اعتبرت صحيفة جزائرية أن نتائج الانتخابات البرلمانية خيّبت آمال الجزائريين في التغيير، ومكنت النظام من استنساخ نفسه، بعدما تمكن حزبا السلطة، جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، من حصد الأغلبية المطلقة في البرلمان المقبل المكلف بإدخال تعديلات جوهرية على الدستور الحالي. وقالت صحيفة «الشروق» الأوسع انتشارا في الجزائر السبت إن النتائج التي كشف عنها الجمعة وزير الداخلية دحو ولد قابلية «فجّرت واحدة من أكبر المفاجآت، ليس بسبب تصدر الأفلان (الإسم الفرنسي لجبهة التحرير الوطني) النتائج، وإنما للعدد الكبير من المقاعد التي حصل عليها، والتي وصلت عتبة ال220، يضاف إليها نتيجة حزب أحمد أويحيى التي بلغت 68 مقعدا» من أصل 462 مقعدا في البرلمان. وأضافت الصحيفة أن «هذه النتائج تكون قد فاجأت حتى السلطة، التي مرت بواحدة من أصعب فتراتها خلال ما يقارب السنة والنصف بسب المخاوف من وصول مد الربيع العربي إليها، وهي المخاوف التي حتمت عليها الانخراط في مسار إصلاحات سرعان ما تبين أنه كان مجرد حيلة من السلطة لربح الوقت وتفويت الفرصة على حراك شعبي كان على فوهة بركان». وقالت «إذا كان التجمع الوطني الديمقراطي «حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى» قد تلقى صفعة قد تخسره نفوذه التمثيلي مقارنة بغريمه الأفلان، فإن الخاسر الأكبر في كل هذا، يبقى التيار الإسلامي، الذي خيب آمال أنصاره ولا سيما تكتل الجزائر الخضراء المشكل من ثلاثة أحزاب، هي حركة مجتمع السلم، وحركتي النهضة والإصلاح، التي لم تحصل مجتمعة سوى على 48 مقعدا، في سيناريو لم يكن يتوقعه أكثر المتشائمين حتى من خارج هذا التحالف الذي ولد على عجل وفي ظل إرهاصات صعبة». واعتبرت الصحيفة أن «غرابة المفاجأة تزداد عندما نجد أن أبناء التيار الإسلامي بكامل تجلياتهم، لم يحصلوا مجتمعين سوى على 59 مقعدا، إذا ما احتسبنا ما حققته جبهة العدالة والتنمية، التي يرأسها عبد الله جاب الله «7 مقاعد» وجبهة التغيير التي يرأسها الوزير الأسبق، عبد المجيد مناصرة «4 مقاعد»». أما التيار الموصوف ب»الديمقراطي»، فلم يشذ حسب الصحيفة عن القاعدة، إذ «حافظ على محدودية تمثيله، بالرغم من دخول جبهة القوى الاشتراكية «أقدم حزب معارض في الجزائر» المعترك، حيث حصل بمعية حزب العمال «اليساري» على ما مجموعه 37 مقعدا، 21 منها للأول». وتابعت الصحيفة إن «من شأن النتائج المسجلة أن تفوت على الجزائر فرصة سانحة للتغيير الهادئ، فالنظام وبالرغم مما يملكه من إمكانات ومخابر وأجهزة، عجز عن رصد توجهات الجزائريين قبل الانتخابات، وفشل في توجيه الرأي العام الوطني بما يوائم ظروف المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، سيما في ظل المعطيات الإقليمية والرهانات الدولية، التي جعلت من البلاد، جزيرة في محيط هائج تتقاذفها الأمواج من كل جهة». وقالت «إن أولى الصعوبات والتحديات التي ستواجه السلطة في ضبط بوصلتها بعد نتائج انتخابات الخميس الأسود بحسب دعاة التغيير، بالرغم من الأريحية التي أوجدتها النتائج المحصل عليها، تتمثل في التشكيلة الحكومية المقبلة في ظل حالة التذمر التي اجتاحت الطبقة السياسية من جراء النتائج المسجلة». وحسب الصحيفة فإنه «من الصعوبة بمكان، أن تنجح السلطة في توسيع قاعدة المشاركة في الحكم، مثلما كان مع تجربة التحالف الرئاسي «الذي ضم جبهة التحرير والتجمع الوطني وحركة مجتمع السلم-الإخوان المسلمون» من سنة 2003 إلى 2011، والتي ضمت كافة العائلات السياسية». واعتبرت الصحيفة أن عودة الإسلاميين إلى الحكومة «تبدو أكثر من مستبعدة بعد اليوم، بالنظر إلى الاتهامات والاتهامات المضادة» التي وقعت بين رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني وغريميه في التحالف الرئاسي عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحيى، إثر انسحاب الحركة من التحالف الرئاسي مطلع العام الجاري. ورجحت الصحيفة أن يكون «المخرج الوحيد الذي قد تلجأ إليه السلطة لتجاوز معضلة توسيع قاعدة المشاركة في الحكم، يبقى إمكانية إنشاء حكومة غير متحزبة مشكلة من شخصيات تكنوقراطية، توكل لها مهمة الإشراف على تعديل الدستور في النصف الثاني من العام الجاري، وكذا تنظيم الانتخابات البلدية في أكتوبر المقبل».