يرى الأستاذ والمحلل الاقتصادي إدريس بنعلي ضرورة أن يستعيد المغرب موقعه الخارجي من خلال دعم دبلوماسيته، والعودة بها إلى المستوى الذي كانت عليه في زمن الملك الراحل الحسن الثاني، حتى ينعكس ذلك الموقع إيجابيا على مواقف المغرب اتجاه العديد من القضايا وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية. واعتقد بنعلي في حديث ل التجديد أن بيكر، المبعوث الأممي للصحراء المغربية، استثمر ضعف دبلوماسية المغرب وحضوره في الساحة الخارجية ليطرح قرارا معارضا لمصلحة المغرب، في وقت ينتمي فيه بيكر إلى لوبي البترول بالتكساس، والذي له مصلحة قوية مع الجزائر، حسب بنعلي، وفي مايلي نص الحوار: كيف تنظرون إلى آفاق ملف الصحراء المغربية بعد زيارة جلالة الملك محمد السادس لواشنطن؟ زيارة الملك للولايات المتحدةالأمريكية، استهلت بتدخل له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والخمسين، كان باسم مجموعة 77 زائد الصين، وهو ماأعطى لهذا التدخل وزنا سياسيا ودبلوماسيا كبيرا، قطع مع السنين القليلة الماضية، التي أغفل فيها المغرب -إلى حد ما- هذا الجانب. وهنا أشير إلى أن المغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني كان يلعب دورا كبيرا، خاصة بالنسبة لقضية الشرق الأوسط، مما جعل الأمريكيين والأوروبيين ينظرون إلى الملك الراحل باعتباره أحد الزعماء الذين يمكنهم التوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين. هذا الدور الذي كان يلعبه الملك انعكس إيجابيا على موقع المغرب، ومن ثم فإن مشكل الصحراء كان يستفيد من هذا الموقف. لكن الذي ظهر في السنين الأخيرة هو أن مجال الدبلوماسية الخارجية ظل -شيئا ما- فارغا، إلى الحد الذي فوجئ فيه المغرب بالقرار الأمريكي وخطة بيكر الأخيرة بشأن ملف الصحراء اللذين ما كانا في صالحه. وبعد ما أدرك المغرب أن له عجزا في مجال دبلوماسيته الخارجية، وحضورا ضعيفا على الساحة الدولية، عاد الملك محمد السادس بنفسه إلى الواجهة ليعطي دفعة قوية للسياسة الخارجية للمملكة. وأعود لأقول أنني أعتقد أن بيكر استغل تراجع المغرب على مستوى سياسته الخارجية ليطرح مشروعه المناقض لمصالح المملكة. ويجب أن نعلم أن بيكر ينتمي إلى لوبي البترول بولاية تكساس الذي له مصالح مع الجزائر أكثر من المغرب. كما يجب ألا ننسى أن سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، لخصها وزير خارجية الرئيس السابق لأمريكا إزنهاور في روتردام ، الذي أعطى دفعة كبيرة للحرب الباردة، في كون أمريكا ليس لها أصدقاء ولكن لها مصالح، لذلك على المغرب أن يتجاوز الحديث عن كون الولاياتالمتحدةالأمريكية صديقة له، ويعلم أيضا أن الحرب الباردة قد انتهت، وانتهى معها موقعه كبلد ضمن منظومة المعسكر الغربي، بعدما أدمجت الدول في معسكر واحد. ونعتقد أن مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية قائمة مع الجزائر أكثر من قيامها مع المغرب، لأن اللوبي البترولي له مصالح كبيرة في الجزائر. هل معنى هذا أن المغرب عليه أن يعود بقوة إلى الواجهة الخارجية حتى ينعكس موقع ذاك إيجابيا على ملف الصحراء المغربية؟ طبعا، يجب على المغرب أن يعود إلى سابق عهد قوته الدبلوماسية والخارجية، عندما كان له موقعا متميزا إبان حكم الملك الراحل الحسن الثاني في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة بلدان الخليج التي كان قياديوها ينصتون إليه كثيرا، إذ كان للملك الراحل دور الزعامة، وكان يستثمر هذا الموقع، إلى درجة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت تنظر إليه كوسيط لا بد منه في حل مشكل الشرق الأوسط، أما اليوم فإن المغرب ارتكب بعض الأخطاء في معالجته لملف الإرهاب، حيث جعلت منه سلاحا في يد أمريكا. ماذا عن ملف ما يسمى بالإرهاب في زيارة جلالة الملك؟ أظن أن ملف الإرهاب يظل متشعبا جدا، لأن هناك اختلافا في تحديد مفهومه، ذلك أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبرالفلسطينيين إرهابيين، بيد أن المغرب لا يظنهم كذلك، لأنهم يدافعون عن بلدهم، وهو الموقف نفسه الذي تعبر عنه الدول العربية أيضا. صحيح أن هناك اتفاقا بخصوص النوع الآخر من الإرهاب، المتمثل في قتل الأبرياء والذي ليس له مبرر، لذلك لا بد من الاتفاق على تعريف الإرهاب باستحضارأبعاده الجيوسياسية والجيواستراتيجية. أضيف أن الموقف العربي يتلخص في ضرورة إنهاء مشكل الشرق الأوسط، حتى يتم طي ظاهرة الإرهاب، وما دام المشكل لم ينته بعد فإن الإرهاب سيستمر باستمرار جذوره،... وأظن أنه بإنهاء مشكل الشرق الأوسط ستتراجع أطروحة حرب الحضارات. كيف تتوقع مستقبل العلاقات التجارية بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية بعد زيارة جلالة الملك؟ أعتقد أن المغرب في محاولته تأسيس منطقة التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ينطلق من فكرة ضرورة تنويع الشركاء التجاريين. وللتذكير فإن هذا المسعى لم يرق الاتحاد الأوروبي، الذي رأى فيه استغلالا للولايات المتحدةالأمريكية للدعم الذي يقدمه الاتحاد للمغرب بهدف إصلاح اقتصاده. هكذا، وفي الوقت الذي يرى فيه الاتحاد أن المغرب سيصير أرضية لإقامة شركات متعددة الجنسية، قادرة على تهديده من خلال إغراق سوقه بالمنتوج الأمريكي، مستغلا في ذلك اليد العاملة المغربية الرخيصة، نجد أن المغرب ينطلق من فكرة، أنه كلما أنشئت شركات متعددة الجنسية أجنبية كلما استطاع أن يوفر مناصب شغل، وأن يستفيد من تجربة اقتصادية مهمة، على شاكلة مع عرفته إسبانيا في الستينيات، عندما فتحت الباب أمام الشركات الأوروبية. ألا تعتقدون أن إنشاء منطقة للتبادل الحر مع أمريكا سيؤثر على القرار السياسي بالمغرب؟ لا أظن ذلك، كما أنني أتساءل من هو اللوبي الذي سيستفيد من هذا الوضع، باستثناء استفادته من الريع. أما التأثير على القرار، فلا أستطيع الآن أن أتكهن بمستواه، اللهم إذا أسسوا لعلاقات مع الشركات متعددة الجنسية من خلال منح الرخص... إلى غير ذلك، حينها سيكون تأثير له لامحالة. ونعتقد أن القرار السياسي سيتغير من جهة أن المغرب سيستفيد من مناصب شغل كبيرة، مما سيؤدي إلى توسيع قاعدة الطبقة المتوسطة الأكثر استهلاكا، والتي ستخلق جوا سياسيا آخر، مثلما هو الأمر في أوروبا، حيث تمثل الطبقة المتوسطة الطبقة الأكثر تأثيرا على القرار السياسي هناك، ومع التقدم في السنوات قد تتراجع قوة اللوبي المعتمد على الريع. حاوره محمد أفزاز العلاقات التجارية بين المغرب وأمريكا ضعيفة قد يقويها اتفاق التبادل الحرالمرتقب بين الجانبين تحتل الولاياتالمتحدةالأمريكية المرتبة الرابعة ضمن ترتيب الشركاء التجاريين للمغرب، بعد كل من فرنساوإسبانيا وإيطاليا، بمبادلات تجارية بلغت قيمتها 8 مليارات و271,3مليون درهم سنة 2002 وتبقى السمة الأساسية التي تطبع هذه المبادلات بين الجانبين المغربي والأمريكي، هي عدم الثبات وضعف الاستقرار, هكذا وصلت قيمة الصادرات المغربية باتجاه السوق الأمريكية مليارين و656,6مليون درهم سنة 2002 نظير 3 مليارات و125,9مليون درهم سنة قبلها، ومليار و888,6مليون درهم سنة 1998 . وقد حققت مساهمة صادرات المغرب تجاه أمريكا نسبة3,1بالمائة من مجموع صادرات المغرب إلى الخارج سنة 2002 مقابل3,9بالمائة سنة 2001 . وبلغت قيمة واردات المغرب من السوق الأمريكية زهاء 5 مليارات و614,4مليون درهم سنة ,2002 مقابل 4 مليارات و 608,3مليون درهم سنة 2001 فيما سجلت سنة 1998 قيمة 6 و 181,8 مليون درهم. وقد بلغت مساهمة واردات المغرب من أمريكا في مجموع واردات المملكة من الخارج نسبة 4,3 بالمائة سنة 2002 مقابل 3,7 بالمائة سنة .2001 وحقق معدل تغطية الصادرات للواردات خلال الفترة 1998/2002 متوسطا سنويا بنسبة 47,52 بالمائة. وعلى مستوى آخر وصلت مداخيل الأسفار متوسطا في حدود1 مليار و 441,4 مليون درهم خلال الفترة 1998/2002 وهو مايمثل نسبة 6,44 بالمائة إلى متوسط مجموع مداخيل الأسفار. وتظل نسبة مساهمة الجالية المغربية المقيمة بأمريكا في حدود 5,9 بالمائة من مجموع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج سنة 2002 ، أي ما قيمته1 مليار و874,2مليون درهم، مقابل 2 مليار و258,3مليون درهم سنة قبلها. وبخصوص الاستثمارات الأمريكية بالمغرب فقد وصلت قيمتها إلى 490,6 مليون درهم سنة 2002 نظير1 مليار و69,5 مليون درهم سنة 2001 هو مايمثل 3,2 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الخارجية بالمغرب خلال السنة نفسها. ويبدو أن الاتفاق الذي سيوقع بين المغرب والولايات المتحة الأمريكية نهاية هذه السنة بشأن إقامة