موافي عزب ❍ أنا شاب يلازمني الحزن والهم، فأنا بين همين: هم الآخرة وهم الدنيا، فأما الآخرة: فإني دائم التفكير بها، وكيفية النجاة منها، حتى لم أعد أشعر بلذة الدنيا، وأما أمور الدنيا فهي: تأخري في الجامعة، فأنا تجاوز عمري 25 سنة، وبقي لي للتخرج سنتان بسبب عدم التوفيق في بداية الدراسة، لكني الآن -بفضل الله- تسير دراستي بشكل جيد، وأشعر بمضايقات من كلام الناس بسبب تأخري، وكذلك أحمل هم والدي في دفع الأقساط الجامعية.أريد منكم وسائل كي تقوي من عزيمتي على كل ما فيه خير في أمور آخرتي ودنياي؟ ❍❍ أولاً: إن قضية الحزن والهم التي تلازمك -كما ذكرت في رسالتك- ليست إيجابية، والدليل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان يستعيذ بالله منها، فإن هذا الحزن والهم الذي يُفقد الإنسان اللذة بنعمة الله الكبرى، وهي الدنيا التي هي مزرعة الآخرة، وقد يؤدي به إلى التخاذل والتكاسل، وقد يؤدي به إلى التوقف عن الإنجازات التي تجعل حياته سعيدة، وقد يؤدي به ذلك أيضًا إلى النظر إلى الدنيا على أنها لا قيمة لها، ولو أن الحزن والهم يؤدي إلى ذلك كله فهو ضد الشرع يقينًا؛ لأن الله تبارك وتعالى أمرنا أولاً بالأخذ بالأسباب. وكونك تحمل هم الآخرة ليس معنى ذلك أنك لا تجتهد في الدنيا حتى تكون فيها مبدعًا، وحتى تكون منجزًا, وحتى تكون فيها قويًّا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) ولذلك عليك أولاً: بالتوكل على الله تبارك وتعالى وحسن الظن به، وأن تجتهد في الأخذ بأسباب التميز العلمي والدراسي، وأن تضع لنفسك برنامجًا للتميز، فأنت الآن -كما تقول- بقي لك على التخرج قرابة السنتين، فينبغي عليك أن تضاعف وقت المذاكرة، وأن تضاعف وقت الحضور في الجامعة. ثم بعد ذلك ترجع لبيتك فتأخذ بالأسباب وتذاكر بجد وعزيمة، وتعلم أنك بذلك تنصر دين الله تعالى بتميزك العلمي، حاول أن تضع أمامك هدفًا كبيرا؟ حتى وإن كنت قد تعثرتَ في أول الأمر، إلا أن العبرة بالخواتيم والنهاية. فإذن أنت الآن مازالت أمامك فرصة أن تكون هذا العام ممن يحصلون على امتياز، وفي العام القادم كذلك بإذن الله تعالى، ستُحدث تغييرًا نوعيًا في حياتك، إذ أنك ستكون قادرًا أولاً على إسعاد نفسك, وعلى رد الجميل لوالديك اللذان قاما على خدمتك، فهذا والدك يدفع الأقساط الجامعية، فإذن شكرًا لهما, واعترافًا لجميلهما, وتقديرًا لدورهما عليك أن تكون متميزًا، وأن تحصل على أعلى الدرجات، حتى تشعرهما بأن جهدهما لم ولن يكن هباءً منثورًا. كن متفائلاً، واعلم أن التفاؤل من عوامل النجاح، واعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان يحب الفأل الحسن، وعليك بالدعاء -بارك الله فيك- لنفسك, والاجتهاد في ذلك أن يجعلك الله موفقًا مسددًا.