وهو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى متصف بجميع صفات الكمال، ومنزه عن جميع صفات النقص، وأنه متفرد عن جميع الكائنات، وذلك بإثبات ما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تشبيه، وواضح من هذا التعريف أن توحيد الأسماء والصفات يقوم على ثلاثة أسس، من حاد عنها لم يكن موحدا ربه في أسمائه وصفاته: الأول: تنزيه الله عز وجل عن مشابهة الخلق وعن أي نقص. الثاني: الإيمان بالأسماء والصفات الثابتة في الكتاب والسنة، دون تجاوزها بالنقص عنها أو الزيادة عليها، أو تحريفها أو تعطيلها. الثالث: قطع الطمع عن إدراك هذه كيفية هذه الصفات. طرق معرفة أسماء الله وصفاته هناك طريقتان؛ الأولى هي معرفته عن طريق العقل؛ وذلك بالنظر والتأمل والتفكير في مخلوقاته كالسماء، والأرض، والجبال...مما يدل بصنعته على وجود الصانع، وهي ما عبر عنها ابن القيم بالنظر في مفعولاته أو الآيات المشهودة، باعتبار أن هذه المفعولات دالة على الأفعال، والأفعال دالة على الصفات مما يستلزم تبعا لذلك وجوده وقدرته ومشيئته وعلمه... أما الثانية فتتجلى في معرفته من خلال أسمائه وصفاته الحسنى المذكورة في القرآن والسنة، فهي المعرفة التي تحرك الوجدان وتفتح أمام الروح آفاقا فسيحة تشاهد فيها أنوار الله و ألطافه. وأسماء الله وصفاته غير محصورة على الصحيح، فالحديث «أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك». (رواه احمد وابن حبان والحاكم) وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به. الإخلاص في العبادة الإخلاص: معناه العمل لله من غير رياء ولا سمعة ولا حب محمدة من أحد، بحيث يصفي الإنسان عمله من كل شائبة؛ وهو ما عبر عنه ابن قيم الجوزية بقوله: «ما لا يعلمه ملك فيكتبه ولا عدو فيفسده ولا يعجب به صاحبه فيبطله»، وقد حث الحق على هذا المعنى وأكد عليه في غير ما آية منها قوله: فادعوه مخلصين له الدين» سورة غافر 65. وفي الحديث القدسي يقول الله تَعَالَى: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ(أحمد) وإذا كانت الأعمال ترتبط بالجوارح فإن الإخلاص يرتبط بالقلوب التي هي محل نظر الله عز وجل، قال الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما. موافقة السنة في العبادة يتجلى هذا الشرط في قول الله تعالى: «وما اتاكم الرسول فخذوه»سورة الحشر:7، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد(مسلم)، وإذا كان الإخلاص هو الشرط الأول في قبول الأعمال فان الصواب هو تمام قبولها، قال الله تعالى:»الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم أحسن عملا» سورة الملك:2، قال الفضيل: «هو أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي ما أخلصُهُ وأصوبُه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصاً، ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كان صواباً، ولم يكن خالصاً، لم يُقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالصُ: أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة، ثم قرأ قوله تعالى:» ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا وأتخذ الله ابراهيم خليلا» سورة النساء 125، وقال تعالى:»وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا»سورة الفرقان: 23.