أعلن غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي أن المشروع الأمريكي الجديد لقرار مجلس الأمن الدولي حول سوريا لا يختلف كثيرا عن المشروع الذي رفضته روسيا والصين سابقاً. في وقت دعا فيه قادة غربيون «فلاديمير بوتين» الذي أعيد انتخابه رئيسا لروسيا إلى «مراجعة السياسة الروسية حيال سوريا» التي أثارت استياء دول عديدة بإصرارها على دعم نظام بشار الأسد في حربه «الدموية» على الشعب السوري الذي يطالب بتنحيه عن السلطة وبناء نظام ديمقراطي غير ديكتاتوري. وعلى الأرض، أعلنت لجان التنسيق المحلية مقتل 15 شخصا في سوريا، أول أمس، معظمهم في حمص، في وقت سادت حركة نزوح واسعة في أرجاء عدة داخل البلاد. بالتوازي مع مواصلة الجيش السوري لعملياته الإجرامية ضد معاقل المنشقين عن النظام في عدد من المناطق، مشددا الضغط على مدينة الرستن في محافظة حمص «وسط». وقال غاتيلوف على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن «المشروع الأمريكي الجديد لقرار مجلس الأمن الدولي حول سوريا هو نسخة معدلة قليلا للمشروع الذي تم رفضه من خلال استخدام حق النقض «الفيتو» وهو في حاجة لتوازن كبير»، مما يعني أن أي قرار أممي بشأن الأزمة في سوريا لا يتفق مع الموقف الروسي سيكون مصيره الرفض بلا تردد. وكانت فرنسا، أعلنت أن مجلس الأمن الدولي سيبدأ الثلاثاء (أمس) العمل بشأن قرار مقترح لوقف العنف في سوريا، وتمكين وصول مساعدات إنسانية إلى الشعب السوري. ومن جهتها، أعربت الولاياتالمتحدة عن أملها في أن تتبنى موسكو «نظرة جديدة» حيال الوضع في سوريا إثر إجراء الانتخابات الرئاسية في روسيا. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند «نأمل بنظرة جديدة «من جانب روسيا» حيال المأساة في سوريا بعد انتهاء الانتخابات»، وخصوصا أن روسيا لا تزال ترفض أي تدخل في الشان الداخلي السوري. ومن جانبه، دعا وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه فلاديمير بوتين الذي أعيد انتخابه رئيسا لروسيا إلى «مراجعة السياسة الروسية حيال سوريا». وقال جوبيه في مؤتمر صحافي في بوردو «أود أن أوجه نداء إلى الرئيس الجديد بوتين يمكنه مراجعة السياسة الروسية حيال سوريا». واعتبر أن روسيا «عزلت نفسها بالكامل عن بقية المجتمع الدولي» و»الصين بدأت تطرح بضعة أسئلة على نفسها» حول «مدى صحة موقفها». وأضاف «إذا تمكنا سريعا من إصدار قرار في مجلس الأمن «الدولي» يعطي أمرا دوليا لنظام دمشق بوقف العنف والسماح بإيصال المساعدة الإنسانية وتطبيق خطة الجامعة العربية، فهذا سيكون تقدما ملحوظا. الأمر ليس مستحيلا، سنعمل عليه في الايام المقبلة». وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن من موسكو عن لقاء سيعقد بين روسيا ووزراء الخارجية العرب في القاهرة السبت المقبل، للبحث في الأزمة السورية. ويأتي ذلك بعدما عبرت دول عربية عدة عن استيائها من الموقف الروسي الداعم للنظام السوري والرافض لإصدار قرار في مجلس الأمن الدولي يدين قمع نظام بشار الأسد للحركة الاحتجاجية السلمية، المطالبة بالديمقراطية والحرية سوريا، والذي أوقع أكثر من 7500 قتيل، بحسب الأممالمتحدة. واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون في براغ أن «على المجتمع الدولي أن يتحرك في سوريا لإيصال مساعدات إنسانية «...». على روسيا أن تساعدنا في بلوغ هذا الهدف وان تقر بضرورة قيام نظام جديد في سوريا». من جانبه، دعا السناتور الأمريكي جون ماكين، أول أمس، إلى شن ضربات جوية في سوريا لمساعدة المعارضة. وقال السناتور الجمهوري أمام مجلس الشيوخ إن على واشنطن التحرك وهذا الأمر سيتطلب من الولاياتالمتحدة «القضاء على الدفاعات العدوة المضادة للطيران على الاقل في قسم من البلاد». وأضاف أن «الوسيلة الواقعية» لوقف العنف ضد المدنيين هي «قوة ضربة جوية أجنبية». وماكين هو أول مسؤول أمريكي يتحدث عن ضربات جوية في سوريا. وفي حين أعلنت واشنطن إضافة اتحاد الإذاعة والتفزيون السوريين إلى قائمة الهيئات الاعتبارية والشخصية المستهدفة بالعقوبات المالية، شددت كندا عقوباتها لتشمل المصرف المركزي السوري وسبعة وزراء، ليرتفع إلى 115 عدد المسؤولين السوريين المستهدفين بالعقوبات الكندية. قتلى بالعشرات ونزوح في هذا الوقت، تجدد الضغط، أول أمس، على مدينة الرستن في محافظة حمص التي انسحبت منها قوات النظام قبل أسابيع والتي تتعرض منذ ذلك الوقت لقصف مدفعي وصاروخي شبه يومي. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن مصدر القصف قوات النظام التي تحاصر المدينة. وأعلنت لجان التنسيق المحلية مقتل 15 شخصا في سوريا، أول أمس، معظمهم في حمص، في وقت سادت حركة نزوح واسعة في أرجاء عدة داخل البلاد. ورأى مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي من بريطانيا مع وكالة فرانس برس أن «النظام سيحاول تكثيف الضغط على الرستن»، مشيرا إلى «تحضير لمحاولة اقتحام المدينة لأنه من الواضح أنها خارج سيطرة النظام». ورأى عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبد الله في اتصال من حمص مع وكالة فرانس برس أن «ما يجري في الرستن هو نفس ما جرى في بابا عمرو: حصار وقصف مدفعي ومن راجمات الصواريخ». وقال العبد الله إن «عناصر الجيش السوري الحر ما زالوا في الرستن، لن يستسلموا بسهولة، لأن أحدا لا يريد أن يكرر ما جرى في بابا عمرو»، مؤكدا حصول عمليات «قتل للشبان واغتصاب لفتيات ونساء، ونهب بيوت». وقال العبد الله «الشباب الموجودون على الأرض هم الذين يقررون الانسحاب أو الصمود. ما نعرفه حتى الآن هو أن آخر كلام لهم أنهم سيبقون في الرستن حتى لا يتكرر ما جرى في بابا عمرو». كما استمر القصف على مدينة القصير في حمص، بحسب ناشطين. وقال أنس أبو علي من الجيش الحر إن «القصير تقصف بالدبابات والراجمات»، مضيفا أن «الوضع حذر ويدعو للقلق»، وأن «القصير فارغة تقريبا من السكان». وأفاد ناشطون أن القوات النظامية السورية نفذت حملة مداهمات واعتقالات في حيي جوبر والسلطانية المجاورين لبابا عمرو. وقتل، أول أمس، ستة أشخاص في أعمال عنف في سوريا، بينهم فتاة في الثالثة عشرة في محافظة حمص «إثر إصابتها برصاص قناصة»، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما قتل مواطن في يبرود في ريف دمشق خلال عملية اقتحام للمدينة نفذتها قوات النظام وتلتها حملة مداهمات واعتقالات، بحسب ناشطين. وأشار الناطق باسم اتحاد تنسيقيات دمشق وريفها محمد الشامي إلى وجود «الكثير من المجندين الذين تخلفوا عن الالتحاق بالخدمة في المدينة، وعسكريين في الجيش لجأوا اليها بعد الانشقاق لأنها كانت تعد آمنة نسبيا». في محافظة إدلب «شمال غرب»، قتل فتى في الرابعة عشرة من عمره برصاص قناصة في مدينة سراقب. وفي محافظة درعا «جنوب»، أفاد المرصد عن مقتل «مواطن من قرية المليحة الغربية قضى تحت التعذيب على أيدي قوات الأمن السورية». كما قتل مدني في مدينة درعا إثر إصابته باطلاق رصاص خلال اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعة منشقة. وفي محافظة حلب «شمال»، قتل رجل في بلدة الاتارب في «رصاص عشوائي من القوات النظامية السورية». وفرقت قوات الامن٫ أول أمس٫ تظاهرة طلابية خرجت من كلية الزراعة في جامعة حلب مطالبة باسقاط النظام، واعتقلت ثلاثة من الطلاب المتظاهرين، بحسب المرصد. وأفاد محمد الحلبي من اتحاد تنسيقيات حلب ان مجموع الطلاب الذين تظاهروا، أول أمس، في كليات مختلفة وصل الى ثلاثة الاف متظاهر، وان اعتصاما ل»محامي حلب الاحرار» نفذ في القصر العدلي، وهتف المشاركون فيه للحرية وضد النظام. ثم تحول الاعتصام الى تظاهرة. وأشار إلى أن «قوات الأمن دخلت قصر العدل واعتدت على المحامين». كما أشار إلى خروج تظاهرة أخرى مسائية في حي الصاخور شارك فيها مئات الأشخاص، لافتا إلى أن التظاهرات في حلب التي كانت حتى أسابيع خلت في منأى إلى حد ما عن الحركة الاحتجاجية، «أصبحت تخرج بشكل يومي، وحي الصاخور كل يوم فيه تظاهرات». كما تحدث عن «أزمة بنزين خانقة» في مدينة حلب منذ أيام، وعن تقنين في التيار الكهربائي، وأزمة مازوت مستمرة. وفي سياق متصل فرّ مئات السوريين إلى لبنان خلال اليومين الماضيين الماضية متحدين دوريات الجيش والطقس الشتوي المتقلب ليهربوا من أعنف قصف تتعرض له بلداتهم الحدودية خلال الحملة المستمرة منذ عام لقمع الاحتجاجات المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد. وفي بلدة عرسال الجبلية بوادي البقاع في لبنان، قال السكان: إن ما بين 100 إلى 150 عائلة وصلت من سوريا مساء الأحد في واحدة من أكبر عمليات اللجوء حتى الآن، وذكرت العائلات أنها فرت من هجوم متواصل للجيش على بلدة القصير السورية بالدبابات والقذائف الصاروخية والمروحيات. ولم تتمكن سوى بضع عائلات من نحو 2000 عائلة فرت من القصير من عبور الحدود دون أن توقفها القوات السورية.