كانت القاعة رقم (2) بالمحكمة الابتدائية بمراكش، صباح أول أمس الأربعاء فاتح أكتوبر، مسرحا لمحاكمة عمر الجازولي، عمدة مدينة مراكش المنتخب أخيرا، والذي توبع بتهمة تسخير وسائل مملوكة للدولة والجماعة لأغراض انتخابية رفعها ضده محمد لخصاصي وكيل لائحة الاتحاد الاشتراكي بمراكشالمدينة. ولن يكون باستطاعة الرأي المحلي معرفة رأي القضاء في هذه القضية قبل الثامن من الشهر الجاري، بعدما رفعت الجلسة للمداولة، والتي عرفت حضورا مكثفا للصحافة ورجال القانون والمواطنين، وفيها فاجأ محامي الجازولي البعض حين أعلن أن القضية مفبركة، وهي من صنع السلطة المحلية، في إشارة واضحة إلى محاولة عامل عمالة مراكشالمدينة آنذاك السيد مولاي المامون بوفارس - رغم أنه لم يذكره بالاسم - الإيقاع بموكله رئيس بلدية مراكشالمدينة. وترجع أولى خيوط هذا الملف إلى غشت الماضي حين أصدر الجازولي في وقت سابق عن الحملة الانتخابية مطوية من أربع صفحات يصف فيها منجزات بلدية مراكشالمدينة التي كان يترأسها في الولاية المنقضية. في بداية الجلسة، التي كان فيها عمر الجازولي واثقا من نفسه، طلب من هيأة المحكمة أن تبدأ المرافعة لأن الملف جاهز ولا داعي لتأخيره أكثر من اللازم. وقال نور الدين الجازولي محاميه وشقيقه، أثناء مرافعته بعد ذلك، أن موكله ليس من الذين يستخفون بهيأة المحكمة بالتخلف، كما كان يحدث من قبل، وذكر بوقائع مماثلة حفظت فيها قضايا بسبب تخلف المتهمين المرة تلو المرة. وأما الشاهدان في هذه القضية؛ الأول صاحب مطبعة والثاني موظف ببلدية مراكشالمدينة، فقد كشفا أن عمر الجازولي اتفق مع الأول على طبع مطويات على نفقة بلدية مراكشالمدينة. من جهة أخرى ركزت مداخلات إدريس أبو الفضل، النقيب السابق والمحامي الذي كان يساند المشتكي محمد لخصاصي وهو أيضا زميله في حزب الاتحاد الاشتراكي، على أن التهمة ثابتة وأن أوراق الطلبية والتسليم ليست بها تواريخ محددة، مما يعني أن المتهم كان يعرف أنه خارج القانون، وذلك ما ذهبت إليه النيابة العامة التي أكدت على أن عمر الجازولي اعترف أمام الضابطة القضائية بطبع 55 ألف نسخة من هذه المطوية وفي غياب أي قرار جماعي، مما يعتبر جريمة واضحة، كما أن الطريقة المعتمدة في الحصول على هذه المطبوعات بطلبات غير مؤرخة ليس لها ما يبررها لا منطقا ولا قانونا، وأشارت النيابة العامة أنه كانت هناك بعد رفع الشكاية محاولة من أجل إلغاء طلب الاقتناء في محاولة يائسة لطمس معالم الجريمة. وبالمقابل شدد محامي عمر الجازولي، الذي كان يرافع بحرارة زائدة وببعض الاستهزاء انتزعت ابتسامات الحاضرين ورئيس الجلسة في بعض الأحيان، أن شقيقه وموكله اتصل بعد أن طبع هذه الكمية من المطويات بعامل مراكشالمدينة آنذاك قصد الحصول على ترخيص بتاريخ 22غشت ,2003 وهو التاريخ الذي وضعت فيه الشكاية ضد موكله عمر، وقال إن ذلك ليس له غير معنى واحد بالنظر إلى أن المراسلات تبقى سرية، ولن يتوصل موكله بالرد بالرفض في أحسن الأحوال إلا بعد يوم أو يومين، وفسر ذلك بأن المشتكي وكيل لائحة حزب الاتحاد الاشتراكي، وهو محام كذلك وقع في فخ السلطة لتضرب به هذا الرجل الذي لم يعرف وقتها هل كان ينوي الترشح أم لا، ولتزج به في السجن، ومما قاله أيضا: كيف يعقل أن تحرك المسطرة في هذه القضية بالذات، إذا علمنا أن عدة شكايات قدمت إلى الجهات العليا في المدينة في الموضوع نفسه، أولا ضد رئيس بلدية سيدي يوسف بن علي، وثانيا ضد رئيس بلدية المنارة جيليز، ولم يحرك أي ساكن لمتابعة هؤلاء، كما قال إن البحث كان ما يزال جاريا إلى غاية 15 من شتنبر الماضي، في حين توصل موكله بالاستدعاء المباشر يوم 9 من الشهر ذاته، مما يعني أن جهات معينة كانت ماضية في تحريك هذا الملف بكل الوسائل الممكنة، ولولا يقظة ضمير النيابة العامة لقدم شقيقه إلى المحكمة وهو مكبل في الأصفاد. أما مضمون المطوية فقال محامي المتهم إنها لا تحمل أي اسم أو لون أو رمز يحيل على موكله، بل كل المعطيات تشير إلى أعضاء بلدية مراكشالمدينة كافة ومنهم من ينتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي صاحب الدعوة القضائية. يشار إلى أن عمر الجازولي انتخب أخيرا عمدة مدينة مراكش في جلسة عرفت صخبا شديدا وتجاذبا قويا، وتنتظره قضية أخرى تتعلق بالطعن في نتائج هذا الانتخاب ستنظر فيها المحكمة الإدارية في الأيام المقبلة. عبد الغني بلوط