فاز المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند بالرئاسة الفرنسية، متقدما على الرئيس المنتهية ولايته، نيكولا ساركوزي، ب51,8 بالمائة من الأصوات في الجولة الانتخابية الثانية. فوز هولاند يعيد اليسار إلى الحكم، بعد 17 سنة مغادرة الرئيس ميتران الإليزيه، عام 1995. وخرجت جموع المتظاهرين، فور الكشف عن النتائج في تجمعات احتفالية تعبيرا عن سعادة غالبية الفرنسيين بأفول الساركوزية وبداية عهد جديد وعد فرانسوا هولاند بأنه «سيكون قطيعة مع السياسيات الليبرالية المجحفة بحق الفئات الشعبية الأكثر تضررا من الأزمة». وتعهد هولاند ب»إطلاق دينامية أوروبية جديدة لوضع حد لسياسات التقشف، والعمل على دعم التنمية بوصفها قاطرة الخروج من الأزمة من خلال مكافحة البطالة وتقوية القدرات الشرائية للفئات البسيطة». وقال هولاند: «أنا رئيس اشتراكي وسأعمل على تجسيد حلم العدالة والتغيير الذي عبرت عنه غالبية الفرنسيين، وليس ناخبو اليسار فحسب». واتجهت الأنظار على الفور الى مقر الحزب الاشتراكي الفرنسي، في محاولة لرصد اي مؤشرات تساعد على التكهن بهوية الشخصية التي سيختارها هولاند لرئاسة الحكومة. ويدور الحديث عن ثلاث شخصيات رئيسية مرشحة لهذا المنصب، وهي وزيرة العمل السابقة، عمدة «ليل» حاليا، مارتين أوبري، ورئيس الكتلة الاشتراكية في البرلمان، جان مارك إيرو، ووزير الشؤون الأوروبية في آخر حكومة يسارية (2002-1997)، بيار موسكوفويسي. لكن أغلب الكوادر الاشتراكية توافقت بأن الوقت ما يزال مبكرا للخوض في الشأن الحكومي، تفاديا لأي تجاذبات من شأنها أن تعكر صفو احتفال «شعب اليسار» بهذا الفوز التاريخي، كما كان يقول الرئيس الراحل فرانسوا ميتران. وخرج أكثر من مائتي ألف شخص من أنصار اليسار، رافعين الورود الحمراء، في ساحة الباستيل، احتفالا بهزيمة ساركوزي. وفي معسكر اليمين، لم تكد تمر صدمة اللحظات الأولى الموالية للهزيمة الانتخابية حتى بدأت تبرز إلى الواجهة الخلافات التي كانت تدور في الكواليس منذ أسابيع. ويتوقع المراقبون أن تؤدي هذه الخلافات إلى انفراط الائتلاف اليميني الموالي لساركوزي، وإعادة تشكيل صفوف اليمين في ثلاث تشكيلات أساسية: اليمين الاجتماعي، والديغوليون، واليمين الشعبي المقرب من اليمين المتطرف. ويرتقب أن ينفصل اليمين الاجتماعي، القريب من الوسط أو ما يسمى ب»الديموقراطية المسيحية»، لدخول الانتخابات البرلمانية التي ستجري الشهر المقبل بقوائم يتزعمها رئيس الحزب الراديكالي الاجتماعي، جان لوي بورلو. بينما يتنازع المعسكر الديغولي تياران يتزعم أحدهما رئيس الحكومة المنتهية صلاحياته فرانسوا فيون، بينما يقود الثاني وزير الخارجية ألان جوبيه. أما «اليمين الشعبي» الذي يتزعمه وزير النقل تيري مارياني، فيرتقب أن يكسر «التابو الجمهوري» المتوافق عليه في فرنسا منذ ربع قرن، للتحالف بشكل علني مع اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان. هذه التجاذبات التي ستعيد ترتيب صفوف اليمين الفرنسي بشكل جذري، ستكون إيذانا بنهاية الساركوزية كتيار سياسي، حيث يستبعد أن يبقى لها أي تأثير فعلي في الساحة السياسية. لكن الرئيس ساركوزي مرشح للعودة الى الواجهة في الأسابيع والأشهر المقبلة، ولكن من البوابة القضائية، حيث يرتقب 3 قضاة تحقيق مكلفين بقضايا الفساد خروجه من قصر الأليزيه، وسقوط حاجز الحصانة الرئاسية، لاستدعائه أمام القضاء للتحقيق معه في القضايا المتعلقة بعمولات صفقات الأسلحة السعودية والباكستانية، وفضيحة التمويل غير الشرعي لحملته من قبل مالكة مؤسسة «لوريال» لمستحضرات التجميل، ليليان بيتانكور، التي تعد أثرى أغنياء فرنسا. دون أن ننسى، بالطبع، التهم الأخيرة لساركوزي بتلقي تمويلات غير شرعية من الطاغية الليبي الراحل معمر القذافي.