خلف القرار الملكي القاضي بإلغاء الإجراء المتعلق بفرض التأشيرة لدخول التراب المغربي على المواطنين الجزائريين، اعتبارا من يوم الجمعة الماضي، ارتياحا قويا وسط الشعبين المغربي والجزائري، وبعث نفسا جديدا في شرايين اتحاد المغرب العربي، الذي أجمعت دوله على أن هذه المبادرة الحسنة ستفتح آفاقا جديدة في مستقبل العلاقات بين دوله، وفي العلاقات المغربية الجزائرية خاصة. ويأتي هذا القرار ترجمة لسعي المغرب ورغبته الصادقة في وضع علاقاته مع الجارة الجزائر، ضمن دينامية جديدة، خدمة للتقارب بين الشعبين المغاربيين وتعزيز علاقات التعاون والتفاهم بينهما. وقد أدركت الحكومة الجزائرية حقيقة المسعى المغربي، المندرج ضمن استراتيجية جديدة في التعامل بين الطرفين بدأت تتضح معالمها بقوة في الفترة الأخيرة. وفي هذا السياق قال وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم أول أمس السبت، إن قرار المملكة المغربية القاضي بإلغاء التأشيرة بالنسبة للمواطنين الجزائريين للدخول إلى أراضيها الساري المفعول منذ سنة 1994 يدخل في إطار تجسيد علاقات المودة و الأخوة بين البلدين، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة، يوم الخميس الماضي، إلى جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة لاعتلائه العرش، ساهمت في المضي بين الجزائر والمغرب نحو الأفضل. وفي رده على سؤال صحافي حول مسألة فتح الحدود بين الجزائر والمغرب قال بلخادم إن المسألة محل تداول من طرف لجنتين تعملان في الجزائر وفي الرباط، مشيرا في السياق ذاته بخصوص رفع التأشيرة عن المواطنين المغاربة الذين يقصدون الجزائر، إلى أنه سيتم الإعلان عن قرار الجزائر في وقت لاحق. من جانب آخر، أعرب أمين اللجنة العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي بالجماهيرية الليبية، عبد الرحمان شلقم، الذي يرأس الدورة الحالية لمجلس وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي، عن ترحيب الاتحاد بقرار المغرب إلغاء الإجراء المتعلق بفرض التأشيرة على المواطنين الجزائريين الجاري به العمل منذ .1994 ونقلت وكالة الأنباء الليبية جانا عن عبد الرحمان شلقم ترحيب الاتحاد وتقديره للقرار الذي اتخذته المملكة المغربية بإلغاء الإجراء المتعلق بفرض تأشيرة دخول المواطنين الجزائريين اعتبارا من يوم الجمعة الماضي. وووصف المسؤول الليبي هذا الإجراء بكونه يعد خطوة إضافية لتفعيل اتحاد المغرب العربي وتطوير العلاقات الأخوية بين دوله، مبرزا الأهمية التي يكتسيها هذا الإجراء باعتباره يسهم في حرية تحرك أبناء المغرب العربي في ربوعه، كما يأتي ليجسد أيضا ما أكده مجلس وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي في دورته العادية، الثانية والعشرين، التي انعقدت بمدينة سرت بالجماهيرية في24 من يوليوز الماضي. وقد أبدى الشارع السياسي الجزائري تفاعلا إيجابيا مع الحدث، واعتبره مما يخدم العلاقات الثنائية بين البلدين. وفي هذا السياق اعتبر عبد الكريم عبادة، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون حزب جبهة التحرير الوطني، القرار المغربي بأنه يخدم وحدة شعوب المنطقة ويدفع نحو تجسيد وحدة المغرب العربي، كاشفا في الوقت نفسه، لجريدة الخبر، عن بعض التبعات والانعكاسات التي قد لا تخدم الجزائر. وكشفت حركة مجتمع السلم عن ترحيبها بقرار إلغاء التأشيرة على الجزائريين، واعتبرته قرارا منسجما مع خيارات اتحاد المغرب العربي، ودعت إلى تحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي بين الدول المغاربية. وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه المكلف بالإعلام في حركة الإصلاح الوطني، أحمد بن عبد السلام، الذي أكد أن الحركة تشجع كل قرار يؤدي إلى التقارب بين الأقطار المغاربية. بينما اعتبر عمار تقجوت، عضو الأمانة العامة لحزب العمال أن حزبه يرحب بكل ما يساهم في الانفتاح بين الشعوب ويربط أواصر الأخوة بينها، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذه الخطوة المغربية ستسمح بتطور العلاقات أكثر بين المغرب والجزائر. وحيث إن القرار المغربي شكل مادة صحافية للعديد من القنوات الإعلامية والمنابر الصحافية، فقد أفادت إذاعة فرنسا الدولية أول أمس السبت في تعليقها على الحدث، أن القرار الذي اتخذه صاحب الجلالة الملك محمد السادس يشكل نقطة تحول هامة في العلاقات التي تعرفها الرباطوالجزائر العاصمة منذ ما يقارب عشر سنوات. جدير بالذكر أنه تم فرض التأشيرة على الرعايا الجزائريين الراغبين في الدخول التراب المغربي في صيف 1994 على خلفية الحدث الإرهابي الذي هز فندق أطلس أسني بمراكش، وكان المغرب حينها قد حمل المخابرات الجزائرية مسؤولية الحادث، وهو ما قابلته السلطات الجزائرية بقرار إغلاق الحدود بين البلدين، وهو أمر ما يزال جاري المفعول إلى اليوم. ويرى متتبعون أن العلاقات المغربية الجزائرية مؤهلة اليوم لأن تعرف مزيدا من التحسن، خاصة حين يتوصل الطرفان في الخريف المقبل إلى قرار فتح الحدود بين البلدين، في انتظار أن تقوم سلطات الجزائر برفع قانون التأشيرة من جهتها على الرعايا المغاربة الراغبين في دخول التراب الجزائري في أقرب وقت كما أعلن عن ذلك وزير خارجيتها عبد العزيز بلخادم. عبد الرحمان الخالدي