حققت تجارة منتجات الحلال ازدهارا في الآونة الأخيرة مما حدا بكثير من المراكز التجارية والصناعية أن تتسابق للتجارة بها لتحقق أرباحا خيالية تقدر بالمليارات وذلك لزيادة عدد المسلمين في أوربا. وتقوم بعض شركات الأغذية والمشروبات بتصدير منتجاتها إلى دول عربية وخصوصا الحلويات ومنتجات الأطفال وبعض المشروبات. وتعني منتجات الحلال تلك الأغذية والمشروبات المتعامل معها حسب تعاليم الشريعة الإسلامية في الذبح والحفظ والتصنيع والتقطيع والتسويق. وبإشراف كوادر مسلمة ومخولة من قبل جهات إسلامية معترف بها دوليا. اهتمام متزايد تطورت درجة مراعاة السوق للعادات الاستهلاكية للمسلمين أكثر من مجرد الحلوى الحلال إلى متاجر البقالة والمواد التموينية. ويتزايد الاهتمام بين الشركات التي تريد توفير منتجات للسوق الإسلامية، لأن التجارة في منتجات الحلال تحقق ازدهارا ليس فقط في أوروبا، بل في العالم أجمع، حيث تفيد التقديرات بأن المسلمين سيشكلون 30 في المائة من سكان العالم بحلول عام 2025. وتوجد أوسع أسواق الحلال في ماليزيا واندونيسيا والشرق الأوسط، أما في أوروبا فإن أوسعها يقع في ألمانياوفرنسا وبريطانيا. ويتطلب ذلك فتح أسواق جديدة لمنتجات الحلال. إلى ذلك ترخص هيئة الرقابة على الغذاء الحلال لمنتجات العديد من شركات الأغذية الأوروبية الكبرى. ويوجد في مختلف أنحاء أوروبا أكثر من 4 آلاف منتج حلال في السوق. وقد اكتشف تجار التجزئة الأغذية الحلال، حيث تزداد طلباتهم من كبريات متاجر المواد التموينية في العالم. وبحسب تقديرات لخبراء فإن الشركات الضخمة المنتجة للمواد الغذائية مثل نستله جمعت أموالا طائلة من منتجات الحلال. وذكرت مصادر الشركة السويسرية التي شرعت في إنتاج المواد الغذائية الحلال في الثمانينات أن منتجات الحلال شكلت 5 في المائة من عوائدها العام الماضي. كما أنتجت نستله مشروبات الحلال ومنتجات الألبان والشوكولاته، وأكثر من 300 منتج من منتجات الحلال. بحسب وكالة «رويترز» للأنباء. وعلى صعيد ذي صلة انتشرت تجارة المواد الغذائية المصنعة وفقاً للمعايير الإسلامية في أوروبا مؤخراً، تلبية لحاجة الجاليات المسلمة المقيمة فيها، فأصبحت سوق المأكولات «حلال» مجالاُ لجني المليارات وتحقيق أرباح كبيرة، كما هو حال شركة «نستله»، الرائدة في السوق على المستوى العالمي، وتتعدى أرباح هذه الشركة السويسرية من منتجات «حلال»، تلك التي تجنيها من المنتجات الغذائية العضوية الخالية من الإضافات الكيميائية. وتعتبر فرنسا وبريطانيا إلى جانب ألمانيا من الأسواق الأوروبية الكبيرة لمنتجات «حلال». وتحصل شركات تبيع المواد الغذائية الحلال على شهادة «حلال» من «المجلس الإسلامي الأوروبي للتغذية» وهي واحدة من خمسة وتسعين هيئة في العالم متخصصة في منح الترخيصات الإسلامية. وتعد «الوكالة الأوروبية للمأكولات الحلال» من الهيئات التي تأسست حديثاً و تسعى إلى اقتراح معايير أوربية موحدة للمأكولات «حلال». بلورة معايير على المستوى الأوروبي ستمنح منتجات حلال شهادة موحدة يُراعى فيها المستهلك في المقام الأول، بمعنى أن يكون واثقاً من أن ما يتناوله يطابق بالفعل المعايير الإسلامية. «هال شوب» هو أول متجر فرنسي لبيع بالتجزئة المنتجات المطابقة لقواعد الشريعة الإسلامية يفتح أبوابه في «نانتير» على مشارف باريس لتلبية طلب فئة راقية من الزبائن تسعى إلى الجودة مع الالتزام بالدين. أدرك رشيد باخالق مؤسس متجر «هال شوب» أن فرنسا لا يوجد بها متجر لا يعرض سوى منتجات مطابقة للشريعة الإسلامية أو «حلال» فقرر إنشاء أول متجر من هذا النوع في البلد. ويعتني المتجر بانتقاء منتجات عالية الجودة لزبائنه كما يحرص على إبراز العلامات الدالة على أساليب اختبار مطابقة السلع للشريعة. ونجحت الفكرة في الجمع بين تقديم أطعمة فرنسية حديثة وراقية وبين الالتزام بتعاليم الإسلام. ويعيش في فرنسا أكبر عدد من المسلمين في أوروبا حيث تشير بعض التقديرات إلى أنهم يمثلون ما يصل إلى عشرة في المائة من الفرنسيين. تمييز ضد غير المسلمين! من جانب آخر أثارت سلسة مطاعم لبيع المأكولات الخفيفة في فرنسا جدلا سياسيا شمل مختلف الأحزاب السياسية الفرنسية، باقتصارها بيع أكلات حلال فقط. البعض رأى في هذا الإعلان تمييزا ضد غير المسلمين، بينما أكد البعض الآخر أن النقاش مبالغ فيه. وينتشر أكثر من 360 محلاً تابعاً لسلسة مطاعم الأكلات الخفيفة «كويك» في شتى أنحاء فرنسا، وتعرض ثمانية محلات منها منتجات حلال فقط، مثلما هو الأمر بالنسبة للمطعم الموجود في مدينة «روبي»، الذي ارتفعت عائداته بشكل ملحوظ منذ أن قرر القائمون فيه بيع منتجات حلال. وتُقبل العائلات الكبيرة خاصة على مطعم «كويك»، الذي ألغى المشروبات الكحولية من قائمة المشروبات المعروضة. كما يتم شراء اللحوم المفرومة من جزارين مسلمين فقط. وتم الاستغناء تماماً عن المكونات المستخرجة من لحم الخنزير لأن ذلك لا يتوافق مع رغبات الزبائن المسلمين. غير أن «رينه فانديريندونك»، رئيس بلدية مدينة «روبي»، يرى في ذلك: »تمييزاً ضد غير المسلمين، لأنه يتم تقديم منتجات حلال فقط«. ، لافتا النظر إلى أن» الأمر يمكن أن يكون مقبولاً لو تم تقديم كل المنتجات إلى جانب منتجات الحلال«. ويرى السياسي الاشتراكي أن سلسلة مطاعم المأكولات الخفيفة تبالغ في مراعاة مشاعر خمسة ملايين مسلم في فرنسا، إلى درجة أنه سعى إلى رفع دعوى قضائية ضد هذه السلسة بسبب ما سماه بالتمييز ضد غير المسلمين.ولكنه سرعان ما سحب هذه الدعوة حين قوبلت بترحيب كبير من قبل اليمنييين المتطرفين، وخاصة من «مارين لوبين»، ابنة مؤسس الجبهة الوطنية المتطرفة «جون ماري لوبين»، والتي كانت في حينه مرشحة للرئاسيات الفرنسية، و التي أعربت عن تأييدها الكبير للسياسي الاشتراكي بالقول: »أين هي إذن حرية الآخرين؟ هل هي حرية الذين يؤمنون بدين معين أو لا يؤمنون بشيء«. من جهتها، بررت سلسلة مطاعم «كويك»، التي تنتمي إلى مؤسسة مالية حكومية، تمسكها بموقفها بحرية التجارة، التي أيدتها الأحزاب الليبرالية وحزب الخضر. ففي سياق متصل قال «دانييل كوهن بيندت»، عضو عن حزب الخضر في البرلمان الأوروبي؛ إن: »هناك الكثير من المتاجر اليهودية في فرنسا التي تبيع المنتجات الكوشير، ولم يبد أحد اعتراضه على ذلك«. وأضاف بيندت، المنحدر من عائلة يهودية، أنه »لا أحد يرفع دعوى ضد محل أو متجر يبيع المنتجات العضوية، أي تلك التي لم تدخل على تركيبتها الجينية أي تعديلات«. العلمانية وذبح الحلال لكن الجدل لم يعد يقتصر على سلسلة مطاعم المأكولات الخفيفة فحسب، بل أخذ أبعاداً أخرى، إذ يشير الاشتراكي «فيليب بروتون» إلى أن النقاش الدائر حول مواضيع مثل الأكلات الحلال وغيرها لا يتوافق مع نظام فرنسا العلماني. وفي الواقع يتضمن الدستور الفرنسي بنوداً واضحة، تؤكد الفصل بين الحياة العامة وبين الدين، وبالتالي فقد اقتصر النقاش القائم بشأن «البورغر» الحلال حول إلى أي مدى يمكن لدولة علمانية مراعاة مشاعر أتباع دين أو مذهب معين. ولا يوجد ما يلزم المطاعم في فرنسا تقديم مجموعة من المنتجات وهناك عدد كبير من المطاعم التي تقدم اللحوم المذبوحة وفقا للشريعة اليهودية أو الشريعة الإسلامية لخدمة أكبر طائفتين يهودية ومسلمة في أوروبا. وقدر حجم سوق اللحوم الحلال بحوالي 5.5 مليار يورو طبقا لمسح أجري في ديسمبر الماضي. كما أنه يتزايد بسرعة. ايطاليا واحترام الثقافات الأخرى وفي ايطاليا أصبح بإمكان عشرات الزبائن المسلمين فضلا عن الزائرين الايطاليين الفضوليين لمتجر كبير في روما التسوق في قسم افتتح مؤخرا لبيع اللحم الحلال. وبدأ المتجر الذي تملكه سلسة كوب الايطالية في بيع اللحم الحلال قبل أسبوع في السادس من فبراير 2012 للسماح للعدد المتزايد من الزبائن المسلمين بشراء لحوم الحيوانات المذبوحة وفقا للشريعة الإسلامية. ولم يكن جميع الزبائن الذين زاروا القسم الجديد مدفوعين بأسباب دينية. فقد تفقد كثير من الايطاليين الفضوليين المنتجات وحصلوا على المشورة والمعلومات من قبل بائعات مسلمات تم توظيفهن خصيصا لهذا الغرض. وقالت «إيمان» ذات الأصول المغربية والتي تعيش في ايطاليا منذ كان عمرها أربعة أعوام:»هناك فضوليون يريدون فحسب أن يعرفوا معلومات عن هذه اللحوم وفضوليون آخرون ... ينتهي بهم المطاف إلى شراء اللحوم«.ولقيت فكرة سلسلة متاجر كوب المتعلقة بافتتاح قسم للحوم الحلال لتعزيز الاحترام تجاه الثقافات الأخرى ترحيبا من الكثير من زبائنها الايطاليين. ويذكر ان اللحوم التي تباع في قسم اللحوم الحلال تأتي من نفس مزارع تربية الماشية التي تبيعها سلسلة كوب لكنها تذبح وفق الشريعة الإسلامية في مذبح بشمال ايطاليا. ومع هذا اتهم رينيه فاندييرندونك وسياسيون آخرون سلسلة مطاعم كويك بانتهاك مبدأ المساواة الفرنسي. وبينما بدأت سلسلة «كويك» خدمة تقديم اللحوم الحلال في نوفمبر الماضي؛ فإن الغضب العام لم يتفجر إلا عندما انتقد سياسيون من اليمين المتطرف سلسلة المطاعم تلك قبيل الانتخابات الإقليمية الرئاسية الأخيرة.ومما يثير الانتباه كذلك، هو أن سوق الحلال لم تعد موجهة للكبارفقط، ولكن أصبح أطفال الجالية المسلمة المقيمة في أوروبا زبائن جدد يجب تلبية طلباتهم. ولذلك انقض «فليب شارو»، وهو فرنسي مقيم بالمغرب، على الفرصة بمجرد ما اكتشف هذا الفراغ في سوق المنتجات الحلال. ويقول:»نحن نصنع منتجات موجهة إلى الأطفال تتضمن لحوما ودواجن وفواكه وخضر. بدأنا بتصدير ما ننتجه نحو الجزائر وموريتانيا والإمارات والآن نستهدف السوق الأوروبية نظرا لارتفاع الطلب فيها«. ويضيف:»نود لقاء موزعين معروفين على الساحة الفرنسية ويتمتعون بسمعة جيدة في مجال المنتجات الحلال للتعامل معهم«. ويتابع:»نحن أول شركة - فيتاميل بي بي- تحصل على توثيق بأن منتجاتنا حلال من قبل وزارة الشؤون الإسلامية في المغرب. ففي المغرب كما في باقي الدول الإسلامية، الشركات ليست في حاجة إلى مثل هذه التراخيص لأن كل المنتجات حلال». علامة الحلال في فرنسا يقول «أنطوان بونيل»، مؤسس معرض الحلال:»إن سوق اللحوم الحلال في فرنسا يميزها الغموض وقلة التنظيم نظرا لغياب هيئة مرجعية تعطي شهادات للعاملين في القطاع بما أن السلطات لا تتدخل في الشؤون الدينية للمواطنين». ويؤكد بلال وهو أحد مديري جمعية «الشهادة» وهي هيئة ترخص للعاملين في القطاع أن منتجاتهم حلال، إن:»هناك بالفعل غموض يلف السوق في فرنسا». ويضيف:»للترخيص بأن منتجا ما حلال، يقوم العاملون في هيئة «الشهادة» بالإشراف على عملية الإنتاج منذ ذبح القطيع لغاية تعليب ما يجب تعليبه. نتأكد أن الحيوان الذي سيذبح مازال حيا وليس مجروحا أو مصابا بأذى، بعدها يجب أن تؤدى الشهادة وأن يكون من يقوم بعملية الذبح مسلما. كما أننا نشرف على عملية تقطيع اللحوم ووضعها في الثلاجات للتأكد من عدم إضافة أي مواد أو ملونات تتضمن مكونات محرّمة».