شارك أزيد من مائة تلميذ وتلميذة من المتفوقين دراسيا في الملتقى الثالث للمتفوقين، الذي دأبت حركة التوحيد والإصلاح على تنظيمه كل سنة بالرباط. وتميز الملتقى الثالث، الذي امتد لثلاثة أيام (22 25 يوليوز الجاري)، بنوعية المشاركين والأنشطة المنظمة والحوارات العلمية المفتوحة مع نخبة من العلماء والأساتذة والمتخصصين. وفي كلمة افتتاح الملتقى أكد الأستاذ محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، على ضرورة الاهتمام بالموارد البشرية التي تعتبر فئة المتفوقين أحد منابعها. وذكر الحمداوي أن الاهتمام الذي توليه حركة التوحيد والإصلاح لهذه الفئة نابع من قناعتها بدورها في بناء المستقبل المجتمعي، ورهين بحسن توجيهها والعناية بتكوينها الدراسي والعلمي والثقافي وتوفير الظروف الملائمة لتفوقها في الحياة. وركزت الأستاذة فاطمة النجار على البعد التربوي في حياة المتفوق، معتبرة الدعوة عاملا معينا للمتفوق ليعيش دوره في مسار الكون. وأرشدت المشاركين إلى استحضار واجب الشكر لله تعالى على نعمة التميز، ومن مستلزمات هذا الشكر للحي القيوم، تقول النجار، عدم الاعتزاز بميزة التفوق والعمل على تحصيل تفوق آخر في العلاقة مع الآخرين. وفي تصريح لالتجديد قال الأستاذ محمد المنتصر، مدير الملتقى: >إن العناية بتنظيم هذه المبادرة هي سد الفراغ في مجال رعاية التفوق وتحقيقه، سواء على مستوى أبناء الحركة أو المتعاطفين معها، ونطمح أن يتم الانفتاح ليشمل مجموع المتفوقين بالشراكة مع وزارة التربية الوطنية والشباب.< وأضاف الأستاذ المنتصر، الذي يعمل مستشارا في التوجيه التربوي بوزارة التربية الوطنية، أن عملية الانتقاء في الملتقى الحالي عرفت تطورا بالمقارنة مع تجارب الملتقيات السابقة، إذ لم يتم اختيار المتفوقين بالاستناد إلى معدل النقط، فهذا المعيار، يتابع المنتصر شارحا، لا يعبر عن المستوى والقدرات الحقيقية للتلاميذ، بل تم اعتماد استمارة للترشيح تضم عناصر مساعدة أخرى مثل تاريخ التمدرس والمعدلات المحصل عليها في جميع المستويات وسمات وخصائص أخرى تشمل الدافعية (الاستعداد الداخلي لدى الفرد للقيام بعمل ما) والقيادة والإبداع والتفوق. وذكر الأستاذ المنتصر بأهداف الملتقى الثالث للمتفوقين وحددها في ثلاث نقط: تمكين التلاميذ المتفوقين من مهارات التفكير الإبداعي. تحسيس التلاميذ من هذه الفئة بأهمية الاختيار الأنسب لمؤسسات التعليم العالي، ودوره في تحديد المسار المهني لهذه الشريحة. التعرف على المؤسسات الاجتماعية المتاحة وظروف التكوين. وألح المستشار في التوجيه التربوي على ضرورة إشراك الآباء وأولياء التلاميذ وتحسيسهم بفائدة التوجيه والإرشاد في إنجاح مسار أبنائهم على المستوى القيمي والمهني، داعيا إلى السعي لإحداث شراكة مع المجتمع المدني. وعما يلاحظ من وجود عدد كبير من فئة المتفوقين في المجالات العلمية عن الأدبية، أفاد المنتصر أن ذلك انعكاس طبيعي لما هو موجود في المجتمع ومرتبط أيضا بالوضعية التربوية لهذه المواد. واستفاد المشاركون من مجموعة من العروض العلمية والتوجيهية، إذ كان الحضور في لقاء مفتوح مع الدكتور أحمد الريسوني حول سيرته العلمية والسياسية، وكانت مناسبة الملتقى الثالث فرصة للمشاركين للالتقاء بالدكتور أحمد الريسوني لمدارسة عدة قضايا مرتبطة بالمجال العلمي، وتم طرح مواضيع تتعلق بالشأن الإسلامي والوطني، وأخرى بالقضايا ذات الطابع الحركي والدعوي. وتناولت أسئلة المتفوقين وضع الإعلام الإسلامي، خاصة جريدة التجديد، والوضعية السياسية لما بعد أحداث الدارالبيضاء الإرهابية وتداعياتها، وعلاقة الإيمان بالتفوق. وقدمت ورقة الأستاذ عبد الجليل الجاسني، المسؤول التربوي للحركة، مهارات تدبر القرآن الكريم، وجدولا لحفظ سورة يوسف لما فيها من عبر وفائدة للشباب، وأهمية القرآن الكريم في حياة المسلم. الأستاذ رشيد الجنكاري، من موقع منارة الإلكتروني من جهته، قدم ورقة حول موضوع التواصل المعلوماتي، موضحا مجالات استعمال شبكة المعلومات الأنترنيت واستفادة المؤسسات الجامعية من خدماتها، مشيرا إلى ازدهار التجارة الإلكترونية وبعض المواقع الميسرة للبحث والاستفادة من المعلومات. وفي اليوم الثاني كان موعد المشاركين مع سيرة حياة الأستاذ أحمد اليعقوبي في مجال الرياضيات، والتي نبهت إلى حسن اختيار التوجه العلمي وعلاقته بالنجاح المهني، مفيدا أن التلميذ لابد أن يحدث علاقة حميمية مع التوجه العلمي الذي يريده، وأن يربط نجاحه العلمي والمهني بالالتزام الأخلاقي والقيمي. وتعرض الدكتور عبد العالي حامي الدين في مشاركته خلال الملتقى لمشكل التوجيه في حياته الدراسية، مؤكدا أن التلميذ المتفوق هو الذي يحول المشكل الذي قد يصادفه من محنة إلى منحة، ومن عامل ضعف إلى قوة. ونصح حامي الدين المتفوقين برفع تحدي التفوق لمستوى أقوى، وعدم حصره في مستوى ضيق وخاص. وأشار الأستاذ سعد الوديي، مدير نشر جريدة >التجديد< إلى حسن إدارة الوقت وعناية الإسلام به، موضحا أن هدف التسيير الإداري هو إنجاز الأعمال بشكل منسق وفعال، وبأقل تكلفة ممكنة من الوقت، فالأدبيات الإدارية العلمية، في الوقت الحاضر، يقول الأستاذ لوديي، ربطت الإدارة بالوقت، مما يستدعي معرفة خصائصه العامة وحسن تدبيره، والعوامل المسببة لضياعه. وتناولت مشاركة الأستاذ المعتصم، ممثل نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين، قضايا الإصلاح الجامعي وإجراءات تطبيقه، ملفتا النظر إلى أن التعليم يشكل البنية الأساسية لرقي الأمم، كما أن قيام الأمم مرتبط بدرجة تعلمها، وتحدث المعتصم عن مردودية التعليم الوطني ومؤشرات التكوينات الجامعية. وتطرقت ورقة الأستاذ محسن بن خلدون مهندس دولة في الإعلاميات لآليات التفكير الاستراتيجي والأهداف المتوخاة في الحياة الشخصية والعملية، مشددا على أهمية الاستراتيجية في إنجاز الأعمال وإعداد البرامج لكي يكون الفرد والمجموعة يعملان لأجل هدف واحد.. هذا وقد عبرت تصريحات مختلفة لبعض المشاركين عن غبطتهم بالمشاركة في الملتقى الثالث للمتفوقين، داعية إلى تعميم التجربة جهويا، وتكثيف الزيارات الميدانية للمعاهد العلمية والمؤسسات المهنية لتتم الفائدة. وتجدر الإشارة إلى أن ملتقى المتفوقين يتم تنظيمه سنويا بتأطير من القسم التلمذي لحركة التوحيد والإصلاح لترشيد هذه الفئة في اختياراتها العلمية والمهنية، وقد تم تنظيم معرض مواز لأشغال الملتقى يعرف بمؤسسات التعليم العالي والشعب المتاحة. تقرير: ع. لخلافة/جمال الدين. ع