❍ كيف تقيم وضع المغرب من حيث الموارد المائية؟ الإحصائيات التي نتوفر عليها كجمعية تقول، أن الفرد الواحد كان يحتاج إلى ما معدله ألف لتر يوميا، الآن أصبح 500 لتر في اليوم. ولدي عدة ملاحظات بخصوص سياسة المغرب المائية، فالدولة تقول إنها تتجه نحو الوصول إلى 10 ملايين سائحا و 20 مليون سائحا سنة 2015 في الوقت الذي لا يوجد فيه أي تنسيق بين السياسة السياحية والمصالح المائية، فالسائح يستهلك تقريبا ألف لتر في اليوم في الوقت الذي لا يتعدى فيه استهلاك سكان المدينة 100 لتر في اليوم، وفي البادية لا يتعدى 30 لترا، إذن ينبغي إعادة النظر في سياسة استهلاك الماء بإعداد ملاعب الغولف والمسابح والحمامات وغيرها لاستقبال السياح. الملاحظة الثانية تتعلق بعدم وجود تنسيق بين المتدخلين في موضوع الماء، ويتدخل في هذا الموضوع قرابة عشرة هيئات، مثلا وزارة الطاقة والمعادن و الماء والبيئة والمندوبية السامية للمياه و الغابات ومحاربة التصحر ووزارة الداخلية والجماعات المحلية وغيرهم.. إذن عدد المتدخلين كبير في الوقت الذي نقول فيه إنه ينبغي أن تكون هناك وزارة واحدة تشتغل على البيئة والماء وأن تشتغل وزارة أخرى في موضوع الطاقة والمعادن. الملاحظة الثالثة تتعلق بالسدود، إذ أن قرابة 30 بالمائة من كل سد مملوء بالأوحال والتراب والحجارة، وما يقال من أن السدود ممتلئة بنسبة 85 بالمائة ليس صحيحا لأن الواقع يكشف أن 30 بالمائة عبارة عن وحل، والسبب في هذا الوضع يرجع إلى غياب سياسة مندمجة لغرس الأشجار في المناطق حيث توجد السدود لمنع التراب من التسرب إليها، إلى جانب عدم تنقيتها بشكل منتظم. الملاحظة الرابعة؛ يتوفر المغرب على كمية من الماء تصل إلى 22 مليار لتر مكعب معبأة، 18 مليار سطحية و 4 مليار تحت الأرض، وفي الوقت الذي يفترض فيها أن تكون فيه المياه الجوفية احتياطيا استراتيجيا لا حق لأحد أن يمس بها، إلا إذا حدث الجفاف ويبقى مخزنا للأجيال القادمة، نجد أن بعض المناطق يتم فيها استعمال هذه المياه في الفلاحة، وهذا يكشف عن عدم وجود سياسة الحفاظ على الماء. وتذهب 86 بالمائة من 22 مليار متر مكعب إلى الفلاحة يضيع منها 50 بالمائة بسبب عدم استعمال السقي الوضعي إذ إن 10 بالمائة فقط من الفلاحين من يستعملون هذا السقي، فهناك إذن هدر لا يصور للماء في الفلاحة وهذا إشكال نطرحه سنويا، بالمقابل تتوزع 14 بالمائة المتبقية ما بين الإستعمال المنزلي 7 بالمائة والاستعمال في المعامل 7بالمائة وتقدر المياه العادمة التي تضيع بعد الاستعمال في المنازل والمعامل ب2 مليارمتر مكعب وهو ما يشكل حقينة سدين كبيرين، والمغرب متأخر كثيرا في معالجة هذه المياه في جهة الرباط مثلا ما تزال هذه المياه ترمى في البحر. الملاحظة الخامسة، تتعلق بغياب التحسيس على مستوى المواطنين والفلاحين، وأحسن مثال هو الاحتفال باليوم العالمي للماء الذي أعلنته الأممالمتحدة منذ 1994 في كل 22 مارس، إذ نلاحظ ضعف الإهتمام بالإحتفال بهذا اليوم. ❍ ضعف معالجة المياه المنزلية العادمة والمياه المستعملة في المصانع، هل يرجع السبب في نظرك إلى غياب الخبرة أو ضعف التقنيات؟ المشكل يتعلق بالتدبير إذ لا يوجد تنسيق بين الحكومة ورؤساء البلديات من أجل معالجة هذه المياه، في مراكش مثلا بدأت تجربة معالجة المياه المستعملة ويتم الإستعانة بها في الري واستعمالات أخرى سياحية، فعلى رؤساء البلديات والحكومة التعجيل بمعالجة المياه المستعملة خاصة وأنه يوجد برنامج رصد له 3 مليار درهما. من جهة أخرى من الضروري أن يتم تدريس ثقافة الحفاظ على الماء في المدارس، وقد دعا الحسن الثاني رحمه الله في السنوات الماضية إلى تدريس كل ما يتعلق بالشأن المحلي لتلاميذ الباكلوريا، إذ ينبغي إدراج مواضيع الماء والطاقة في البرامج التعليمية، وأيضا في خطب الجمعة التي يستفيد منها 8 ملايين مصلي ولا ينبغي أن يقتصر تناولها على المناسبات فقط بل أن تكون حاضرة باستمرار وبشكل منتظم والدعوة إلى ثقافة الحفاظ على الماء وترشيد استعماله بالرجوع إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على ذلك، بدورها وسائل الإعلام ينبغي أن تنخرط في هذه الدينامية وأن لا يقتصر تناولها لموضوع الماء والطاقة على تغطية الإحتجاجات على ارتفاع أسعار الماء والكهرباء. ❍ كيف تقيم النسيج الجمعوي في مجال ترشيد استعمال الماء؟ توجد فقط جمعيتان وطنيتان تهتمان بهذا الموضوع ، هي جمعيتنا وجمعية العهد العالمي للماء وهي عضو في الشبكة المتوسطية ولها امتدادات دولية، فشبكة الجمعيات العاملة في مجال الماء ضعيفة وتوجد بعض الجمعيات المحلية التي تنشط في مجال إدخال الماء للدواوير، وهذا الضعف يرجع إلى عدم الإهتمام الوطني والمدني بهذا الموضوع إلى جانب عدم تشجيع الحكومة لهذا النوع من الجمعيات إذ لا توفر لها الوسائل الضرورية للعمل. ❍ نعرف أن المغرب له واجهتان بحريتان وعدة أنهار ووديان وسدود، هل هذا غير كافي لتأمين الموارد المائية مستقبلا؟ هذه «الموسيقى» يتم تنويم الناس بها، منذ 3 سنوات احتفت المنظمة العالمية باليوم العالمي للماء تحت شعار المياه المشتركة، ونحن عندما طرحنا هذا الشعار للإحتفال قالت لنا العمالة؛ إن هذا الموضوع لا يهم المغرب لأنه يتوفر على الوديان والأنهار التي منبعها ومصبها داخله، والبحار وبالتالي ليست لنا أية مياه مشتركة مع أي دولة، قلنا لهم أننا إذا لم تكن لدينا مياه مشتركة على مستوى الدول فلدينا مياه مشتركة على مستوى الجهات، وإذا أخذنا مثال واد سبو الذي ينبع من رباط الخير ويصب في جهة الغرب وواد أم الربيع الذي ينبع من الأطلس ويصب في زمور، وفي المستقبل ستكون الحروب بين الجهات حول أحقية كل منها في الحصول على المياه وحول المسؤول عن تلويثها وحصة كل جهة من المياه، فالخرافة التي تقول أن المياه لنا لوحدنا ليست صحيحة. صحيح أن المغرب يتوفر على شريط ساحلي يمتد على مسافة 3500 كلم ويمكننا أن نلجأ لتحلية المياه وهذا ما يحدث في الداخلة والعيون، ولكن لا بد من خلطه مع مياه الأمطار حتى يكون صالحا للشرب وأنه حاليا تحلية متر مكعب من الماء تتطلب 15، أنا اتفق على أن تحلية المياه ستحل جزءا من المشكل وستستفيد منه المناطق الساحلية في الدارالبيضاءوالرباط ولكن لا توجد سياسة واضحة ومستمرة، إذ كلما تغيرت الحكومات تتغير البرامج، نريد سياسة متزنة متكاملة على المدى المتوسط ثم إشراك المجتمع المدني.