الملائكة آية من آيات الله تعالى الدالة على عظمته وحسن إبداعه سبحانه. والإيمان بهم ركن من أركان الإيمان للأدلة المستفيضة في ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية. والإيمان بهم وبصفاتهم وأفعالهم يدخل ضمن الإيمان بالغيب لكوننا لا نراهم. وقد أثنى الله عز وجل على المؤمنين بالغيب إذ قال: «ألم، ذلك الكتب لا ريب فيه، هدى للمتقين الذين يومنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون»سورة البقرة:2-1. ثم إن الإيمان بالملائكة يجب أن يكون على الوصف الوارد في كتاب الله عز وجل وفيما صح من أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يكتفي المؤمن بالإيمان بالملائكة والتعرف على صفاتهم، بل لابد له من الاجتهاد والمثابرة وبذل أقصى الوسع من أجل الاتصاف بأخلاقهم وما جبلوا عليه من أوصاف في طاعة ربهم والتقرب إليه سبحانه. الملائكة: في أصل اللغة جمع ملَك، وهو مشتق من الألوكة، أي: الرسالة، أو مشتق من الملك بفتح الميم وتسكين اللام، وهو الأخذ بقوة، أما تعريفهم في الشرع: «فهم أجسام نورانية لطيفة، أعطيت قدرة على التشكل، بأشكال مختلفة، كلهم طهر وصفاء ونقاء، وهم كرام أتقياء، يعبدون الله حق العبادة، ويقومون بتنفيذ ما يأمرهم به، ولا يعصون الله أبداً. الله جاعل الملائكة رسلا قال الله تعالى: «الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، يزيد في الخلق ما يشاء، إن الله على كل شيء قدير»سورة فاطر: 1 ، حيث الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، خالق السموات والأرض ومبدعهما، جاعل الملائكة رسلا إلى مَن يشاء من عباده، وفيما شاء من أمره ونهيه، ومِن عظيم قدرة الله أن جعل الملائكة أصحاب أجنحة مثنى وثلاث ورباع تطير بها؛ لتبليغ ما أمر الله به، يزيد الله في خلقه ما يشاء. إن الله على كل شيء قدير، لا يستعصي عليه شيء. وجوب الإيمان بالملائكة الأبرار قال سبحانه: «ءامن الرسول بما انزل اليه من ربه والمومنون، كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا واليك المصير»سورة البقرة: 284، حيث صدَّق وأيقن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بما أوحي إليه من ربه وحُقَّ له أن يُوقن، والمؤمنون كذلك صدقوا وعملوا بالقرآن العظيم، كل منهم صدَّق بالله رباً وإلهًا متصفًا بصفات الجلال والكمال، وأن لله ملائكة كرامًا، وأنه أنزل كتبًا، وأرسل إلى خلقه رسلا لا نؤمن -نحن المؤمنين- ببعضهم وننكر بعضهم، بل نؤمن بهم جميعًا. وقال الرسول والمؤمنون: سمعنا يا ربنا ما أوحيت به، وأطعنا في كل ذلك، نرجو أن تغفر -بفضلك- ذنوبنا، فأنت الذي ربَّيتنا بما أنعمت به علينا، وإليك -وحدك- مرجعنا ومصيرنا. الإيمان بالملائكة هو التصديق الجازم بأن لله ملائكة موجودين حقيقة مخلوقين من نور. وأنهم كما وصفهم الله عز وجل: «وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون»سورة الأنبياء: 20-19، ولا يحصي عددهم إلا الله تعالى، وأنهم معصومون من المعاصي. والإيمان بالملائكة، ركن من أركان الإيمان، فلا يصح إيمان العبد إلا به، وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال تعالى: «ءامن الرسول بما انزل إليه من ربه والمومنون، كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله»سورة البقرة: 284 وفي حديث جبريل المشهور، قال صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الإيمان: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره(مسلم)، وأجمع المسلمون قاطبة على وجوب الإيمان بالملائكة، وعليه فمن أنكر وجود الملائكة من غير جهل يعذر به فقد كفر، لتكذيبه القرآن في نفي ما أثبته، وقد قرن الله عز وجل الكفر بالملائكة بالكفر به، قال تعالى: «ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا»سورة النساء: 135. والإيمان بالملائكة ليس على درجة واحدة، فهناك الإيمان المجمل، وهو الإيمان بوجودهم، وأنهم خلق من خلق الله سبحانه، وهذا القَدْر من الإيمان بالملائكة واجب على عموم المكلفين، وهناك الإيمان التفصيلي، وذلك بمعرفة ما يتعلق بالملائكة مما ورد به الشرع المطهر، وطلب هذا واجب على الكفاية، فلا يطالب به كل مكلف، بل هو واجب على مجموع الأمة، بحيث إذا قام به البعض، وحصلت بهم الكفاية، سقط عن الآخرين.