عندما نتتبع مفهوم الختم في القرآن الكريم نجد قوله تعالى: قل أرايتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إلاه غير الله ياتيكم به»سورة الأنعام:47. فإذا انتهى الكافر من كفره إلى حالة يعلم الله أنه لا يؤمن، يطبع الله على قلبه كما يطبع على الشيء بالشمع والطين فيصير قلبه كالمختوم عليه، لا يدخله شيء ولا يخرج منه شيء، فلا يدخله الإيمان ولا يخرج منه الكفر، فالختم على الشيء بمعنى الطبع عليه كناية عن ختم أمره. والختم على النبوة عبارة عن أنه أوصد باب النبوة وطبع على بابها، فهو مقفل إلى يوم القيامة لا يفتح في وجه أحد... والنبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء لأنه آخرهم. وفيما يلي نورد الآيات الدالة على كون نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل وأن رسالته خاتمة الرسالات. يقول الله تعالى: «ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيئين»سورة الأحزاب:40.ويقول أيضا: «وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه» سورة المائدة: 50. فالكتاب الذي نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصف بوصفين: الأول: أنه مصدق لما بين يديه من الكتب السابقة المنزلة من عند الله على من سبقه من الرسل. الثاني: هو ما تميز به عن جميع الكتب السماوية فقد جعله الله مهيمناً عليها جميعاً. «فهو مراقب أمين يشهد على الكتب النازلة قبله بالصحة في مورد وبالتحريف في مورد آخر ولو أراد أهل الكتاب الوصول إلى الحق الواضح، لرجعوا إلى ذلك الكتاب، لأنهم لم يأتوا على كتابهم كله، قال تعالى: «ألم ترإلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب»سورة آل عمران:23، «فنسوا حظا مما ذكروا به»سورة المائدة15، وفوق هذا وذاك طالت أيدي التحريف ما نزل إليهم من ربهم. قال تعالى: «فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون»سورة البقرة: 78، وهناك فريق منهم عندما يقرأون ما بكتابهم من شريعة فإنهم يقرأونه بطريقة تغير ألفاظه، قال تعالى: وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب، ويقولون هو من عند الله، وما هو من عند الله، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون»سورة آل عمران: 77. فالله سبحانه وتعالى يخبرنا عما آلت إليه كتبهم، حيث لم تحفظ أصولها، فكيف لا يكون القرآن الكريم الكتاب الذي وصفه الله بأنه تبيان كل شيء وأنه محفوظ بحفظ الله له من كل جانب كيف لا يكون مهيمناً على بقية الكتب إذن. لقد ختم الله تعالى بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم الأنبياء والرسل الكرام كما ختم بدينه-الإسلام- الرسالات السماوية السابقة، فكما لا دين بعد دينه كذلك لا نبي بعده.