بكل تأكيد يختلف الأول من مايو من أي عام عن الأول من مايو 2003 في حياة ذلك الرجل .. فالمناضل العمالي المعروف في كل بريطانيا جورُ جالاوي لم يستطع هذا العام قضاء عطلة عيد العمال مع زوجته الفلسطينية وطفلته لوسي ولم يستطع أيضا زيارة أحد المصانع أو التحدث إلي العمال .. فالرجل مهموم .. ومنهمك في عمل آخر فرضته عليه الظروف القاسية التي تولدت عن حملة منظمة من صحيفتي الديلي تليجراف والكرستيان ساينس مونيتور تهدف إلي تشويه سمعة الرجل ومعاقبته علي ربع قرن من السباحة ضد التيار الأمريكي. اتصلنا به في الأول من مايو فوجدناه منهمكا في كتابة رسالة حصلنا علي نسخة منها إلي كل مواطن بريطاني يطلب فيها المساعدة ويوضح أبعاد المؤامرة عليه ويطلب التبرع لسداد نفقات الدفاع القانوني عنه ورفع دعاوي التشهير علي تلك الصحف التي اتهمته بتلقي مئات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية من صدام حسين .. ويقول في رسالته: بدعم أصدقائي أنوي أن أحارب .. إنهم ينوون معاقبتي وإخافتي لمنعنا من مواصلة العمل السياسي في ذلك البلد .. بريطانيا. ورغم انشغاله الدائم فقد خصص لنا ُورُ جالاوي هذا الوقت .. وكان هذا الحوار: ھ نشهد الآن زوبعة في بريطانيا حول الوثيقة التي وجدها مراسل الديلي تليجراف تحت انقاض وزارة الخارجية العراقية وقيل إنها تشير إلي تقاضيكم أموالا من الحكومة العراقية في أوقات .. ما سر هذه الزوبعة؟ ھھ هي جزء من حملة تشهير علي أولئك الذين وقفوا ضد الحرب غير الشرعية والدموية علي العراق .. والرافضين لاحتلال أراضي الغير بالقوات الأجنبية .. وأنا الآن خارج البلاد أعكف علي تأليف كتاب حول معركتي إلي جانب الشعب العراقي وهذا لا علاقة له بتلك الوثيقة التي لم اطلع عليها في الديلي تليجراف .. وظني أنها ادعاءات متحيزة كجزء من هجوم علي شخصي كما قلت .. ولكن بما أن محتويات الوثيقة قد نشرت فلابد أن أثير بعض النقاط: أولا: أؤكد تماما أني لم ألتق أبدا بأي ضابط مخابرات عراقي. ثانيا: لقد وصلت في لقاءاتي المستمرة مع القادة العراقيين إلي أعلي قيادة في العراق ومنهم طارق عزيز الذي كنت التقيه مرات كثيرة .. وفي أي وقت أريد فلماذا أقيم علاقات مع ضابط مخابرات عراقي(!!) ثالثا: أنا أبدا لم أطلب أية أموال من العراق لحملتنا ضد الحرب والعقوبات وكلها كانت تبرعات خيرية وكلنا نذكر تبرع الشيخ زايد لحملة مريم حمزة بمليون دولار وأيضا التبرعات الشعبية من كافة القوي والفئات الشعبية في العالم العربي وخارجه. رابعا: أنا أبدا لم أر برميل نفط ولم أمتلك واحدا ولم اشتره أو أقم ببيعه كما أكدت مرارا وتكرارا. والحملة التي قاتلت من أجلها تحت اسم مريم حمزة كانت ممولة من قبل مصادر هامة ومعروفة وكلها بالمناسبة حكومات مؤيدة للغرب ومتحالفة مع الولاياتالمتحدة وهي حكومتا الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية .. بالإضافة إلي رجل الأعمال الأردني فواز زريقات الذي أدار معنا شئون القافلة في الأردن وتبرع لها بمبلغ من المال .. هذه المصادر الثلاثة لا علاقة لها بالحكومة العراقية علي حد معلوماتي المؤكدة. خامسا: أنا لم أكن أبدا الوصي أو المهيمن علي قافلة مريم حتي اتكسب من ورائها .. أنا فقط كنت المؤسس وهناك آخرون كثيرون قاموا بالعمل!! سادسا: قمت بتسجيل كافة مستهدفاتي من قافلة مريم في سجل مجلس العموم البريطاني المعني بتسجيل أهداف أعضائه من وراء الأنشطة العامة وقلت إن قافلة مريم حملة دولية علي العقوبات والحرب علي العراق .. انها نشاط مبدئي .. وتم تحويله بعد فترة إلي مؤتمر دولي حول العلاقة بين استعمال القوات الأمريكية والبريطانية لليورانيوم المنضب ووجود أوبئة وأمراض خطيرة في العراق مثل سرطان الدم .. ونظمنا قافلة لمقاومة سرطان الأطفال من ساعة بج بن في لندن إلي بغداد عبر ثلاث قارات وأحد عشر بلدا و(15000) كيلو متر لجذب الانتباه لمحنة العراق وكارثة العقوبات .. ولتسليم سيارة شحن محملة بالأدوية إلي بلاد أنهكها المرض وبعدها جهزنا طائرة لكسر الحصار علي العراق طارت من لندن إلي بغداد في محاولة لتشجيع الآخرين لكسر الحصار الجوي المفتقد إلي الشرعية الدولية .. ونشرنا مواقع الانترنت لتحكي مأساة ذلك البلد المحاصر ومعاناة شعبه كل ذلك فعلناه بأموال دفعناها من تبرعات وميزانيات شعبية لكن لم نتلق أية أموال من العراق .. نحن نعيش الآن صراع حياة أو موت مع قوة الولاياتالمتحدة وبريطانيا .. ونتعرض لهجوم من صحافة تلك القوة الكبيرة المتحالفة .. ورغم احتياجنا للمال حتي ننجز مهمتنا إلا أننا لم نقبل أي عون مالي من الدولة العراقية أو أية تمويلات قد تضر بالحملة التي نعمل من خلالها علي أي صعيد من الأصعدة. ھ هل تدفع الآن ثمن مواقفك تجاه القضايا العربية وفي مقدمتها قضيتا العراق وفلسطين؟ ھھ من الصعب حقا أن تقاوم أو تتحدي سياسة دولتين مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا .. انهما اثنتان من دول العالم الأقوي .. ولابد أن لتلك المقاومة ولهذا التحدي ثمنا يدفعه أي رافض للهيمنة الأمريكية علي العالم .. دينيس ماليراي فعل ذلك علي ساحة العراق .. خاض المواجهة وقرر الاستقالة من موقعه في الأممالمتحدة كمفتش دولي علي العراق احتجاجا علي ما تأكد من كونه إبادة جماعية للعراقيين .. ومن قبله كان عضو الكونجرس الأمريكي ديفيد بونيور .. الذي دفع ثمن مواقفه أيضا .. ھ هل اتخذت أية إجراءات ضد صحيفة الديلي تليجراف التي قادت حملة التشهير ضدك؟ ھھ طبعا فأنا الآن أحرك دعوي تشهير ضد تلك الصحيفة الصهيونية اليمينية الولاء .. وسأذكر فيها أن حملتنا حصلت علي 750 ألف جنيه استرليني لصالح العراق معظمها من الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات . وكل تلك الأموال كانت مراقبة وتم انفاقها في مكانها الصحيح بكل شفافية .. ما تبقي لنا من تلك الأموال هو ذلك المجد الذي كلل حافلتنا الحمراء القديمة حينما قدناها عام 1999 من لندن إلي بغداد عبر ثلاث قارات والتي جعلت رجل مثل ولي عهد السعودية يتبرع من ماله الخاص بعد أن تحركت مشاعره أمام محنة أطفال السرطان في العراق جراء اليورانيوم المنضب الذي استخدم في العدوان علي العراق. سنكشف أيضا عن متبرعنا الهام الثالث رجل الأعمال الأردني والناشط السياسي فواز زريقات وهنا متبرعون آخرون من بريطانيا وأناس كثيرون آثروا أن يدعمونا في السر حتي أن كل صحفي بريطاني كان يسافر معنا إلي العراق .. كان يواجه مشاكل جمة إلا أننا سنظل ممتنين لكل من قدم لنا مساعدة أو تسهيل مهمتنا في العراق وغيرها من أجل كشف الحقيقة. ھ ما حال الموقف الشعبي الداعم لقضيتك بعد حملة التشهير التي قادتها الديلي تلجراف؟ ھھ لا أعتقد انهم نجحوا في تشويهي لأنهم لم يدخلوا من المدخل المناسب أكثر .. فلو كانوا قد ركزوا مثلا علي التبرعات التي تلقيناها من أنظمة عربية ورجال أعمال باعتبار يساريتي ستتناقض مع هذا المسلك كان يمكن أن يكون خط الهجوم أكثر تماسكا .. فالتناقض سيكون ظاهرا في ذلك المشهد الذي يسعي فيه مناضل يساري للحصول علي دعم حكومات ملكية ورجال أعمال اقطاعيين مثل زريقات الذي مثل بعض الشركات الكبري في العراق ولو أن دفاعي في تلك اللحظة كان سيدحض كل تلك الدعاوي.. لكن كما تكشف الآن لم تكن الديلي تليجراف صاحبة الرأي أو الادعاء في تلك الصفحات المزركشة العريضة التي نشروا فيها بشكل صريح ادعاء بكوني استلمت مئات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية من النظام العراقي السابق كجزء من صفقة نفط.. تلك الأكذوبة لم تخترعها الديلي تليجراف بل أمليت عليها من طرف ما.. وهذا ما أقوله في دعوي التشهير التي أرفعها. .. فنشر وثيقة كتلك التي نشروها والتي تدعي مطالبتي بالمزيد من اعمال العراق عبر إتفاق النفط مقابل الغذاء.. أمر لاتقدم عليه صحيفة محترمة.. فالجميع يعرفون أن اتفاق النفط مقابل الغذاء مراقب قانونيا وأمنيا.. ثم أين ذهبت الإيرادات مادمت أتاجر مع النظام العراقي في النفط والغذاء.. بكلمة أخري أين المال الذي استخدمته.. أين التجار الذين اشتريت منهم الغذاء ودفعت لهم مال النفط العراقي لماذا لايعلنون الآن عن وثائقهم هم الآخرون؟!!!! أنا متفاجئ حقا من هذا المستوي لصحيفة رئيسية في بلادي.. كيف لم تسأل قبل النشر مجموعة أسئلة بسيطة يعرفها كل صحفي وهي أين وكيف ولماذا ومتي؟! خاصة وأنا من الشخصيات الأكثر مراقبة وتدقيقا في بريطانيا وكل تحركاتي تحسب علي مواقفي السياسية. ثم هل من قبيل المصادفة أن يتعثر مراسل الديلي تليجراف في حطام بناية مهدمة محترقة منهوبة ليجد وثيقة تحمل اسمي لم يصبها أذي. إنه المكر والتزييف مرة أخري.. والذي تميزت به بريطانيا في تعاملها مع قضية العراق بالكامل.. ونتذكر قصة الفواتير المزيفة لصفقة اليورانيوم من النيجر والتي ادعت بريطانيا أن العراق قد حصل عليها مما يجعل شهورا فقط بينه وبين انتاج القنبلة النووية. تلك قصص قديمة لتلطيخ السياسيين المزعجين مرة يقولون عميل الاتحاد السوفيتي ومرة يأخذ الأموال من ليبيا أو العراق كما حدث في قضايا مايكل فوت وأرثر سكارجيل.. لكن مهما كانت طبيعة الوثائق المزيفة التي تخرج في وقت معين لاغتيال المعارضين.. فالمعلومات التي أمامنا الآن باطلة جدا والمعلومات الحقيقية ستظهر في ساحة المحكمة البريطانية وفي مكتب المدعي العام اللورد ُولد سميث الذي أرسلت إليه رسالة قلت له فيها بكل وضوح نحن ضد الحرب وأنت تتعقب النشطاء ضد الحرب لذلك عليك أن تعرف أن حملة مريم وما رافقها واعقبها من انشطة كانت بهدف انقاذ ارواح أطفال ابرياء وهكذا أكون قد وضعته أمام ضميره الإنساني وأرفقت بالرسالة كشفا بالنشاطات التي اقمناها ضد الحرب معترفا للمدعي العام بأني اتحدي سياسة وزارة الخارجية البريطانية مهما حدث من حملات ضدي في الديلي تليجراف أو غيرها. ھ سيد جالاوي أين إسرائيل من تلك الحملة عليك هل تعتقد أن الحركة الصهيونية قد تدخلت لدعم الهجوم علي اسمك؟ ھھ بالتأكيد .. فصحيفة الديلي تليجراف مسيطر عليها من مجموعة صهيونية صرفة علي رأسها سيدة تدعي باربرا إميل وهي من أشد داعمي شارون وفي مجلس إدارتها جلس رجال مثل ريتشارد بيرل وهنري كسنجر. والصهاينة لن ينسوا أبدا موقفي من قضية الشعب الفلسطيني وعلاقتي القديمة بأبو عمار .. أيضا ما قمت به في مجلس العموم ضد مبيعات السلاح البريطاني لإسرائيل.. تلك الحكومة البريطانية التي باعت لحكومة شارون من السلاح أكثر مما باعت لباراك وجدت من يزعجها ويطالب بوقف هذا التبادل في تجارة السلاح.. لقد وقفت هناك في البرلمان وأشرت إلي ذلك الدم الفلسطيني علي الأيدي البريطانية منذ وعد بلفور ومخططات سايكس بيكو وإلي اليوم ومازلت علي موقفي من المقاومة منذ سافرت إلي لبنان بعد الاجتياح عام ..1982 وحينما قابلت الشيخ نبيل قاووق من قادة حزب الله.. فهل تعتقد أن الصهيونية العالمية ستقبل بمثل هذه المواقف من نائب بريطاني؟! هم يعرفون أن القادة العرب خذلوا شعب فلسطين ويدركون خطورة تحولها إلي قضية كل الإنسانية .. لقد شاهدت علي الجزيرة في بداية الانتفاضة امرأة فلسطينية تصرخ أين العرب أين العرب؟؟ .. وتقول أين الكفار لينقذونا .. هي فقدت كل أمل في إخوانها العرب والمسلمين.. وقد دخلت يومها في حالة اكتئاب وحزن.. أين تلك الأمة العظيمة الممتدة من المحيط الأطلسي إلي الخليج العربي.. أين الأسلحة التي يشتريها قادتكم منا بملايين الدولارات .. انها جبال من الأسلحة الأمريكية والبريطانية تشترونها بأموالكم من أجل دفع عجلة الاقتصاد الأمريكي والبريطاني ولكنها لاتستخدم للدفاع عن فلسطين!! ألا توجد لكم أماكن مقدسة في فلسطين؟! ھ وأنت في قلب الحركة الشعبية الأوروبية ماذا تقول للحركة الشعبية العربية في كفاحها ضد الهيمنة الأمريكية والاحتلال الصهيوني؟ ھھ أقول اعملوا معا.. اتحدوا في مقاطعة أعدائكم.. لاتبيعوهم ولاتشتروا منهم بدءا بالكوكا كولا وانتهاء بالأسلحة والطائرات الحربية.. قاطعوا ممولي اسرائيل.. عندها سيدفعوا إسرائيل إلي القبول بدولة فلسطينية عاصمتها القدس.. ويعود اللاجئون الفلسطينيون.. ابحثوا عن أوراق للضغط علي ذلك العالم وأجبروه علي أن يحترمكم قليلا، فأنتم أمة عظيمة لها تاريخ ومستقبل.. من أرضكم خرجت الأبجدية والعلوم ولا أعرف كيف تفرطون في وحدتكم.. نحن في أوروبا بنينا اتحادا فيما بيننا رغم إرث عدائي ولغات مختلفة جدا وحوالي اثني عشر دينا مختلفا .. ومع ذلك نبني الوحدة حتي لا تبتلعنا أمريكا.. أما أنتم فيعاقبكم الغرب في كل مناسبة وينهب ثرواتكم ويهدد مستقبلكم فضلا عن حاضركم بل ويحتل عواصمكم وهو مقدم بالتأكيد علي تغيير كل شيء كما قلت مرارا .. نظمكم السياسية.. معاييركم الأخلاقية.. طقوسكم الدينية .. فماذا تفعلون؟! ھ أخيرا هل أنت راض عنما قمت به تجاه العراق والعرب عموما أم أنك كنت في المعركة الغلط؟! ھھ بالطبع راض كل الرضا .. لقد أعطيت دم حياتي السياسية لمعركتي إلي جانب شعب العراق وأشعر أني أديت واجبي الإنساني وسأستمر في مواجهة كل من ساعد في دمار العراق بفعل الغزو البريطاني الأمريكي .. لأن هؤلاء المنحرفين ومجرمي الحرب يقودون الإنسانية إلي غد أكثر تعاسة أجري الحوار: محمود التميمي الأسبوع المصري