بعد نشري لمقال في إحدى الجرائد العربية تحت عنوان : لماذا لا يلاحق المغرب قادة البوليساريو أمام العدالة الدولية؟ مقال ركز على عرض بعض آليات التصالح بين فرقاء النزاع− المغرب وجماعة البوليساريو الانفصالية− فكرة طرحت مجموعة من الاقتراحات و الحلول السياسية و القانونية العملية القابلة للتطبيق فورا، وردت علي رسائل عدة غاضبة و أخرى مساندة، من الجزر الخالدات و العيون و الداخلة وتندوف و نواديبو، يخبروني فيها أصحابها ضحايا خروقات حقوق الإنسان من الجانبين، عن تمسكهم بحقوقهم و عدم التنازل عنها و أن مصلحتهم تكمن في أن يظل الملف مفتوحا حتى تنظر فيه هيئة دولية مختصة في الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية التي أصبحت محورا أساسيا في النزاع بين الطرفين. في هذا المجال، طرحت علي قضايا كثيرة و معقدة في مجال حقوق الإنسان من حيث الموضوع و الزمن ، ولكن الذي استوقفني كثيرا هو قضية الأطفال الصحراويين المختطفين و المنتزعين من ذويهم، والمهجرين بصفة قسرية من مخيمات تندوف الجزائرية إلى كوبا. ولقد توصلت بشهادات كثيرة في هذا الموضوع الإنساني الشائك و المؤلم، و الذي تتحمل فيه أطراف عدة المسؤولية الجنائية. "" كما توصلت برسائل عديدة من الأسرى المغاربة مدنيين وعسكريين، الذين قضوا أكثر من عقدين في سجون الرابوني و 27 فبراير الموجودة على بعد 30 كلم من تندوف، يشرحون فيها أنواع التعذيب الذي مورس عليهم من طرف جماعة البوليساريو حتى أصبحوا من ذوي العاهات المستديمة. كما توصلت برسالة من المخطوفين الموريتانيين الذين هجروا إلى تندوف أثناء الحرب، فتم تجييشهم والاستفادة منهم ماديا وإعلاميا وحقوقيا، جماعة كبيرة من هؤلاء الموريتانيين المظلومين اختفوا في الصحراء منذ وقف إطلاق النار سنة 1991، عندما حاولوا العودة إلى مدنهم و قراهم في الزويرات ونواكشوط ونواديبو. وسوف أخصص دراسة لكل فئة من هؤلاء الضحايا في المستقبل القريب. لمعرفة حقيقة وخفايا هجرة الأطفال الصحراويين تحت الإكراه إلى كوبا، ينبغي الرجوع إلى سلسلة الأحداث الواقعة منذ 1975 إلى الآن. فبعد التوقيع على اتفاقية مدريد بين المغرب موريتانيا من جهة، و اسبانيا من جهة أخرى ، التي بموجبها سلمت اسبانيا سيادة و إدارة إقليم الصحراء إلى كل من البلدين الجارين، أثناء هذه المرحلة الحساسة و الحرجة في تاريخ تطور الأحداث في المنطقة، قامت ليبيا والجزائر و جماعة البوليساريو بإجراءين سريعين ومتزامنيين لإفشال عملية استرجاع إقليم الصحراء من طرف المغرب وموريتانيا : الإجراء الأول، يتمثل في السيطرة على بعض المواقع و المدن الإستراتيجية عسكريا ، لفرض الأمر الواقع على الأرض. أما الإجراء الثاني، فكان يكمن في إفراغ إقليم الصحراء من سكانه، و ترحيلهم بالترغيب و الترهيب والاختطاف إلى تندوف، بوعود كاذبة بالعودة السريعة إلى مدنهم و قراهم و خيامهم خلال بضعة أشهر- جماعة البوليساريو وحلفائها في المنطقة كانوا يعتقدون أن المغرب وحليفه موريتانيا، سينسحبان من الساقية الحمراء ووادي الذهب تحت الضغط العسكري والدبلوماسي- والواقع كان عكس ذلك تماما، لأن العملية دامت أكثر من 35 سنة ولازالت المأساة قائمة إلى الآن بسبب تعنت الانفصاليين و دم قبولهم لمشروع الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب. لقد كانت هجرة جماعية قسرية بالمفهوم القانوني الواسع للكلمة، إنها في الحقيقة كانت سباقا ضد الساعة بين المتنازعين، فكل من صادفته جماعة البوليساريو في انسحابها نحو الجزائر، يرحل بالعنف ودون رغبته إلى مخيمات أعدت خصيصا لهذا الغرض في الصحراء الجزائرية. وقعت الواقعة تحت أنظار المجتمع الدولي المتفرج، الذي لم يحرك ساكنا، فلم نسمع احتجاجا أو إدانة من طرف الأممالمتحدة و اليونيسيف و المندوبية السامية للاجئين. فعلى المستوى العسكري، استطاع الجيش المغربي الزاحف من الشمال بخطوات سريعة، التفوق على ألوية القبعات السوداء الجزائرية، السيئة الذكر في قمع مظاهرات 1988 في الجزائر العاصمة، القادمة من ولاية تندوف و محاصرتها في مدينة امكالا الصحراوية، وإخراجها من المواقع التي احتلتها سابقا، بعد ذلك اتخذت الحرب شكل حرب عصابات و مناوشات عسكرية بين الجانبين دامت من 1976 إلى 1991، تاريخ وقف إطلاق النار بين جماعة البوليساريو الانفصالية وحلفائها من جهة و المغرب من جهة أخرى. إن القضية التي تهمنا في هذا الموضوع، ليست فصول المجابهات ولا التكتيكات العسكرية ولا أنواع الأسلحة المستخدمة أثناء الحرب بين الطرفين، والتي سوف أخصص لها مقالا جامعا مانعا، بل القضية التي أسعى لتحليلها وطرحها أمام أنظار الرأي العام العالمي هنا، هي قضية اجتماعية وحقوقية أفرزها الصراع بين الإخوة الأعداء ، لأنها في الواقع خسارة كبيرة للجميع، تمثلت في الهجرة القسرية لما يقارب أقل من نصف سكان إقليم الصحراء إلى الجزائر. فالسكان الصحراويون تحولوا إلى سلاح كبير في يد جماعة البوليساريو الانفصالية التي وظفتهم في إستراتيجيتها الدعائية و جعلتهم مصدرا تجاريا لجلب الإعانات الدولية. ينبغي أن أشير في هذا السياق إلى أن القبعات السوداء الجزائرية التي تعتبر ألوية النخبة في الجيش الجزائري وكتائب البوليساريو المشكلة من صحراويين و جزائريين وموريتانيين وماليين و نيجيريين وتشاديين الهاربين من الجفاف، نجحتا نسبيا في إخراج 35000 صحراوي وصحراوية، الذين كان عددهم الإجمالي 74000 نسمة سنة 1974 حسب الإحصاء الاسباني الرسمي. نصف هذا العدد أو اقل، حشروا في المخيمات التي أقيمت لهم بولاية تندوف في ظروف كارثية قاسية. كل مخيم يحمل اسم إحدى المدن الموجودة في أقاليم الصحراء، لإيهام الرأي العام العالمي وتضليله. فجماعة البوليساريو و الجنرالات في الجزائر كانوا يضللون الرأي العام الدولي مدعيين ظلما أن هجرة الصحراويين إلى تندوف(الجزائر)كان سببها الخوف من الجيش المغربي القادم من الشمال، والحقيقة غير ذلك، لأن التهجير القسري للسكان الصحراويين تم تحت الإشراف المباشر للأمن العسكري الجزائري و أعوانه ! و ذلك حسب ما رواه المسؤول السابق عن الأمن في جماعة البوليساريو، الذي عاد إلى المغرب. وضع مأساوي حقيقة تولدت عنه العديد من المشاكل الاجتماعية والتموينية، خاصة مسألة الدراسة وتعليم الأطفال الصحراويين. أمام هذه المعضلة الاجتماعية المعقدة، والتي كانت تتطلب حلولا سريعة و مستعجلة من قيادة البوليساريو والجزائر، قامت هذه الأخيرة بفتح مدارسها للأطفال الصحراويين المهجريين تحت الإكراه، باستثناء مدارس ولايتي تندوف وبسكرة العسكريتين المغلقتين في وجه الصحراويين المقيمين في المخيمات. لأن دخول هذه المدن الجزائرية لا يتم إلا بتصاريح خاصة ممنوحة من الأمن العسكري الجزائري ومن قيادة البوليساريو، كما استقبلت الجماهيرية الليبية في مدارسها في المرحلة الأولى للنزاع العديد من الأطفال و الشباب الصحراويين. إلا أن الخلاف الليبي الجزائري حول تدبير الصراع مع المغرب، وحول منظور كيلهما لمستقبل الصحراء مصالحهما المتناقضة في هذا الموضوع، سمح لليسار الاسباني، وخاصة الحزب الشيوعي والكنفدرالية العامة للشغل الاسبانيين، الدخول على خط النزاع خاصة في جانبه الاجتماعي والثقافي والتعليمي والإيديولوجي. كان هدف اليسار الاسباني واضحا، و يتمثل في إيجاد موطئ قدم لإسبانيا، في هذه الأزمة الحالية و في مستقبل الصحراء : فتكوين طبقة اجتماعية صحراوية حسب النمط الاسباني سلوكا و تفكيرا ولغة، وإخراجها من ثقافتها العربية الإسلامية، هو استثمار استعماري على المدى البعيد في طفولة غير مميزة و غير قادرة على الاختيار. ابتداء 1982، تقدم اليسار الاسباني في هذا الإطار بمشروع إلى الجزائر، يدعو فيه إلى ترحيل الأطفال إلى اسبانيا ثم إلى كوبا الشيوعية، و هكذا تم إجلاء آلاف من الصبية الصحراويين الأبرياء، في طائرات جزائرية وأخرى اسبانية، استأجرتها الجزائر من شركة الخطوط الأيبيرية، أعمارهم، كانت تتراوح ما بين 9 و 12 سنوات، دون ترخيص أو موافقة من أولياء أمورهم، دام هذا النفي الإجباري إلى كوبا ما بين 10 و 17 سنة دون انقطاع. انه اختطاف جماعي وغير قانوني لآلاف الأطفال الصحراويين العزل الأبرياء، تحت غطاء التعليم، و تحت أنظار الأممالمتحدة و اليونيسيف و المندوبية السامية للاجئين، حتى وصل عددهم في السنوات الأخيرة إلى 5000 طفل وطفلة، مبعدين في الجزر الكوبية النائية والفقيرة. هذا التهجير الإجباري للأطفال الصحراويين كان ورقة ضغط ومساومة استعملتها جماعة البوليساريو الانفصالية ضد العائلات المحتجزة في تندوف (الجزائر)، التي فرض عليها اللجوء بالقوة وعدم السماح لها بالتفكير في الهروب أو العودة إلى الأقاليم الصحراوية بدون أطفالها المبعدين. فتوظيف معاناة هاته العائلات الصحراوية في هذه القضية، تجسد في قيام جماعة البوليساريو بانتزاع الأطفال من ذويهم بدعوى إرسالهم إلى الدول الأوروبية، خاصة اسبانيا، لقضاء العطلة الصيفية أو التخييم −استضافة عند الرفاق الأسبان−. خدعة و أكذوبة انتزع بواسطتها الأطفال من جذورهم العائلية و القبلية و البيئية إلى محيط آخر لا علاقة لهم به. أما العائلات التي تشبثت بأطفالها فقد هددت من طرف الانفصاليين بتجييشهم عند بلوغهم سن المراهقة. رحلة الأطفال الطويلة و الشاقة هذه كانت تدوم أكثر من 15 ساعة من الطيران. فعند و صولهم إلى هذه الجزيرة النائية تسحب منهم جوازاتهم التي منحتها الحكومة الجزائرية، و كل الأوراق الثبوتية وحتى الرسائل و أرقام تلفون العائلات المقيمة في تندوف من طرف ما يسمى ب "ممثلية الجمهورية الصحراوية" في هافانا المدعومة بالمخابرات الكوبية و الجزائرية. فحسب شهادات الهاربين و الهاربات من الجحيم الكوبي، يقسم الأطفال إلى ثلاث فئات عند وصولهم، كل فئة منهم ترحل إلى جزيرة او مدينة معينة : جزيرة الشباب ( Isla de Juventud)، مدينة كامكيز جنوب هافانا (Camaguez Havana) و مدينة سانتا كلارا (Santa Clara). بعد ذلك يحشرون في معسكرات شبه عسكرية كوبية، تحت الإشراف المباشر لضباط كوبيين مختصين في الاستعلامات و التضليل والحرب النفسية، و حشو العقول بمبادئ الثورة الكوبية ونضالها ضد الامبريالية العالمية !، كل ذلك يتم بمساعدة مترجمين صحراويين أو جزائريين. أما برنامج التكوين و التعليم، فيتوزع ما بين تعليم اللغة الاسبانية والأيدلوجية الماركسية اللينينية والتمرين العسكري -- تدريب على الأسلحة الخفيفة، زرع الألغام، سياقة الشاحنات العسكرية، فنون حرب العصابات في المدن والأحراش وتقنيات الاستخبارات-- . فالتكوين العسكري المركز كان يشمل الذكور و الإناث على حد سواء، تربية عسكرية قاسية بامتياز. أما العائلات الصحراوية، فإنها كانت تعيش معاناة الحسرة والقطيعة التامة مع أطفالها المهجرين كرها، لا يصلها منهم لا خبر و لا رسالة و لا برقية و لا تليفون حتى تتمكن من معرفة أحوالهم و مصيرهم، حتى المال و الرسائل المرسلة إلى الأطفال، تصادر من طرف قيادة البوليساريو التي تهدد العائلات المنكوبة بالحبس المؤكد و في حالة المطالبة بإلحاح بمعلومات حول أطفالهم الصغار، تجيبهم جماعة البوليساريو بإهانة واستخفاف بان أبناءهم و بناتهم أصبحوا "أبناء وبنات البوليساريو و الثورة !". بعد مرور سنة من تواجدهم في الجزر والمدن الكوبية البعيدة، يقوم الكوبيون و تحت شعار المشاركة في المجهود الاقتصادي للثورة، باستغلال هؤلاء الأطفال بطرق بشعة في مزارع قصب السكر و أوراق التبغ الخاصة بالسيجار الكوبي المعروف (Kohiba)، تحت شعار التفاعل مع مبدأ " فضائل العمل و قدسيته" حسب المذهب الماركسي. انه اقتصاد الثورة الكوبية الصامدة !! اقتصاد هش يستفيد من اليد العاملة للأطفال الصحراويين الأبرياء في الزراعة و مصانع السجائر و بالمجان !. فئة قليلة منهم حصلت على درجة الباكالوريا، سمح لها بمغادرة المعسكرات الشبه عسكرية والتسجيل في جامعة بنا دو ريو (Pina de Rio) وجامعات أخرى، تحت إشراف المخابرات الكوبية ومترجميها الصحراويين أو يوجهون الى التكوين المهني. أما الشباب الذين وصلوا إلى سن 22 سنة ولم يحصلوا على شهادات علمية عالية، فإنهم يرحلون إلى تندوف قصد تجييشهم من جديد في مخيمات عسكرية تحت إشراف الأمن العسكري الجزائري . فالطفل الذي غادر و هو في سن السابعة ، يواجه عدة صعوبات و مشاكل نفسية عند عودته إلى المخيمات وهو شاب يافع، ومن هذه الصعوبات التي واجهها الشباب الصحراوي العائد نذكر : مشكل الاندماج من جديد في بيئة صحراوية غير مألوفة، والاصطدام بالفوارق الطبقية والقبلية المتجسد في البذخ الذي يعيش فيه القادة من جهة والمجاعة في المخيمات من جهة أخرى، إضافة إلى مشكل اللغة والعادات والتقاليد الأصلية المنسية. فوارق كبيرة تعاكس الأدبيات الماركسية التي تشبع بها الشباب أثناء تكوينهم في كوبا لعقدين أو أكثر من الزمن. عند رجوعهم الى تندوف، تقوم قيادة البوليساريو بحجز جوازات سفر العائدات والعائدين مع شهاداتهم حتى لا يفكروا في الهروب إلى موريتانيا أو المغرب أو اسبانيا قصد العمل، فعلى سبيل المثل نجد من بين 200 طالب تقريبا في كلية الطب و الصيدلة المسجلين بجامعة بنيا دي ريو Pina de Rioعاد منهم 20 طبيب إلى تندوف، أما الآخرون فهاجروا إما إلى بلدان أمريكا اللاتينية أو اسبانيا أو عادوا مباشرة إلى المغرب مستفيدين من قانون العفو العام الذي لازال مفتوحا للجميع. أما الآخرون، فحسب شهادات بعض الضحايا، كثير منهم مسجونون أو يعانون من مرض نفسي لرفضهم التجنيد من جديد في صفوف جماعة البوليساريو. انه انتهاك صارخ لميثاق الأممالمتحدة المتعلق بحقوق الطفل والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومعاهدة جنيف الرابعة، مواثيق دولية تمنع منعا كليا التعذيب والسجن والعبودية والهجرة القسرية للأطفال. عكس ما تقوم به جماعة البوليساريو في تندوف باستغلال الأطفال بشتى الأشكال كالتجنيد الإجباري والسخرة . أما البنات، فإنهن يتعرضن للتحرش الجنسي وفي بعض الحالات إلى الاغتصاب الجماعي أمام الأهل عندما يتكلمن عن مسألة العودة أو عن موضوع المستقبل أو يحاولن الهروب إلى الوطن الأم فيعذبن تعذيبا شديدا بتهمة خيانة "الثورة"... إن عدة منظمات دولية غير حكومية مختصة في الدفاع عن حقوق الطفل في الصحراء أثارت بجنيف عام 2004 وفي وقت متأخر هذه القضية كما نو قش موضوع التهجير ألقسري للأطفال الصحراويين إلى كوبا في عدة مناسبات و منتديات عالمية. كما عبرت هذه الهيئات عن انشغالها و قلقها من هذا الوضع اللا قانوني و اللا إنساني لهذه الهجرة القسرية للأطفال، و أكدت و باستمرار إن جماعة البوليساريو و حلفاءها خرقوا حق النازحين في العيش بكرامة. فهذه الهيئات لم تستشر في هذا الترحيل العنيف و اللا قانوني، لأن سفر العائلات المحتجزة بصفة عامة و الأطفال بصفة خاصة كما جرت العادة يخضع إلى مسطرة قانونية خاصة . إن عدة منظمات حقوقية أخرى طلبت توضيحات حول الموضوع من جماعة البوليساريو الانفصالية و لم تحصل على أي جواب لحد الآن. ولازالت هذه الحركة تمنع الأممالمتحدة من إحصاء سكان المخيمات، وترفض مطالب الهيئات الدولية بحق تطبيق مسطرة العودة الاختيارية إلى إقليم الصحراء. فالتقديرات الاسبانية المسربة من طرف اليسار الإسباني حول عدد الأطفال الصحراويين الذين لازالوا في كوبا هو 5000 طفل وطفلة، هرب منهم الكثير إلى المغرب أو جزر الكناريس (الجزر الخالدات) بعد وقوفهم في رحلة العودة باسبانيا، وهنا تجدر الإشادة بشجاعة مواقف بعض المنظمات الإنسانية والحقوقية غير الحكومية التي تعنى بالأطفال ، و التي فاتحت مؤخرا الرئيس الكوبي الجديد روول كاسترو حول مصير الأطفال الصحراويين المبعدين عن وطنهم. إن قضية التهجير القسري للأطفال الصحراويين المغاربة إلى كوبا، و اختطافهم و وانتزاعهم من أهاليهم بالإكراه واستغلالهم في خدمة اقتصاد كوبا، هو جريمة ضد الإنسانية ارتكبتها عدة دول و أحزاب يسارية عالمية، تحت شعارات و عناوين مختلفة. لاشك أن قضية المحتجزين في تندوف كرها و فلذات أكبادهم المخطوفة في كوبا، هي ذات طابع متميز من حيت التعقيد و الزمن. هؤلاء الناس يودون الرجوع إلى منازلهم و أراضيهم و خيامهم، إلا أنهم لا يستطيعون تحقيق رغبتهم هذه، بسبب أطفالهم المهجرين الى كوبا. إنهم رهائن تحت رحمة جماعة البوليساريو و جنرالات الجزائر المساندين لهم في هذا الفعل الإجرامي و اللا أخلاقي، فمنع الصحراويين المحتجزين ضد إرادتهم من العودة، كما هو مكفول في القانون الدولي الإنساني و المؤكد في ميثاق الأممالمتحدة، هو جريمة في حد ذاتها. ففبركة ملفات حقوقية من طرف جماعة البوليساريو الانفصالية والترويج لها في العالم لا تخلق حقا و لا تنشأ التزاما و لا تخفض من سقف خروقات هذه الحركة الانفصالية في مجال حقوق الإنسان المرتكبة في تندوف. فما رأي الرئيس الكوبي الجديد روول كاسترو في هذه الإشكالية الإنسانية؟ ملحوظة: شهادات: شهادات الآنسة فاطمة منصور التي اختطفت من الداخلة مع عائلتها و عمرها تسع سنوات قضت 10 سنوات من حياتها بكوبا، و هي الآن مناضلة حقوقية مقيمة في جنيف، و الآنسة سعداني ماء العينين، و هي من عائلة دينية معروفة في أرجاء الصحراء الكبرى، التي قتل أبوها تحت التعذيب أمام عينيها بتهمة العمالة للمغرب، و هي طفلة عمرها 6 سنوات من طرف مسؤول الأمن، التابع للبوليساريو المدعو محمد بطل الوزير الحالي !! في ما يسمى ب "حكومة البوليساريو المزعومة". عادت إلى مدينة العيون بعد 16 سنة من الغربة القسرية وهي الآن مناضلة حقوقية و ترأس جمعية الأطفال الصحراويين المهجرين إلى كوبا .(Associatione Déportationes) ذ.عبد الرحمن مكاوي أستاذ العلاقات الدولية -المغرب [email protected]