أولا: محمد صلى الله عليه وسلم دعوة إبراهيم وبشرى عيسى عليهما السلام: وهو ما وضحه القرآن الكريم الذي اعتبر أن النبي صلى الله عليه وسلم هو استجابة لدعوة إبراهيم برفقة إسماعيل وهما يرفعان القواعد، قال الله تعالى:}ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم ءاياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم{ سورة البقرة: 129، وفي بشرى عيسى يقول الحق سبحانه وتعالى: }وإذ قال عيسى ابن مريم يابني اسراءيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين{ سورة الصف: 06. ثانيا: ختم الرسالات بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم اختار الله سبحانه وتعالى أن يكون لآخر العقد نبيا عربيا أميا، يعلم الناس الكتاب ويأمرهم بالحكمة، قال تعالى: }ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيئين وكان الله بكل شيء عليما{ سورة الأحزاب: 40، وختم الرسالات بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم يستلزم أنه لا تبدأ نبوة، ولا تشرع شريعة بعد نبوته وشرعته. أما ما جاء من الآثار حول نزول عيسى عليه السلام، وهل يأتي بشرع جديد، فإن الجواب وكما حفلت به الأحاديث النبوية الشريفة؛ أن عيسى عليه السلام إنما يكون على شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أصولا وفروعا، لأن الله عز وجل أكمل الدين بهذا النبي العظيم، وأتم به النعمة قال تعالى: }اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا{ سورة المائدة: 4، وفي الحديث: «إن مثلي ومثل الأنبياء» وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون(البخاري) ثالثا: رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى الناس كافة من أهم الفوارق بين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء السابقين؛ هو أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان للناس كافة، كما جاء في الحديث الصحيح: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِى: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِىَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِىُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»(البخاري) وختاما يمكن القول أن المتأمل لحياة كل الأنبياء عليهم السلام ليجد بما لا يدع مجالا للشك أنهم عانوا الويلات من أجل تبليغ الرسالة، والواجب اليوم على الذين يدعون بدعوتهم، ويحملون إرثهم، السير على نهجهم واتباع طريقهم دون كلل أو فتور أو ركون إلى الآفات. يقول ابن القيم رحمه الله وهو يحكي ابتلاء الأنبياء، في مقابل حياة اللهو واللعب التي نحياها نحن : «يا مخنث العزم، أين أنت والطريق؛ طريق تعب فيه آدم وناح لأجله نوح، ورمي في النار الخليل، وأضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكرياء، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داود، وسار مع الوحوش عيسى، وعالج الفقر أنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم ، وتزهى أنت باللهو واللعب(الفولئد لابن القيم)