تطرح علاقة تعاطي الشباب مع وسائل الاتصال الحديثة والمواقع الاجتماعية، أكثر من سؤال حول طرق استغلال هذه الوسائط والمواضيع المثارة فيها، وبالخصوص في الشق القيمي الأخلاقي، فهناك من يعتبرها مجالا خصبا لنشر الرذائل والترويج للشذوذ في المفاهيم والسلوكيات بشكل غير مسبوق، إلا أنه في الآن نفسه أسهمت بشكل ملفت في نشر التدين وإشاعة القناعات السليمة حسب رؤية آخرين. في هذا الاتجاه، يرى مولاي عمر بن حماد، الداعية الإسلامي، أن الدين الإسلامي لم يضيق من باب الوسائل في الدعوة إلى الله، مشيرا في هذا الاتجاه إلى ما فيه من مرونة كبيرة يفتح المجال لاستثمار كل وسيلة كيفما كانت، وقد كان صلى الله عليه وسلم، يقول بنحماد، كان يستعمل الوسائل التي كانت بين يديه، من استفادته من سلطان الشعر وغيرها من الوسائل وهو بذلك أسس لاستثمار الممكن في الدعوة إلى الله. بنحماد، قال في حديث ل»التجديد»، بخصوص رؤيته لتعاطي مستعملي الانترنت مع المواضيع الدينية، إن هذه الوسائط العصرية أحدثت ثورة حقيقية في عالم الاتصال، و»بحمد الله اجتهد الكثيرون في إحداث مواقع إلكترونية خاصة في هذا الموضوع، أو مجموعات»، مؤكدا أن ذلك مكن من التواصل مع شريحة يستحيل التواصل معها بالأساليب والطرق العادية، و»هذا مسلم به لأنه إذا كانت خطبة الجمعة كأحد أبرز الآليات الجماهيرية، فإن الفايسبوك أصبح يلامس الآلاف إن لم نقل الملايين». وتساءل بنحماد هل هذه الوسائل ساهمت في إحداث النقلة المطلوبة؟ مرجعا ذلك إلى المضمون الذي يطلع عليه الشخص، متأسفا عما قال عنه، إن أهل العلم والتمحيص والتدقيق والضبط وغيره، يعد حضورهم في هذا المجال ضعيف جدا». وأوضح بن حماد، أن كثيرا من المواد المتداولة على مستوى هذه الوسائط بسيطة وبعضها غير دقيق، و»عليه بقدر أن الآلية مهمة، فإن إقبال أهل الاختصاص على هذا المجال مازال محدودا»، موجها دعوة إلى أهل العلم في هذا الفضاء لأنه «شتان أن يطلق تغريدة عالم، وبين أن يطلقها هاوي، لأن هذا الأخير ليس له من الآليات ما تجعل من الناس يستفيدون منها، حيث توجد الكثير من المواد فيها أخطاء كثيرة على مستوى التصور». بن حماد ختم حديثه ل»التجديد»، بالتأكيد أن في «عالم الدردشة قد تكون مهمة في تصحيح عدد من الأمور، مع أهل العلم والاختصاص سهلة جدا وذلك لبناء معلومات، وتوضيح بعض المفاهيم». من جهته، قال الداعية عبد الرحمان البوكيلي، إننا في زمن ثورة التكنولوجيا عموما والإعلامية التواصلية بشكل خاص والأرض اليوم أشبه ما تكون بقرية صغيرة، مشيرا في تصريح ل»التجديد»، أن وسائل التواصل الجديدة حطمت الحواجز وحطمت السدود وقربت بين بني آدم رغم أنف الجميع. لذلك يقول البوكيلي، أصبح المجال فسيحا أمام القناعات والمبادئ والأفكار لتتلاقح وتتفاعل وتتعارف، وهذا من شأنه أن يفيد المبادئ الصافية والقناعات الصحيحة والحقائق الساطعة، كما أنه يفيد الأهواء الجامحة والشهوات الطائشة والشبهات الفاتنة. هذا ونبه نفس المتحدث، إلى أن الوسائل المعاصرة ساهمت في نشر الرذائل والترويج للشذوذ في المفاهيم والسلوكيات بشكل غير مسبوق، وفي الآن نفسه أسهمت بشكل ملفت في نشر التدين وإشاعة القناعات السليمة. وأوضح البوكيلي في هذا السياق، أن المواقع الإسلامية أصبحت رائدة في بيان الإسلام والتعريف به وبمبادئه وأخلاقه وعنيت بتقريب المعلومة إلى الجميع، كما نجد فيها الردود على الشبهات وتصحيح المفاهيم. وأكد البوكيلي، أن هذه المواقع ركزت في «عنايتها باللغات الأخرى لمخاطبة الناس على اختلاف ألسنتهم، مما أعطى نفسا متميزا لمسيرة نشر الإسلام وتوسيع دائرته، إضافة إلى التركيز على الحوار وعنايته بالتواصل مع المتصفحين والإجابة على أسئلتهم وإشكالاتهم، مما جعل هذه المواقع أكثر حيوية وفاعلية. البوكيلي قال، إن تعزيز التدين عرف من خلال هذه الوسائط نقلة نوعية من فايس بوك وتويتر، وفسح مجالا رحبا للمتدينين لتشكيل قوى هادئة متحركة بلطف، من أجل التعاون المباشر لنشر التدين والدعوة إليه. ورغم كل ما ذكر، اختتم البوكيلي حديثه ل»التجديد»، أن الحاجة تبقى إلى ترشيد استثمار هذه الوسائط، مقترحا بذلك محاربة الأمية في أوساط المسلمين، والارتقاء بالمستوى الاجتماعي لعموم الشباب بالبوادي، عن المزيد من اهتمام العلماء بهذه الوسائط واعتمادها، مشددا في ذات الاتجاه على ضرورة تدقيق المعلومات قبل نشرها وترويجها، وتأسيس مواقع متخصصة في الدعوة ومخاطبة غير المسلمين.