سلطت صحيفة سويسرية الضوء على المأساة التي تعرض لها آلاف الأطفال الصحراويين الذين قام مرتزقة البوليساريو بترحيلهم وإبعادهم إلى كوبا تحت يافطة ما يسمى بالصداقة الاشتراكية منددة في هذا السياق باستمرار مسلسل ترحيل الأطفال الصحراويين انطلاقا من مخيمات تندوف إلى غاية اليوم. واستعرض الصحافي السويسري أنطوان موريس في مقال على صفحات جريدة لا تريبين دو جنيف ،واسعة الانتشار، مأساة آلاف الأطفال الصحراويين الذين يتم اقتلاعهم من جذورهم وترحيلهم، دون أدنى اعتبار أو شفقة، من الصحراء المغربية صوب كوبا باسم إيديولوجيا ذات نزعة ماضوية تهمين عليها مصالح غامضة. وتحت عنوان مثيرمن البيداء إلى جزر الكارايبي، المرحلون من الصحراء استند كاتب المقال، الذي يعتبر أحد أكثر الصحافيين احتراما وانتشارا لدى القراء، على شهادات حية لفاطمة منصور، التي عاشت تجربة الترحيل المريرة قبل أن تلوذ بالفرار من مخيمات تندوف، ضمنتها حقائق وصورا لمآسي، تكشف بجلاء الوهم والزيف الذي تقوم عليه الإيديولوجية التقدمية لمرتزقة البوليساريو الذين فقد كل مصداقية. واستعرض المقال، تفاصيل التجربة الأليمة والفظيعة التي عاشتها فاطمة حيث فرقت البوليساريو بينها وبين أهلها وذويها منذ أن كانت في سن الثانية عشر، ليتم ترحيلها صحبة 600 طفل صحراوي آخرين، إلى كوبا على متن باخرة سوفياتية عتيقة. وأضاف أن سلطات البوليساريو المنظمة لمثل هذه الرحلات تسعى إلى اختلاق روايات مختلفة في محاولة لتبرير هذا الترحيل للأطفال، حيث يتعلق الأمر تارة برحلات استجمام كبرى، أو الهروب المؤقت من مصير المقاتلين، والعودة المنتظمة إلى ذويهم في حين يظل مصطلح الترحيل الغائب الأكبر في هذه الروايات والأحاديث. وانطلاقا من هذا المصير، يتابع كاتب المقال، تم إكراه فاطمة على العيش، مع رفاقها، لمدة 12 سنة في منفاها الكوبي بإحدى الداخليات الكائنة بجزيرة بينس التي غدا اسمها منذ سنة 1985 جزيرة الشباب. وإذا كان عدد هؤلاء الأطفال لا يتجاوز المئات في بادىء الأمر، فقد تعاظم عددهم من مرور السنوات ليرتفع هذا الرقم إلى الآلاف من البنين والبنات الذين يتم إيواؤهم في مؤسسات خاصة. وذكر كاتب المقال في هذا السياق بتزامن هذه العملية، مع السياسة التي ظلت كوبا تنهجها خلال تلك السنوات اتجاه الدول الإفريقية، والتي قادتها إلى التدخل في الحرب الأهلية التي عاشتها أنغولا، ومن هذا المنطلق فإنالأطفال الصحراويين يحلون ضيوفا، رغما عن إرادتهم، على السلطات الكوبية، التي نصبت نفسها الأخ الأكبر للأممية الاشتراكية الإفريقية الأمريكية اللاتينية، وهكذا وجدت فاطمة نفسها إلى جانب أطفال أنغوليين، وناميبيين. وأكد الصحافي السويسري أن الأطفال كانوا محتجزين وممنوعين من الاتصال بأي أحد. ولامجال للحديث عن إعادتهم قبل أن يكونوا قد ابتلعوا الطعم بالكامل ويكابدوا حياة جد خشنة حيث لا يسمح بالخروج من الجزيرة، فيما تتقلب التغذية وفقا لتقلبات الحصار الأمريكي الذي يتسبب في أزمات غذائية متواصلة ومجاعات كثيرة لدى الأطفال السجناء. أما السكن الداخلي فيحيل على التخلف والبداءة. وتحكي فاطمة عن العودة إلى تندوف،21 سنة بعد ذلك، وعن هروبها إلى المغرب الذي استقبلها كطفلة ضائعة فيسرد الصحافي السويسري كيف أن دموع القهر تنفلت من مقلتي الشابة المحررة كلما تذكرت ممارسات المرتزقة البوليساريو وطفولتها المغتصبة. وعلى شاكلة فاطمة تم نفي آلاف الأطفال، وليس ثمة كلمة أخرى مناسبة لوصف الوضع. وهذا التاريخ بقي سرا مدة عشرين سنة وذلك بدون شك بسبب الصورة الجيدة التي تتمتع بها كوبا في وسائل الإعلام ولدى المثقفين في البلدان التي يمكن أن تدين مثل هذه الانتهاكات. وقد كانت اليونسكو أول منظمة تشير إلى هذه الانتهاكات في تقريرها سنة .1999 ويضيف إن الذين تمكنوا من الفرار من الجزيرة مثل فاطمة يقومون بمساعدة المغرب بالإدلاء بشهاداتهم أمام لجنة حقوق الإنسان بجنيف ليخلص إلى أنه في انتظار ذلك، لازالت مخيمات تندوف تشتغل على تهريب الأطفال ونفيهم ولا زالت القناة النشاز التي تشتغل بقوة الصداقة الاشتراكية تواصل عملها. و م ع