علوم الحديث أدوار نشأة وتطور علوم الحديث حفظ الحديث على عهد النبوة لقد حَثَّ الإسلام على العلم واهتمَّ النبى بتعليم المسلمين الكتابة فأَذِنَ لأسرى غزوة بدر أن يَفْدُوا أنفسهم بتعليم عشرة من صبيان الأنصار القراءة والكتابة وكان بعض المسلمين يتعلمون القراءة والكتابة فى مسجد رسول الله فكثر عدد الكاتبين حتى بلغ عدد كُتَّاب الوحى زُهَاءَ أربعين كاتبا فضلا عن كُتَّاب الصدقات والرسائل والعهود ومع وجود عدد من الكُتَّاب فى حياة الرسول وقيامهم بتدوين القرآن الكريم فإنهم لم يقوموا بجمع حديث رسول الله وكتابته بشمول واستقصاء ولم تكن فى عصر الصحابة كتب مدونة فى جوامع تضم حديث النبى وذلك لأنهم كانوا فى ابتداء الحال قد نُهوا عن كتابة الحديث كما ثبت فى صحيح مسلم عن أبى سعيد الخدرى عن النبى أنه قال: لا تكتبوا عنى ومن كتب عنى غير القرآن فَلْيَمْحُهُ، وكان هذا النهى خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم. نشوء علوم الحديث في عصر الصحابة ولما تُوفى النبى بادر الصحابة رضى الله عنهم إلى جمع ما كُتب فى عهده من القرآن الكريم فى موضع واحد وسموا ذلك المصحف واقتصروا على ذلك ولم يتجاوزوه إلى كتابة الحديث وجمعه فى موضع واحد كما فعلوا بالقرآن الكريم لكن صرفوا هِمَمَهُم إلى تبليغه بطريق الرواية إما بنفس الألفاظ التى سمعوها منه إن بقيت فى أذهانهم أو بما يؤدى معناها إن غابت عنهم. ومما ساعدهم توافر عدة عوامل منها: عوامل حفظ الصحابة للحديث 1 صفاء أذهانهم وقوة قرائحهم، ذلك أن العرب أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب. والأمي يعتمد على ذاكرته فتنمو وتقوى لتسعفه حين الحاجة. 2 قوة الدافع الديني، ذلك أن المسلمين أيقنوا أن لا سعادة لهم في الدنيا، ولا فوز في الآخرة، ولا سبيل للمجد والشرف، ولا إلى المكانة بين الأمم إلا بهذا الإسلام. 3 أسلوب الحديث النبوي، فقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم قوة حتى كان أفصح البشر مما جعل كلامه ذا قربة أدبية يتذوقه الصحابة ويحفظونه. 4 كتابه الحديث: وهي من أهم وسائل حفظ المعلومات ونقلها للأجيال، وقد كانت أحد العوامل في حفظ الحديث. دور تكامل علوم الحديث اكتملت علوم الحديث في هذا الدور، إذ وجدت كلها واحداً واحداً، وخضعت لقواعد يتداولها العلماء وذلك من مطلع القرن الثاني إلى أول الثالث. فقد جدّت في هذا العصر أمور أهمها: 1 ضعف ملكة الحفظ عند الناس. 2 طالت الأسانيد وتشعبت بسبب بُعد العهد وكثرة حملة الحديث، حيث حمل الحديث عن كل صحابي جماعات كثيرة تفرقوا في البلاد. فنهض أئمة الإسلام لمواجهة هذه الضرورات ووضعوا لكل طارئ ما يسد الثغرة التي حصلت. ومن ذلك: 1 التدوين الرسمي، فقد أحس عمر بن عبد العزيز بالحاجة الملحة لحفظ كنوز السنة، فكتب إلى الأمصار أن يكتبوا ما عندهم من الحديث ويدونوه حتى لا يضيع بعد ذلك. 2 توسع العلماء في الجرح والتعديل وفي نقد الرجال لكثرة شيوع الضعف من جهة الحفظ، ومن جهة انتشار الأهواء والبدع. 3 تتبعوا الأحاديث لكشف خباياها، ووضعوا لكل صورة جديدة قاعدة تعرفها وتبين حكمها ، فتكاملت أنواع الحديث ووجدت كلها واتخذت اصطلاحاتها الخاصة.