خص الأستاذ خالد عليوة، وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي بالمغرب، وعضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أسبوعية الصحيفة في عددها الأخير بحوار مطول تطرق فيه للعديد من القضايا السياسية الراهنة لمغرب ما بعد أحداث 16 ماي الإرهابية التي هزت مدينة الدارالبيضاء، وقدم قراءته الشخصية للحدث، وهي مخالفة تماما لما سبق أن صرح به قياديون آخرون عبر وسائل الإعلام المغربي، حيث دعوا بشكل مباشر إلى استئصال الحركة الإسلامية بالمغرب، ومعها حزب العدالة والتنمية، على خلفية أن لهذين الطرفين صلة مباشرة بالأحداث. وفي سياق المقالات والحوارات التي تطلع بها علينا الصحافة الوطنية والمنصفة للحركة الإسلامية بشكل عام، بين الحين والآخر، اعتبر خالد عليوة في سياق جوابه على سؤال محاوره حول إمكان اعتبار أحداث 16 ماي فرصة لتقزيم دور الإسلاميين الذي أصبح يتنامى، خاصة بالنسبة للمشاركين في العملية السياسية بالبلاد، أن التاريخ لا يصنع بانتهاز الفرص، وإنما بالبرامج والاستراتيجيات، على خلاف تام مع الدعوات المتتالية التي طلعت بها علينا في اليوم الموالي مباشرة للأحداث من هنا وهناك، تحمل الحركة الإسلامية المعتدلة وحزب العدالة والتنمية المسؤولية المعنوية في وقع، وتدعو إلى استئصالها. وحمل خالد عليوة، مسؤولية أحداث 16 ماي إلى إخفاق منظومة الإدماج الاجتماعي والمنظومة التربوية وتعثر التربية السياسية. وهو ما يعني أن المسؤولية على الأحداث مسؤولية مشتركة بين كل مكونات المجتمع ومؤسساته. وفي قراءة رشيدة لمدى صوابية فكرة الاستئصال، التي طالما لوح العلمانيون المغاربة ومعهم العديد من الهيآت السياسية بضروتها، ذكر الأستاذ عليوة، من باب التذكير بالحقائق التاريخية، تنويرا للرأي العام، بما تعرض له اليسار المغربي، إلى عهد قريب بسبب الدعوة إلى استئصاله، واعتبر أن الفكر الاستئصالي الذي كان يلاحقه لم ينل من حركيته السياسية، برغم ما مسه من ضرر ظرفي وعابر بسبب هذا الفكر، سرعان ما تجوز بمجرد حدوث انفتاح سياسي، عاد بسببه إلى واجهة الأحداث، ليكتسح الساحة في مرحلة موالية. إن ما ذهب إليه خالد عليوة، وهو تصحيح مباشر لأنصار التوجه الاستئصالي للحركة الإسلامية بالمغرب، بمن فيهم محمد اليازغي، نائب الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي، يعتبر شهادة حية تثبت فشل التوجه الاستئصالي من أي طرف كان، وينتصر لمبدإ الحوار الذي ينبغي أن يظل قائما بين كل الأطراف الفاعلة في المجتمع. ومما يعطي للقراءة التي قدمها خالد عليوة مصداقية واعتبارية، أن حزب العدالة والتنمية، برغم الأضرار البسيطة التي لحقت أو ستلحق به، خرج من الأزمة التي أحاطت به، ومن الدعوات المتتالية لاستئصاله منتصرا، ولم تنل منه تلك الدعوات المغرضة التي وجدت فيه منافسا قويا شيئا. وهنا خلص عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي إلى أن فكرة الاستئصال هي فكرة خطيرة خطيرة، يمكن أن تكون أكبر اختزال للإشكالية المطروحة على المغرب، في أبعادها الثقافية والسياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها من مجالات الحياة. وذكر الأستاذ عليوة، وهو المعروف بموقفه المعتدل والإيجابي في التعامل مع الحركة الإسلامية، سواء قبل أحداث 16 ماي أو ما بعدها، بموقف حزبه من هذه الحركات، مشيرا إلى المشاورات التي قام بها عبد الرحمان اليوسفي، لما عينه الحسن الثاني رحمه الله وزيرا أولا في حكومة التناوب، مع العدالة والتنمية عند تشكيل حكومته. أسفرت عن خيار موقف المساندة النقدية قبل الانتقال إلى المعارضة. عبد الرحمن الخالدي