تزامنا مع انتهاء السنة الأخيرة من أجرأة مشاريع البرنامج الاستعجالي 2009/2012 ، أصدرت وزارة التربية الوطنية مؤخرا دلائل الدخول المدرسي المتعلقة بجميع مستويات اتخاذ القرار التربوي (مركزيا، جهويا، إقليميا ومحليا) و التي تعد الإطار المرجعي الذي يحدد الخطوات المنهجية و العملية التي تؤطر عملية الدخول المدرسي 2012/2013 ، وقد تم إعدادها تبعا لاجتماع لجنة قيادة إعداد الدخول المدرسي لوزارة التربية الوطنية التي يترأسها السيد الوزير . كما أن هذه الدلائل تقدم أهم العمليات و التدابير من أجل إنجاح الدخول المدرسي على المستوى المركزي ، الجهوي الإقليمي و المحلي ( على مستوى المؤسسة التعليمية) والمتعلقة بمجالات العرض التربوي، العمل التربوي، التواصل والتعبئة والشراكات والتتبع. و إسهاما منا في إغناء النقاش حول عملية إنجاح الدخول المدرسي المقبل، سنحاول في هذه الورقة من ناحية، تقديم قراءة في منهجية إعداد دلائل الدخول المدرسي 2012/ 2013، و من ناحية أخرى، سنعرض ملاحظاتنا على هذه الدلائل من حيث الشكل و المحتوى، لنخلص في الأخير إلى بعض الاقتراحات التي من شأنها المساعدة على تطوير هده الدلائل مستقبلا. منهجية إعداد دليل الدخول المدرسي 2012/ 2013 مرت عملية إعداد دلائل الدخول المدرسي من أربع مراحل أساسية : المرحلة التحضيرية: تم تعيين لجن مركزية لتحضير أرضية الاشتغال و إعداد الصياغة الأولية للدلائل. مرحلة التقاسم مع الفاعلين التربويين : تميزت بتنظيم يومين دراسيين بالرباط شارك فيهما: مديرون مركزيون، مديرو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، النواب الإقليميون، مديرو المؤسسات التعليمية ، مسؤولون من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، مسؤولون من النيابات الإقليمية. مرحلة التجميع النهائية: تمت فيها الصياغة النهائية للدلائل بتشاور و تنسيق مع عينة من الفاعلين التربويين مركزيا، جهويا، إقليميا ومحليا . مرحلة المصادقة على الدلائل : تم فيها عرض مشروع الدلائل على لجنة القيادة للمصادقة. فرغم أن المشاركة في عملية إعداد الدلائل لم تشمل جميع الأكاديميات و النيابات (حيث اقتصرت على عينة منها فقط) و لم تشمل كذلك جميع الفاعلين و المتدخلين في عملية الدخول المدرسي ، فإننا نسجل و لأول مرة في تاريخ وزارة التربية الوطنية اعتمادها المقاربة التشاركية التصاعدية في إعداد دلائل الدخول المدرسي 2012- 2013، حيث تم تمكين مجموعة من الفاعلين التربويين ( مديرو الأكاديميات ،نواب إقليميون، مفتشين، رؤساء مصالح،رؤساء مؤسسات تعليمية...) مركزيا، جهويا، إقليميا ومحليا من إبداء أرائهم و المساهمة الفعلية في إعداد دلائل الدخول المدرسي و أخد اقتراحاتهم و ملاحظاتهم بعين الاعتبار. كما نسجل كذلك إيجابية اعتماد مقاربة جديدة في إعداد هده الدلائل تركز بالأساس على منهجية استباقية و آليات توقعية لإعداد الدخول المدرسي 2012- 2013 و التي تندرج بدورها في إطار التوجهات الجديدة لوزارة التربية الوطنية التي تسعى إلى ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة و الاعتماد على علم التخطيط والبرمجة الدقيقة، و ذلك بتحديد أهداف واضحة وجدولة زمنية مدققة لتحقيق النتائج المرجوة. بعض الملاحظات: إلا أننا عند تصفحنا لدلائل الدخول المدرسي الأربعة (المركزي ، الجهوي الإقليمي و المحلي) أثارت انتباهنا بعض الملاحظات و التي نوردها كما يلي: فمن حيث الشكل لوحظ اشتمال الدلائل على عدد لا بأس به من الصفحات حيث تضمن الدليل المركزي 41 صفحة و الدليل الجهوي 40 صفحة و الدليل الإقليمي 40 صفحة و الدليل المحلي 30 صفحة ، وواقع الحال ينبئ أن الدليل كلما كان مختصرا كان مفيدا وعمليا و سهل الاستعمال حيث كان من الممكن أن لا يتعدى الدليل 20 صفحة. كما أن الدلائل تميزت بكثرة الجداول (الدليل المركزي 59 جدولا و الدليل الجهوي 60 جدولا و الدليل الإقليمي 66 جدولا و الدليل المحلي 45 جدولا ) حيث كان من الأفيد تجميع الجداول حسب المجلات و المكونات لتيسير قراءتها و بالتالي تسهيل عملية تنزيل محتوياتها على أرض الواقع. علاوة على ذلك، فقد تم إغراق الدلائل بالتفاصيل الدقيقة في بعض المجلات حتى يخال القارئ أنه بصدد خطة عمل سنوية و ليس بدلائل تركز على العمليات الكبرى الخاصة بكل مكون و مجال من مجالات عملية الدخول المدرسي ( كمثال على ذلك يمكن الإطلاع على محور الدعم الاجتماعي و محور الحركات الانتقالية). أما من حيث المضمون فقد لوحظ غياب مؤشرات التقييم و التتبع للعمليات المبرمجة وكذا غياب آليات مواكبة وقيادة الدخول المدرسي. إلى جانب ذلك، تم إغفال تحديد المخاطر المحتملة و كيفية مواجهتها عند جميع مراحل إنجاز عملية الدخول المدرسي المقبل (الإعداد، المواكبة التتبع و التقييم) حيث أن هذه الدلائل لم ترصد الصعوبات و الإكراهات التي تتكرر عند كل دخول مدرسي ولم تشر إلى سبل تجاوزها ولا إلى آليات التدخل لحل المشاكل المطروحة في الوقت المناسب. بالإضافة إلى هذا فإن الدلائل لم تحدد بدقة المتدخلين و المسؤولين على كل عملية من عمليات الدخول المدرسي بل اكتفت بذكر المتدخلين في المجلات بصفة عامة و فضفاضة ( المصالح المعنية بالأكاديمية؛مصالح النيابة الإقليمية....) و فضلا عن ذلك، فرغم أن الدلائل أشارت إلى إمكانية الانفتاح على المبادرات الإيجابية إلا أنها لم تحدد كيفية و طريقة و هامش هذا الانفتاح كما أنها لم تستحضر الخصوصيات الجهوية و الإقليمية و المحلية عند صياغتها. بعض الاقتراحات: إن الملاحظات المقدمة لا تنقص من أهمية الدلائل و لا من قيمتها و لا من أهمية المقاربة المعتمدة في إعدادها، و لإثراء و إغناء عملية إعداد دلائل الدخول المدرسي مستقبلا نقدم الاقتراحات التالية: -توسيع دائرة المشاركة و الإشراك في إعداد الدلائل لتشمل جميع الأكاديميات و النيابات و كافة الفاعلين التربويين ( مركزيا جهويا إقليميا و محليا) ؛ -ضرورة أن تتضمن الدلائل العناصر التالية: مجالات التدخل ؛ المسؤول على كل عملية؛ وسائل التنفيذ؛ الفئة المستهدفة؛ تواريخ التنفيذ ؛ آليات والتتبع والتقييم؛ المنتوج المرتقب؛ نسبة الإنجاز؛ -جرد الصعوبات و الإكراهات التي تتكرر عند كل دخول مدرسي و استثمارها في إعداد دلائل الدخول المدرسي اللاحق مع اقتراح الحلول الملائمة و المناسبة لتجاوزها؛ -نهج أسلوب الاختصار في صياغة الدليل دون الإغراق في التفاصيل و ذلك من خلال التركيز على العمليات الكبرى و تحديد بدقة الجهة المسؤولة عن تنفيذها؛ -منح هامش أوسع في اتخاذ القرار و المبادرة بالنسبة للمستويات الجهوية الإقليمية و المحلية في عملية تدبير الدخول المدرسي.