تراوحت تحليلات ومتابعات الصحف الوطنية، التي صدرت أمس الثلاثاء، للأحداث الدامية التي وقعت في البيضاء الجمعة الماضي بين التحليل الموضوعي الذي يدعو إلى الوحدة الوطنية في الظروف الحالية العصيبة، والوقوف أمام كل دعوة لفصل الدين عن الدولة، والتشديد على ضرورة تماسك الصف بين جميع تيارات ومكونات المجتمع المغربي لمجابهة العنف والإرهاب، بعيدا عن المزايدات السياسية والحسابات الضيقة، وبين التحليلات، التي تبنت الأفكار الاستئصالية اتجاه الحركات الإسلامية المعتدلة، والتي كشرت عن أنيابها بهدف نفث بذور التفرقة والتمزيق من جديد، باسم مناهضة التيارات الإسلامية بكل تلاوينها، وباسم الحفاظ على المشروع الديمقراطي. "العلم" وسؤال الأمن بالمغرب قبل الأحداث وبعدها دعت يومية العلم الأجهزة الأمنية الداخلية إلى إجراء نقذ ذاتي بالمفهوم الإيجابي، بعد أحداث الدارالبيضاء المؤلمة، على غرار ما قامت به الولاياتالمتحدةالأمريكية عقب تفجيرات 11 شتنبر 1002. وتساءلت اليومية نفسها، في افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء، عن دور جهاز الأمن: "ليس انتقاصا من حزم أجهزة الأمن أن نقول لماذا؟ لماذا استطاع ثلة من المسخرين للفكر والعمل الأجنبي أن يحضروا الجريمة، ويتأهلوا بالسلاح التدميري، وأن ينفذوا العمليات الخمس دون أن يكون خبرهم عند أجهزة الأمن التي اجتمع معها جلالة الملك ودون أن يكون عندها خبر عما يراد بالمغرب قبل مساء الجمعة الأسود؟!"، وتابعت يومية العلم بقولها :"ماحدث لارجعة فيه، وما حدث لا يعيدنا إلى الوراء، لكن يجب أن يحفزنا للإسراع إلى الأمام، لنبطل الهدف من الجريمة وهو عرقلة المسيرة"، وأضافت اليومية ذاتها: "كل برامج الدولة التنموية يجب أن تأخذ طريقها إلى الأمام وبالسرعة المطلوبة، ويجب ألا يقف بنا التفكير فيما حدث". وطالبت العلم الأمن باليقظة، لأن ما حدث في الدارالبيضاء يحيل إلى عقلية "إجرامية مكونة على أساس هدم المغرب" وليس مجرد "مجرمين عاديين". "الصباح" تنتقد التناول غير الموضوعي للإعلاميين الجزائريين أفادت الصباح أن مصطفى الرميد رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب صرح لها أن فريقه سيتقدم بطلب لعقد جلسة خاصة لمناقشة تفجيرات البيضاء بمجلس النواب، وذكرت في الآن ذاته خبر منع مصطفى الرميد من الإدلاء بتصريح لقناة الجزيرة بالصوت والصورة من أمام فندق فرح بالدارالبيضاء. وزعم النهج الديمقراطي ،أحد الفصائل اليسارية الراديكالية، أن بروز التيارات المتطرفة "ثمرة مرة لتشجيع ودعم الإمبريالية والرجعية في العالم العربي والإسلامي"، ولم يستثن النهج الديمقراطي حسب الصباح "المغرب، وخاصة أيام عبد الكبير العلوي المدغري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق، الذي كان يشجع القوى الأصولية لتوظيفها في الصراع ضد القوى الشيوعية والتقدمية". وسجلت "الصباح" ليوم أمس أن محللين فسروا "مسيرة الحركات الإسلامية بالرباط الأحد الماضي، بسعي منظميها إلى رفع كل الالتباسات، وإزالة الاتهامات التي بدأت تلصق بهم على هامش الأحداث البربرية التي كانت الدارالبيضاء مسرحا لها". وانتقدت "الصباح" في افتتاحيتها التناول غير الموضوعي الذي قام به الصحافيون الجزائريون، في تغطياتهم الإعلامية لأحداث البيضاء الدامية، متهمة إياهم بالتشكيك في أمن واستقرار المغرب، وقالت الصباح: "ندعو الصحافيين الجزائريين الذين استغلوا بشكل مقرف الأعمال الإرهابية والهمجية التي استهدفت الدارالبيضاء إلى زيارة المدينة لينظروا بأعينهم كم هي آمنة". "التجمع" مزيدا من البقظة دعت يومية "التجمع" في عددها ليوم أمس، إلى التعبئة المستمرة واليقظة الدائمة، والاستعداد الشعبي المتواصل للتعاون مع قوات الأمن ومختلف مصالح وأجهزة الدولة لضمان الطمأنينة وحماية استقراره. وحيت عاليا رجال المطافئ "لأنهم كانوا رفقة الضحايا مساعدين في مستوى واجبهم المهني والوطني". "الحركة" تهاجم تطرفات النظام العالمي الجديد قالت "الحركة"، في افتتاحيتها ليوم أمس:"إن ما لمسناه يجب قراءته بعمق واستلهام الدروس منه رغم ما يستدعيه من اجتثات أمني له، وجدية في الضرب بيد من حديد على يد كل من سولت له نفسه تكرار تصفية الأبرياء بسبب الحقد الأعمى، في إطار القانون وسيادته"، وتابعت الحركة: "بمعنى أن نضع التطرف المغربي"الديني" منه أو "العرقي"، في سياقه الشامل والصحيح، وألا نقرأه معزولا عن صعود التطرفات والعنصريات في العالم، الإسلامية والمسيحية واليهودية. وأضافت الحركة: "إن الاجتثاث الراديكالي لا توجد شروطه كاملة في الفعل الأمني وحده، وإنما في الحد، على الأقل، من تطرفات النظام العالمي الجديد وانعكاساته على الإنسان المعاصر، وتابعت: "يجب عولمة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتدفق القيم الإنسانية الكونية بالتوازي مع تدفقات المال والسلع عبر الحدود بحرية، وذلك أضعف الإيمان"، ونشرت الحركة مقالا أشار فيه صاحبه إلى أن المعروف على المغرب أنه يتبنى المذهب المالكي، "وهو مذهب محافظ على السنة الصحيحة بدون تطرف، ولأن أيضا التصوف الذي اغترف من هذا المذهب تصوف وسط ينادي بالجهاد من أجل الدفاع عن الإسلام والوطن، ولا يتبنى المواقف المتطرفة المتمثلة في العمليات الانتحارية"، وتساءل صاحب المقال ذاته عن كيف تسربت حركات متطرفة هدامة إلى المغرب المعروف بأنه مالكي وملكي، وعزا الكاتب المذكور هذه التسربات إلى الاستقلالية التامة للأسرة والمدرسة والمجتمع والمسيد في احتضان الأطفال والتعاون على تربيتهم، ووجود جماعات إسلامية مدعمة من الخارج أو من الداخل، تدعو إلى الإسلام الصحيح،حسب زعمها، وتجند المنتسبين إليها، فضلا عن معضلة البطالة. "لوبنيون": لا لفصل الدين عن الدولة دعت جريدة "لوبنيون" في افتتاحيتها لعدد أمس إلى عدم الخلط بين الدين والأعمال الإرهابية، معتبرة كل دعوة إلى فصل الدين عن الدولة خطأ فادحا. وأكدت "لوبنيون" في الافتتاحية ذاتها أن "المغرب بلد مسلم يشكل إسلامه المنفتح والمتسامح كنه نمط حياته". "رسالة الأمة": مسؤولون حكوميون يتسابقون وسجلت "رسالة الأمة" أن مسؤولين حكوميين يتسابقون للإدلاء بتصريحات متناقضة بحثا عن النجومية، وتصدر الأحداث وتصفية الحسابات. واستغربت رسالة الأمة نقلا عن مصادر أمنية "تصريحات لوزراء الحكومة تستبق الأحداث في توجيه أصابع الاتهام إلى هذه الجهة أو تلك فيما ما زالت التحقيقات جارية". وأشارت "رسالة الأمة" في سياق التصريحات المتناقضة التي ذهب إليها وزير العدل من كون جماعة الصراط المستقيم قد تكون متورطة في عمليات البيضاء، وكذا تصريحات وزير الداخلية الذي نسب هذه العمليات إلى أيادي الإرهاب الدولي. فيما فسر وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأحداث الإرهابية ب"الصراع بين المشروعين الحداثي والإسلامي". "الأيام": مسؤولية أمريكا قائمة رأت أسبوعية "الأيام" أن "للولايات المتحدةالأمريكية بكل تأكيد، دورا أساسيا في ما حصل بالدارالبيضاء"، وقالت "فبعد 11 شتنبر، لم تعد للإدارة الأمريكية حدود في إهانة أصدقائها وخرق سيادتهم أما خصومها فإنها كانت ببساطة تقنبلهم"، وختمت الأيام في مقال لمدير تحريرها "لقد برهن انتحاريو 61 ماي على أنهم قادرون على تجاوز كل احتياطاتنا وخصوصا القانونية منها، فما عسى قانون للإرهاب أن يفيد مع حمقى يقذفون بأنفسهم إلى موت أعمى، فالقانون لا يحاكم الأموات". "بيان اليوم" تهاجم الإسلاميين نفثت "بيان اليوم" سمومها وأحقادها اتجاه جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية، في "ربع كلمتها" ليوم أمس. وقالت "توجه وفد عن كل من جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية لأداء صلاة العصر بالمقبرة اليهودية" وأضافت "بالطبع، فكل الذي يعرف الإسلام يعرف أن صلاة الخوف توجد ضمن العبادات التي يمكن أن يقوم بها المسلم في حالة الخوف الشديد" غير أن الذين يعرفون جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية، ويعرفون مواقفهم الداعمة للعنف الدموي والإرهاب، يدرك لا محالة أن الصلاة التي قام بها وفد الجماعتين... لا علاقة لها بصلاة الخوف على وجهها الصحيح". وزعمت "بيان اليوم" أن هذه الصلاة إنما هي صلاة من طراز جديد صلاة الخوف و"الخلعة" من "الهرمكة" التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من ضلوعهم، و"نصحت" بيان اليوم هؤلاء الإسلاميين بالتشبث بمواقفهم هذه والتي يعرفها العام والخاص. "الأحداث المغربية": الإسلاميون في وضع حرج ذهبت "الأحداث المغربية" إلى أن "الإسلاميين" اليوم يوجدون في وضع حرج بسبب تأييدهم اللامشروط لتيارات السلفية الجهادية، حسب زعم "الأحداث"، وقالت تلك "الأحداث" إنهم "يرفضون الاعتراف بأخطائهم ويواصلون اللعب بالنار"، وادعت أن المخاطبين في الحركة الإسلامية يتبنون الخطابات التعميمية التي "لا تلوي من ورائها على موقف واضح. وعابت على بعض الديمقراطيين مساندتهم للحركات الإسلامية في مجاراتها بشأن قانون مكافحة الإرهاب. وقالت على لسان عبد العلي بنعمور "ألوم بصفة أشد عددا من نخبنا على مجاملتها الحركات الأصولية، فمنهم من رفض محاربة قانون الإرهاب جملة انطلاقا من رؤية خاطئة للديمقراطية". "الاتحاد الاشتراكي": وحدة وطنية وتجاوز للخلافات ورأت "الاتحاد الاشتراكي" في عمود "من يوم لآخر" أن ما حدث بالبيضاء "إذا كان من أغراضه الدنيئة زرع الفتنة في ما بيننا فإنه يتوجب علينا ألا نخلط بين واجبنا في أن نستأصله كإرهاب إجرامي غريب عن كياننا، وما بين ما تتطلبه مجريات الأمر السياسي من تدبير لخلافتنا الداخلية، في إطار قواعد الحوار الديموقراطي وأخلاقيات السجال المؤدب والمتحضر والاحتكام إلى مؤسساتنا وصون ثوابت بلادنا ومقدساتنا". وقالت "الاتحاد الاشتراكي": "إن ما حدث هو من المباغتة والعنف ما سيجعل بعضنا يراجع نزوعات التشنج في ذاته، ويهتدى إلى أن التعايش بين أنماط السلوك والأفكار والقناعات أمر لا مفر منه، وأن لغة الإقصاء المتبادل التي تهيئ سريره الوثير للعنف ليست لغة سلام وأمن". وسجلت "الاتحاد الاشتراكي" في افتتاحيتها ليوم أمس أن "المغاربة الذين تلقوا بارتياح موقف التنديد بالعمليات الإرهابية، لينتظرون من هذه الحركات، إشارة إلى الحركات الإسلامية، أن تتعبأ بجانب كل الديمقراطيين للتصدي لكل الذين يريدون سوءا ببلادنا، فاللحظة هي لحظة الوطنية بعيدا عن كل الحسابات السياسوية، لحظة حماية الكيان وتماسكه واستقراره، لحظة التخلي عن الأنانيات واعتماد التضامن العضوي بين كل مكونات المجتمع لعزل المخربين وقهرهم. محمد أفزاز