاهرة التي تنفرد بها المملكة تكمن في التعبئة الكبرى المتمثلة في اشتغال ألف وخمسمائة من العلماء على التأطير المباشر لما يقرب من 500 ألف إمام على صعيد كل الجماعات المحلية، وفق البرنامج الذي أمر جلالة الملك بوضعه بالتنسيق بين المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وفي إطار ميثاق العلماء أيضا، يضيف الوزير، جرى تنظيم الملتقى الأول للعالمات والواعظات والمرشدات، الذي أسفر عن وضع تصور لتطوير التأطير الديني للنساء في كل مجالاته وأبعاده. أما بالنسبة لمجال تعزيز التأطير الديني للجالية المغربية في أوروبا، فأوضح الوزير أن المجلس العلمي، الذي أمر جلالة الملك بتأسيسه لهذا الغرض، استطاع أن يحصل على الترخيص للجمعية، التي سيعمل في إطارها كجمعية فريدة في صفتها ببلدان الاتحاد الأوروبي، ما يعكس بجلاء السمعة التي تتمتع بها المملكة كبلد يرعى قيم الدين السمحة المبنية على الوسطية والاعتدال. وأشار الوزير، من جهة أخرى، إلى إدماج مؤسسات التعليم العتيق في المنظومات القانونية، حيث بلغت نسبة الإدماج أزيد من 80 في المائة، إضافة إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية لأطر هذا التعليم وطلبته، كما أبرز أن إحداث مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، جاء انطلاقا من كون أمير المؤمنين هو الراعي لهذه الفئة، والكافل لجميع قضاياها والضامن لحقوقها المادية والمعنوية. وأكد الوزير أن جلالة الملك الراعي لكل أمانات الأمة المادية والمعنوية، ومن بينها أمانة الوقف تفضل هذه السنة بوضع خاتمه الشريف على الظهير المتضمن لمدونة الأوقاف، التي أصبحت تقنن، ولأول مرة القواعد الفقهية المتعلقة بالوقف وتحين ضوابطه لملاءمتها مع متطلبات تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية، دون المساس بالأصول المقررة في المذهب المالكي. وأشار إلى أنه بتوجيهات ملكية سامية أدرج في هذه المدونة نظام لتدبير مالية الأوقاف العامة يراعي خصوصية الوقف، ويأخذ بجميع الآليات المعتمدة في المحاسبة العمومية، من خلال إحداث مجلس أعلى لمراقبة مالية الأوقاف، يختص بالرقابة على جميع العمليات المتعلقة بالموارد والمصاريف، ويرفع تقريرا سنويا بذلك إلى أمير المؤمنين، باعتباره الناظر الأعلى للأوقاف. وخلص وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى أن هذه الإجراءات والتدابير تدخل عناصر تكميلية في بناء النموذج المغربي لتدبير الشأن الديني كنموذج مستوحى من الثوابت وذي رؤية متكاملة ومندمجة وواضحة، هدفه تحصين الأمة في توافق مع القيم والأعراف.