يرى الدكتور سعد الدين العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أن تقييم المسلسل التفاوضي مع جبهة البوليساريو والذي ترعاه الأممالمتحدة، تآكل بسبب محادثات غير مباشرة أصبحت تعالج الإشكالات الجزئية والفرعية، عوض أن تعالج المشكل الأصلي كما نصت على ذلك قرارات مجلس الأمن الأخيرة، والتي تؤكد على ضرورة البحث عن حل سياسي دائما ومتفاوض عليه، ومقبول لدى الطرفين، مؤكدا في حوار مع «التجديد» أنه ذلك لم يتحقق منه أي شيء بعد تسع جولات من المحادثات غير الرسمية. وأوضح وزير الخارجية، أن الأداء الحكومي عموما إما جيد أو مقبول حسب القطاعات، لكن المهم يضيف العثماني هو أننا في لحظة تأسيسية بعد دستور جديد يتضمن صلاحيات جديدة وموسعة للحكومة وهو ما يحتاج إلى الأجرأة في قوانين تنظيمية. العثماني في هذا الحوار يناقش مع «التجديد»، رؤية الحكومة المغربية للأزمة السورية، والعلاقات المغربية التركية، ومواضيع أخرى تهم السياسة الخارجية للملكة المغربية. نشكر الأمين العام للأمم المتحدة على حياده وعمله الدؤوب لمعالجة النزاع حول الصحراء، والمغرب يتمسك بالمسلسل الذي يرعاه وبقرارات مجلس الأمن. كما أن أصدقاءنا وخصوصا فرنسا والولايات المتحدة كانت لهم أدوار إيجابية في القرار الأخير، وقد كانا عاملا إيجابيا في التوازن الذي طبع قرار مجلس الأمن الأخير ليس هناك من تحد أكبر من متابعة ملف قضيتنا الوطنية الأولى، التي هي أم القضايا بنص الدستور، والتي تحظى بمتابعة مستمرة وفعلية من قبل الدبلوماسية المغربية حيث تظل في صلب المحادثات الدائمة والمستمرة مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن وغيرهم الدبلوماسية المغربية تتحرك في الملف السوري من منطلق موقفها الثابت الذي يراعي المحافظة على وحدة سورية، واستقرارها وسلامتها الإقليمية، وتطلعات شعبها المشروعة إلى الحرية والديمقراطية في انتظار أن تنضج فكرة انضمام بلادنا إلى الاتحاد الإفريقي وأن تتوفر الظروف السياسية الضرورية لذلك، يبقى أمام المغرب أن يحصن كل المكتسبات التي ما فتئ يحققها داخل الأسرة الإفريقية العلاقات المغربية الإفريقية ● في كل هذا ما موقع العلاقات المغربية الإفريقية؟ ●● لقد قرر المغرب الذي كان من مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية وعضوا محوريا بها منذ بداية ستينيات القرن الماضي وإلى غاية 1984، الانسحاب منها ومن جميع هيئاتها وهياكلها التنظيمية، احتجاجا على إقدام المنظمة آنذاك على إقحام كيان وهمي، في عضويتها. فأخلت بذلك بمبدأ الالتزام باحترام سيادة دولة مؤسسة التي هي المغرب، وبوحدة أراضيه، وفق ما ينص عليه ميثاقها. ومنذ ذلك الحين، و»الجمهورية الصحراوية المزعومة» تمارس عضويتها كأنها «دولة ذات سيادة» داخل منظمة الوحدة الإفريقية، التي تحولت عام 2002 إلى الاتحاد الإفريقي بمؤسسات جديدة، وأخذت تفرض نفسها على كافة المحافل الدولية والإقليمية والمنتديات والأنشطة التي يشارك فيها الاتحاد الإفريقي من أجل الاعتراف بهذا الكيان الوهمي كدولة . إلا أن المغرب ظل يعي أن القارة الإفريقية تشكل عمقا استراتيجيا له تربطه بها علاقات تاريخية وثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية وروحية متميزة، وسنواصل بذل الجهد لتحقيق الأجواء المناسبة لانضمام المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي،بتجاوز الأسباب والصعوبات التي تحول دون ذلك. وسياستنا الإفريقية تقوم على اعتماد مقاربة جديدة مبنية على التضامن ودعم مسارالتنمية البشرية المستدامة و التعاون جنوب جنوب . والمغرب ورغم انسحابه تنظيميا من العمل الإفريقي المشترك، فإنه قد ظل وفيا لعمقه الاستراتيجي وامتداداته التاريخية والسياسية والاقتصادية والثقافية في القارة الإفريقية وكمثال على ذلك: أبرم المغرب 500اتفاقية مع 40 دولة افريقية تهم مختلف أنواع التعاون يتم الإشراف على تكوين 6500 طالب إفريقي سنويا، و250 متدربا في التكوين المهني و150 اطارا بالمدارس العسكرية المغربية ، الخطوط الملكية تتوفر على أكثر من 25 خطا جويا بإفريقيا والمؤسسات البنكية المغربية تنشط في أكثر من 20بلدا افر يقيا. لقد تمكنت بلادنا، بعد اقتناع المنتظم الدولي ومعه مجموعة مهمة من الدول الإفريقية بعدالة القضية الوطنية، من استرجاع إشعاعها التدريجي ويتجلى ذلك في: مراجعة العديد من دول الاتحاد الإفريقي لمواقفها السابقة،حيث سحبت لحد الساعة 18 دولة افريقية اعترافها بالجمهورية الوهمية أيدت غالبية الدول الإفريقية ترشح المغرب لمنصب عضو غير دائم في مجلس الأمن قرر قادة تجمع دول الساحل والصحراء «س.ص» المنعقد مؤخرا بأديس أبابا والذي يضم أكثر من نصف دول القارة، عقد الاجتماع التنفيذي للمجلس التنفيذي الاستثنائي لوزراء الخارجية للمجموعة بالمغرب في غضون الشهر المقبل. صرح عدة رؤساء أفارقة بأنه لا مناص من أن يعود المغرب إلى الحظيرة الإفريقية وان يلعب الدور المحوري. الا اننا نواجه حاليا بالموقف الحالي للاتحاد الإفريقي من قضية الصحراء الذي لا يختلف عن النهج الذي سلكته سابقتها (منظمة الوحدة الإفريقية) والذي يتصف بالانحياز الأعمى لأطروحة أعداء المغرب،مما يجعل مسألة عضوية المملكة في هذه المنظمة أمرا صعبا،وكون المغرب من مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية، وفاعلا أساسيا فيها قبل أن ينسحب منها، لا يخول له «العودة» إلى الاتحاد الإفريقي بشكل مباشر بوصفه امتدادا لمنظمة الوحدة الإفريقية، لأن الأمر يتعلق بمنظمتين مختلفتين، كانت الأولى تشتغل بآليات قانونية مختلفة تماما عن الاتحاد الإفريقي. إن البواعث السياسية التي دفعت المغرب إلى الانسحاب من منظمة الوحدة الإفريقية، بعد قبول عضوية الجمهورية الصحراوية المزعومة لازالت قائمة، بل وتكرست خلال الاجتماع التأسيسي للاتحاد الإفريقي بجنوب إفريقيا، حيث اعتبرت تلك الجمهورية الوهمية من مؤسيسه، ومن الدول الأولى التي وقعت وصادقت على ميثاق الاتحاد وعلى كافة الآليات المنبثقة عنه، وأصبحت ممثلة بمندوبين لها لدى الهياكل الرئيسية واللجان الفرعية، ولاسيما تلك التي تُعنى بالمسائل السياسية والأمنية في الاتحاد. إنه مع التفهم الكبير لنبل وشجاعة المواقف التي عبرت عنها العديد من الدول الإفريقية وخاصة الزعماء والوزراء الأفارقة الذين التقيتهم باديس ابابا واستعداد العديد منهم للمساهمة في ترتيب عودة المملكة المغربية للعمل الإفريقي المشترك في إطار هذا الاتحاد، وبغض النظر عن قضية الصحراء المغربية، التي يبقى أمر البت فيها مطروحا على أنظار هيئة الأممالمتحدة في شخص أمينها العام ومبعوثه الشخصي، فإنه يستعصي من الوجهتين القانونية والسياسية - المحسومتين من قبل المغرب بشكل مبدئي وواضح - العودة سريعا إلى العمل في إطار منظمةٍ تضم في عضويتها الجمهورية الصحراوية المزعومة. ويصعب بالتالي على بلادنا أن تتخذ لها مقعدا إلى جانب مجموعة من الانفصاليين يزعمون أنهم يمثلون دولة لها سيادة وسلطة ولها مقومات شخص من أشخاص القانون الدولي. وفي انتظار أن تنضج فكرة انضمام بلادنا إلى الاتحاد الإفريقي وأن تتوفر الظروف السياسية الضرورية لذلك، يبقى أمام المغرب أن يحصن كل المكتسبات التي ما فتئ يحققها داخل الأسرة الإفريقية، وأن يستمر الحوار مع أصدقائه وحلفائه من الدول الإفريقية، لإيجاد مخرج، يحفظ للمغرب ماء الوجه واعتماد حل منسجم مع موقفه الثابت، لهذه الوضعية الشاذة التي يوجد عليها الاتحاد الإفريقي، دون أن يتم ذلك على حساب الثوابت الوطنية لبلادنا ومصالحها العليا غير القابلة لأي شكل من أشكال المساومة.