الشيخ ماء العينين فقيه من الصحراء دافع عن وحدة التراب المغربي المولد والنشأة والدراسة هو الشيخ مصطفي (أو محمد مصطفى) بن محمد بن فاضل بن محمد مأمين الإدريسي الحسني، أبو الأنوار الملقب بماء العينين من قبيلة القلاقمة، من عرب شنقيط، مولده ببلدة الحوض الواقع بأقصى جنوب صحراء المغرب يوم 27 شعبان عام 1246 هجرية ( 10 فبراير 1831 ميلادية)، أخذ عن والده القرآن الكريم والعلوم الشرعية واللغوية كما تأثر به في جانب التصوف. قال صاحب معجم الشيوخ: وأخباره في العلم والطريق والسياسة واسعة تحتاج إلى مؤلف خاص. الحج والإقامة بمنطقة الصحراء كتب عنه الأستاذ عبد الوهاب بن منصور، مؤرخ المملكة المغربية في مؤلفه: حفريات صحراوية مغربية، فقال: وسافر إلى الحج عام 1274 وهو ابن ثمانية وعشرين عاما، فمر في طريقه بوادي نون والصويرة ومراكش حيث أكرمه الأمير سيدي محمد بن عبد الرحمن ولي العهد، ثم سافر إلى مكناس فدخلها في 27 رمضان وتلقاه السلطان مولاي عبد الرحمن بكل إجلال وإكبار، ووجهه بعد الضيافة إلى طنجة حيث اركبه عامله بها سفينة متوجهة إلى الشرق، فحج وزار ودخل مصر وعاد منها بحرا إلى وطنه فوصل طنجة يوم 24 شعبان عام 1275 هجرية، وبعدما سلم على السلطان بمكناس سافر منها إلى مراكش فأكرمه ولي العهد ثم سافر منها إلى الصحراء فمر بتيندوف حيث عالمها الشهير الشيخ المختار الجكاني، فطالع الكتب التي في خزانته، ودرس في المسجد الذي بناه قبل أن يلتحق بمضارب قبيلته وخيام عشيرته. الشيخ ماء العينين والجهاد بنى مدينة السمارة واستقر فيها، ومنها قام بتنظيم وتأطير المقاومة ضد المستعمر الفرنسي. ومع رجوع الشيخ من الحج بدأ الفرنسيون في استعمار موريتانيا والتوغل في أراضيها والاستعداد لجعل المغرب تحت القبضة الاستعمارية، في حين أحكم الإسبانيون قبضتهم على إقليم الصحراء، أما الجزائر فمنذ سبعين سنة وهي تحت الحكم الاستعماري. نظم الشيخ ماء العينين القبائل الصحراوية والموريتانية للدفاع لمقاومة المستعمر وسافر مرارا إلى السلطان المغربي ليسلح المقاومة، وقد بلغ عدد زياراته سبعا، أربع لمراكش وثلاث لفاس. ووصل في المرة الثامنة إلى تادلة وهو في طريقه إلى فاس. ولأن الفرنسيين كانوا ملمين بنوايا الشيخ ماء العينين فقد أوعز إليه السلطان عبد الحفيظ بالرجوع من حيث أتى تحت ضغط الفرنسيين وخوفا من وقوعه بأيدي جنودهم. وقد استطاعت المقاومة أن تلحق بالفرنسيين خسائر، إلا أن عدم استجابة العرش لمطالب الشيخ تحت ضغط الفرنسيين دفع به إلى الاستقرار بتزنيت بجنوب المغرب فأقام بها سنوات قبيل فاته. وفاته توفي الشيخ ماء العينين ليلة الجمعة 17 شوال عام 1328ه الموافق 25 أكتوبر1910 بتزنيت وبها دفن، مخلفا ثروة هائلة من المؤلفات وذكرا حسنا في النفوس. مؤلفاته له كتب كثيرة منها: شرح رموز الحديث، وفاتق الرتق على راتق الفتق، ومغري الناظر والسامع على تعلم العلم النافع، مبصر المتشوق، التصوف، والمرافق على الموافق (هو شرح لمواقفات الشاطبي)، مفيد الحاضرة والبادية، ومظهر الدلالات، نعت البدايات وتوصيف النهايات، تبيين الغموض على النظم المسمى بنعت العروض، دليل الرفاق على شمس الاتفاق ( في ثلاثة أجزاء)، مذهب المخوف على دعوات الحروف، وهداية من حار في أمر النصارى، ومفيد النساء والرجال، ومفيد السامع والمتكلم في أحكام التيمم والمتيمم، وهداية المبتدئين في النحو وغيرها كثير.