إن الحديث عن الحكامة بصفة عامة وحكامة الشأن التربوي على وجه الخصوص، يستدعي استحضار المداخل الأساسية لإصلاح المنظومة التربوية، وخاصة ما يتصل منها بشكل وطرق تدبيرها، بدءا بالتنظيم الهيكلي للمنظومة، والذي لابد أن يكون ملائما ومتجاوبا مع انتظارات الإصلاح الذي يسعى للتغيير وليس لتكريس الوضع والإبقاء على التنظيم التقليدي الذي لا يستجيب لمتطلبات المرحلة. بالتأكيد، إن هذا المدخل يشترط توافر المنظومة على موارد بشرية مؤهلة قادرة على رفع التحديات المطروحة، خاصة وأن المشروع الإصلاحي للمنظومة التربوية، والذي يجسده البرنامج الاستعجالي (2009-2012)، يتطلب ? كما أكدت على ذلك السيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي بمناسبة افتتاح الملتقى الوطني لإعطاء انطلاقة تفعيل البرنامج الاستعجالي/16 يناير 2009 ? مؤكدة على التعبئة الشاملة. حيث قالت «إن مشاريع البرنامج الاستعجالي لا تشكل وصفات جاهزة، بقدر ما تطرح علينا تحديات كبرى تشكل مختبرا حقيقيا لقدراتنا التدبيرية، ولطرق عملنا، ومدى استطاعتنا تحقيق التعبئة الشاملة والمستمرة لمجموع مواردنا البشرية، في إطار مقاربة جديدة تتجاوز أشكال التدبير البيروقراطي، الروتيني، وتحول عملية الإصلاح إلى هندسة محكمة تزاوج بين المسؤولية والمحاسبة وفق منطلق النتائج المحققة من جهة، والحرية في اتخاذ كل المبادرات من جهة ثانية». وفي ارتباط بهذا المدخل، يأتي التفكير في كيفية تدبير عملية الإصلاح، أي الوقوف على المقاربة المعتمدة من أجل تحقيق نتائج ملموسة وتتبع آثارها وتقييم مراحلها الإنجازية. في هذا السياق، تبنى البرنامج الاستعجالي مقاربة المشروع، التي تعتمد التدبير المرتكز على النتائج والتقويم المواكب لهذه النتائج المنتظرة. في هذا الإطار، وباستحضار هذه المداخل الأساسية للحكامة، نطرح السؤال : أية هيكلة لأي إصلاح ؟ ويمكن أن يتفرع عن هذا السؤال مجموعة من التساؤلات الفرعية : * هل يمكن إنجاح الإصلاح بتنظيم هيكلي تقليدي يعتمد التسلسل الإداري العمودي ؟ * هل مقاربة المشروع / التدبير بالنتائج لا تفرض نظاما قياديا جديدا ومتجددا ؟ * كيف يمكن ملائمة الهياكل التنظيمية القائمة مع آفاق التغيير في ظل الآليات الجديدة للإصلاح ؟ * ما هي مواصفات الوضع القائم ؟ * كيف تفكر قيادة المنظومة التربوية في الإصلاح ؟ * ما موقع الحكامة في مسار وسيرورة الإصلاح ؟ بالرجوع إلى كلمة السيدة كاتبة الدولة بالمناسبة المشار إليها سابقا، يتبين أن تنزيل البرنامج الاستعجالي يمر عبر عدة مراحل نذكر أبرزها في النقط التالية : * تحضير العدة الإجرائية وبلورتها في إجراءات وتدابير عملية وتحديد متطلبات ووسائل التطبيق ؛ * الاهتمام بالجوانب التنظيمية وخاصة ما يتصل بأجهزة القيادة على مختلف مستويات التدخل (مركزيا وجهويا ومحليا)؛ * مد قنوات التواصل بين جميع مستويات التدخل وإعداد أدوات وخطاطات القيادة والتتبع ومواكبة البرنامج الإصلاحي في مختلف مراحله. * لمحة موجزة حول مسار التنظيم الهيكلي بقطاع التعليم : إن ما يميز التنظيم الهيكلي لقطاع التربية والتكوين هو بعده المحلي، أي اعتماده على إدارة القرب. فإلى جانب هيكلة الإدارة المركزية، التي عرفت النور منذ مطلع الاستقلال مع الحكومات المغربية الأولى، نجد التأسيس المبكر للوحدات التنظيمية المكلفة بتسيير الشأن التربوي على المستوى الجهوي والإقليمي والمحلي. فمنذ سنة 1959، تم إحداث مفتشيات جهوية للتعليم، تمركزت بالمدن الكبرى للمملكة. في السنة نفسها، تم إصدار هيكلة وزارة التربية الوطنية، والتي بموجبها تم منح الوزارة الاختصاص بتدبير الشأن التعليمي. وفي سنة 1962 تم تحديد الدروس والنظام المدرسي لجميع مؤسسات التعليم والتكوين التربوي، كما تم إحداث 10 نيابات إقليمية. وفي سنة 1964، تم إصدار هيكلة جديدة لوزارة التربية الوطنية، وأخرى ستصدر في سنة 1968، وستليها هيكلة جديدة في سنة 1969. وستتوالى عملية مراجعة التنظيمات الهيكلية على المستوى المركزي طيلة المراحل الموالية إلى الآن. وفي سنة 1970 توسعت اختصاصات النيابات وتم تحديد مهام النواب بالنسبة للتعليم الثانوي والتقني والتعليم العالي وتكوين الأطر. أما نيابات التعليم الابتدائي، فقد انتظرت سنة 1972. وفي سنة 1975 تحقق الاندماج والتكامل على مستوى النيابات الإقليمية، حيث أصبحت تشرف على التعليم الابتدائي والثانوي. وشكلت سنة 1976، منعطفا حقيقيا في تاريخ التدبير اللامتمركز للشأن التربوي بالمغرب، إذ تم إحداث نيابات إقليمية على صعيد جميع العمالات والأقاليم عهد إليها تدبير الشأن التربوي على الصعيدين الجهوي والإقليمي . وتأتي سنة 1987 لإعلان ميلاد الأكاديميات كمصالح خارجية لوزارة التعليم الابتدائي والثانوي، وقد اقتصرت مهامها في البداية على تنظيم امتحانات الباكالوريا والإشراف عل المراقبة التربوية وتطبيق المناهج والبرامج، بالإضافة إلى البحث والدراسات في ميدان التقييم التربوي... وبعض المهام الأخرى ذات البعد الجهوي والإقليمي. ومن أبرز اللحظات التي ميزت كذلك مسار التنظيم الهيكلي لمجال التربية والتعليم نذكر لحظة صدور أول هيكلة لمصالح النيابات الإقليمية كمصالح خارجية للوزارة كان ذلك بواسطة قرار لوزير التربية الوطنية بتاريخ 5 أغسطس 1999 بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم نيابات وزارة التربية الوطنية. وهو أول قرار من نوعه من حيث تدقيق المهام والاختصاصات بالنسبة للوحدات التنظيمية الإقليمية. غير أن زمن صدور هذا القرار جعل منه محطة عابرة من أجل الانتقال إلى مرحلة جديدة في تاريخ المنظومة التربوية فيما يتعلق بالهيكلة والتنظيم. إذ بعد مرور شهر واحد على صدوره، سيعرض مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين على البرلمان في الدورة الخريفية للسنة التشريعية الثالثة (افتتاح الدورة في 8 أكتوبر 1999). على إثر هذا الحدث، ستشرع الوزارة، مع مطلع سنة 2000، في أجرأة وتفعيل الميثاق الوطني للتربية والتكوين، حيث ستصدر مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية، ولعل أبرزها القانون المحدث للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والقرارات المحددة لاختصاصات وتنظيم مصالح الأكاديمية. على هذا الأساس، وانطلاقا من هذا القانون أحدثت في كل جهة من جهات المملكة الستة عشرة «مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي» تدعى «الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين»، تخضع لوصاية الدولة. وتناط بالأكاديمية ? حسب أحكام المادة 2 من القانون المحدث لها ? مهمة تطبيق السياسة التربوية والتكوينية، مع مراعاة الأولويات والأهداف الوطنية المحددة من لدن السلطة الحكومية الوصية. ومن غير تقديم أي قراءة لهذه المرحلة ، فمن الواضح أن التنظيم الهيكلي للقطاع لم يكن دائما مواكبا للحظة الإصلاح، بل شكل دوما إحدى الإشكالات المعيقة للإصلاح. ويمكن ?الآن? أن نعتبر التنظيم الهيكلي القائم أحد معيقات نجاح التجربة الراهنة لإصلاح المنظومة التربوية. في هذا الصدد، استحضر ما قاله الدكتور قاسم بن صالح في كتابه «التربية والإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية» من حيث «إن العلاقة بين ثقافة المؤسسة ونتائجها ترتكز أساسا على ثلاثة مفاهيم ؛ أ- وجود هدف (جماعي) مشترك يتمثل في مجموعة من القيم ؛ ب- تحفيز الموظفين بطرق عمل تبرز قيمتهم ؛ ج- وجود تنظيمات هيكلية وأدوات عمل ملائمة» مضيفا أن التنظيم الهيكلي هو أساس كل تغيير « وقد أخطأ الكثيرون مدة طويلة في التقليل من قيمة هذا العنصر داخل المؤسسات التي يجري إصلاحها». معتبرا كذلك أن » لكل مؤسسة أو تنظيم هيكلي «ثقافة» خاصة تتصف بطابع نوعي، إذ يشعر العاملون فيها من موظفين ومسؤولين أنهم في جو أليف. لذلك يمكننا أن نفهم «الحالة النفسية» التي توجد فيها الوزارات، والصعوبات التي يلاقيها بعض كبار المسؤولين عندما يفكرون في التغيير «. غير أن النجاح على هذا المستوى يفترض ? بنظر هذا الباحث ? وجود نظرة جديدة موضوعية إلى المؤسسة التربوية وقدرة كبيرة على الإقناع. إنه عمل طويل الأمد يتحقق عندما يتبين لنا، على جميع مستويات الجهاز التربوي، أن الموظف / الإداري قد حل محله المدير / القائد. ويمكن أن نستنتج في هذا الباب، أن إرساء التنظيمات الهيكلية يمر عبر إرساء ثقافة حداثية داخل الأجهزة الإدراية والتربوية، وإشراك الجميع في عملية التغيير لتصبح ثقافة سائدة ومنتشرة بين جميع الفئات. بل من الضروري، قبل كل شي - كما يرى الدكتور قاسم بن صالح بحق ? التدقيق في الموارد البشرية. فهذا أمر يتيح تقييم نوعية الرجال والنساء الذي يعمل النظام التربوي بواسطتهم، ويوضح قدرتهم على الاستجابة فرديا وجماعيا للحاجات الجديدة، ويحدد موقعهم في السياق الإداري. إنه يتيح أيضا، فيما يتعلق بكل شخص كمورد، تحديد المهمات والأهداف والتطلعات الممكنة. * حكامة الشأن التربوي من خلال التنظيم الهيكلي : 1- الوضعية الراهنة للتنظيم الهيكلي : التنظيم الهيكلي القائم حاليا بقطاع التعليم المدرسي يتوزع على الشكل التالي : الإدارة المركزية : وتضم وحدات تنظيمية رسمية ووحدات تنظيمية وظيفية أملتها عوامل ترتبط بالاختلالات الحاصلة في الهيكلة الرسمية الصادرة في يوليوز 2002 بواسطة مرسوم ؛ الإدارة الجهوية : وتتمثل في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وعددها يماثل عدد جهات المملكة الستة عشرة ؛ الإدارة الإقليمية : وتشمل النيابات الإقليمية وعددها يماثل عدد العمالات الموجودة في التقسيم الإداري للمملكة، وقد أصبح مع التعديل الجديد عددها 83 عمالة، الشيء الذي فرض إحداث 13 نيابة إقليمية جديدة؛ مراكز التكوين : وتتوزع على الشكل الآتي : * مراكز تكوين المعلمين والمعلمات، وعددها 34 ؛ * المراكز التربوية الجهوية، وعددها 13 ؛ * المدارس العليا للأساتذة، وعددها 6 ؛ * المدارس العليا لأساتذة التعليم التقني، وعددها 2 ؛ * مركز التوجيه والتخطيط التربوي، وهو ذي بعد وطني ؛ * مركز مفتشي التعليم وهو أيضا ذي بعد وطني . المؤسسات التعليمية : وعددها الإجمالي يصل إلى 9662 مؤسسة بين الابتدائي والإعدادي والتأهيلي. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد خلال مرحلة الإصلاح الممتدة إلى غاية الموسم الدراسي 2012/2013 ، حيث ينتظر إحداث ما يناهز 1100 مؤسسة تعليمية (624 منها بالوسط القروي). هذه إذن هي الهندسة القائمة في قطاع التعليم المدرسي فيما يخص الهياكل التنظيمية المعمول بها مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا. وهي ذاتها الهياكل التي تخضع حاليا للدراسة والمراجعة، في أفق إما تغييرها تغييرا جذريا أو تحويل وظائفها من وظائف تقليدية روتينية إلى وظائف عملية ووظيفية تتماشى ومقاربة التدبير بالمشروع والمتمحور حول النتائج . 2- آفاق التنظيم الهيكلي : 2-1 التنظيم الهيكلي والجهوية : منذ سنة 2007، بدأت قيادة وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي تفكر جديا في تغيير الهياكل التنظيمية بما يستجيب لمتطلبات المرحلة، وبما يحقق الغايات والنتائج المنتظرة في هذا الإطار، يمكن أن نستحضر أشغال اليوم الدراسي المنعقد بالرباط في مايو 2007 حول تجربة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في إطار اللامركزية واللاتمركز، إذ توزع اليوم الدراسي على ثلاث ورشات انكبت على المحاور التالية : الإطار المؤسساتي والجهوية ؛ تدبير الموارد والجهوية ؛ التدبير التربوي والجهوية. ورغم أهمية أوراق العمل التي أعدت في الموضوع، وكذا النقاش الجاد والهام الذي عرفته أشغال الورشات، إلا أن ما يهمنا بالأساس من هذا اليوم الدراسي، هو التذكير بخلاصات النقاش الذي تمخض عن الورشة الأولى حول الإطار المؤسساتي ? البنيات والهيكلة-. في هذا السياق، يمكن التذكير بأهم هذه الخلاصات في النقط التالية : * مراجعة الهيكلة الحالية للوزارة بشكل تستوعب أدوارها الجديدة، والمتمثلة أساسا في وضع المخططات الاستراتيجية وتحديد الاختيارات والتوجهات العامة وتستحضر مهام ووظائف الأكاديميات المحددة بموجب القانون رقم 07.00 ؛ * ضبط العلاقة بين الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والنيابات الإقليمية، وذلك من خلال تحديد اختصاصات كل واحد منها ؛ * مراجعة الهياكل الإدارية الحالية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ولمصالحها الإقليمية (النيابات)، مع إحداث منصب كاتب عام أو مدير مساعد على مستوى الأكاديمية للتنسيق بين مختلف الأقسام والمصالح، وكاتب إقليمي على مستوى النيابة ؛ * إعادة النظر في الهيكلة الحالية للنيابات، لتستوعب الأدوار والوظائف التي تقوم بها فعليا هذه الوحدات الإدارية ؛ * إعادة النظر في تركيبة المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وذلك من خلال إقرار تمثيلية بعض الفئات، (النواب، مديري مؤسسات التربية والتعليم العمومي، تلاميذ المؤسسة...) ؛ * الرفع من تمثيلية بعض الفئات بالمجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين (جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، مؤسسات التعليم الأولي، جمعيات التعليم المدرسي الخصوصي) ؛ * تأمين تمثيلية فعلية لجميع أقاليم الجهة بالمجلس الإداري للأكاديمية ؛ * الإسراع بإخراج النظام الداخلي المحدد لكيفية اشتغال المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ؛ * تمكين اللجان التقنية المحدثة على مستوى المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، من صلاحيات واسعة تتيح لها تتبع تنفيذ المشاريع المبرمجة ؛ * العمل على ترسيخ ثقافة اللامركزية واللاتمركز لدى جميع المتدخلين في تدبير الشأن التعليمي ؛ * إقرار التكوين المستمر لفائدة جميع المسؤولين جهويا وإقليميا ومحليا ؛ * توفير إطار قانوني لضبط كيفية اشتغال مجالس تدبير مؤسسات التربية والتعليم العمومي لتجاوز كل الصعوبات التي تحول دون أداء مهامها على الوجه المطلوب ؛ * تقريب نقط اتخاذ القرار من المؤسسة التعليمية لإعادة تمركز الشؤون التربوية بها، وتحديد الوظائف التي يمكن أن تقوم بها جهات إدارية أخرى. 2-2 ملامح التنظيم الهيكلي المرتقب : إن إرساء حكامة الشأن التربوي، تقتضي الدفع في اتجاه وضع هيكلة تنظيمية فاعلة ومنسجمة مع ثقافة التدبير المرتكز على النتائج والتعاقد والمحاسبة، هيكلة تتطلع إلى اعتماد نهج تدبيري حديث يتضمن ? كما نص على ذلك البرنامج الاستعجالي ? تحديد الأهداف وصياغتها بدقة ووضوح، وتحديد المسؤوليات، وتسطير برامج عمل محددة للمسؤولين، ومنحهم وسائل بلوغ وقياس الإنجازات، وتبادل المعلومات، على مختلف المستويات. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، وفي إطار وضع العدة الكفيلة بقيادة مراحل تنفيذ البرنامج الاستعجالي، لابد من إرساء نظام للقيادة، يضمن تحقق قدر كبير من التفاعل في عملية صنع القرار في ظل مناخ تسوده الشراكة الحقيقية مع مختلف الفاعلين في المنظومة التربوية. ومن جانب آخر، ينبغي تفعيل مسألة التعاقدات بين السلطة المركزية الوصية والأكاديميات الجهوية باعتبارها مؤسسات عمومية، وذلك في أفق تحقيق نتائج مرقمة وبرامج عمل دقيقة. وبالتالي ضرورة توطيد قدرات القيادة على مختلف مستويات تدبير منظومة التربية والتكوين. ولعل هذه هي فلسفة البرنامج الاستعجالي ومضمون المقاربة التي يعتمدها. وفي ختام هذا المقال، لابد من الإشارة إلى أن المنهجية المعتمدة على صعيد قطاع التعليم المدرسي في وضع وإرساء هيكلة جديدة على جميع مستويات التدخل، تدعو إلى التفاؤل بالنظر للمراحل التي مرت منها، والمدة الزمنية التي خصصت لدراستها، حيث تم تكليف مكتب للدراسات بإعداد دراسة مفصلة ودقيقة في الموضوع استغرقت عدة سنوات، وانتهت إلى تقديم اقتراحات وفق ما نص عليه دفتر التحملات بين الوزارة والمكتب الذي تكلف بإنجاز الدراسة. ومن أجل إشراك جميع المتدخلين في وضع هياكل جديدة للأكاديميات الجهوية، عرضت على أنظار مجالس الأكاديميات في دورتها الحالية مشاريع هذه الهياكل التنظيمية للمصادقة. في الإطار ذاته، ودون الدخول في تفاصيل هذا التصور ومدى نجاعته وقابليته للتطبيق في ظل الاختلالات الحالية والإكراهات التنظيمية والتشريعية والمتضاربة أحيانا مع نمط التدبير الذي تم اختياره في سياق جهوية تدبير الشأن التربوي، لابد من التذكير بأهمية الجوانب التنظيمية في تحقيق النتائج المنتظرة . وقد لا أبالغ إذا قلت إن بلوغ النتائج المنتظرة من البرنامج الاستعجالي كلها أو جلها متوقف على إرساء هيكلة تنظيمية محكمة ووظيفية تستجيب لتطلعات مدرسة النجاح المنشودة. * باحث وممارس في مجال تدبير الموارد البشرية بقطاع التعليم المدرسي ? الرباط